اخذت أفكر يوما في حال ابنة جيراننا المطلقة، التي منذ ولادتها يعتقد والداها أنها ذات حظ سيء، ثم تربت هذه الفتاة مع مجموعة من الاخوة الذكور الذين لم يتلقوا التربية الجيدة من احترام للآخرين، بل السلطة الأولى والأخيرة للذكر على الأنثى، واعتبر حظها سيئاً لوجودها بين أخوتها.. اعتبرت هي خادمة البيت لكونها الفتاة الوحيدة في البيت فأوكلت لها والدتها الأعمال المنزلية لانشغالها بالزيارات والخروج للأسواق والمشاكل التي كانت بينها وبين الأب، فلم يكن لديها الوقت للقرب من ابنتها الوحيدة، واعتبر حظها سيئاً لقسوة والدتها عليها ثم حصل طلاق والديها، فخروج الذكور من المنزل وبقاؤها مع زوجة الأب القاسية، التي حرمتها من الدراسة، والخروج والزيارات، حتى زيارة أمها وبذلك اعتبر حظها سيئاً.
ومن ثم جاء فارس الأحلام ولكن لم يكن على حصان أبيض على حمار ولو كانت للحمير اللون الأسود لقلت ذلك، فاعتبرته الملاذ لها للخروج من هذه الحياة القاسية، فتوقعت ان الحظ ابتسم لها، لم تعلم ماذا ينتظرها، رجل شبه فقير ذو دخل محدود جداً يشترك مع أهله في المعيشة، لم يكمل دراسته ذو وظيفة شاقة، هذه الفتاة مع زوجها طوال اليوم للخدمة ولسماع الكلمات الجارحة، وعند قرب موعد عودة زوجها لا تفرح كما كل النساء بل تفكر في مشاكله، فيعود، ضائق الحال والمزاج، ويبدأ بالسباب والشتم واللعن على اتفه الأسباب، ليس هناك احترام لمن قامت على خدمة أهله وخدمته، أو حتى كلمة مواساة، استمرت حياتها قرابة الست سنوات انجبت خلالها 3 من الأبناء، ثم طلقت، ورميت في بيت أهلها، عادت الى زوجة الأب القاسية، وليس بمفردها ولكن معها ثلاثة أبناء لا مكان لها ولا لأبنائها عند أهلها. لم اعتبره سيئاً بقدر ما اعتبره قضاء وقدر، لقد لقبت بذات الحظ السيىء أو الوجه النحس، كما لقب غيرها وغيرها.
فالطالب المتخرج من الجامعة الذي لم يجد وظيفة يعتبر ذا حظ سيىء، الذي لم تقبله الجامعة لضعف درجاته في الثانوية العامة يعتبر ذا حظ سيىء والفتاة التي لم تتزوج وأصبحت عانساً، تعتبر ذات حظ سيىء وغيرها وغيرها..
أخذوا بقول الشاعر:
ان حظي كرماد فوق شوك نثروه
ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه
صعب الأمر عليهم ثم قالوا اتركوه
|
إن من يشقيه ربي كيف أنتم تسعدوه حيث أصبح صاحب الحظ القليل كما لقب يعاني من الأمراض النفسية والجسدية ويحب العزلة، ويبتعد عن الناس، لكي لا يصيبهم بعدوى الحظ السيىء ، فقد قال الرسول الكريم «عجباً لأمر المؤمن أن أمره كله خير.. ان اصابته ضراء صبر وان اصابته سراء شكر».
فأين نحن من هذا القول الكريم، لماذا لا نحتسب الأجر ونؤمن بأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطئنا لم يكن ليصيبنا، ونؤمن بأن ما يجري في حياتنا إما ابتلاء، ونحس بأن الله إذا أحب عبد ابتلاه أو نعتبرها عقوبة ونقول اللهم عاقبنا على وجه الأرض ولا تعاقبنا تحت الأرض فعذاب الآخرة أشد وأنكى.
فالانسان يعتبر مخيراً بين الخير والشر ولكنه مسير فيما يحدث له سواء خيراً، أم شراً، فلا يولد الانسان إلا وصحيفته مكتوبة أهو شقي أم سعيد فلابد من شكر الله وحمده على ما يجري لنا من أحداث سواء سعيدة أم غير سعيدة لأنها من عند الله، فما الدنيا إلا ممر وعبور للوصول الى الجنة أو النار.
فمرحى بمن توكل على الله، وآمن بقضاء الله وقدره وتوجه اليه بالدعاء، فلا تيأس من رحمة الله، ادعو الله وأنت واثق من الاجابة ومن رحمة الله الواسعة، فما دمت مؤمنا بذلك فهذا هو الحظ الجيد في الحياة، وما يطرأ عليها من أحداث فهي من عند الله والله رحيم بعباده.
دعاء «اللهم يا فارج الهم، يا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطر إذا دعاك، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ارحمني رحمة من عندك تغنيني بها عن رحمة من سواك».
فالعبد في التفكير، والرب في التدبير.
هدى أحمد الشاعر / الرياض
|