* الطائف - هلال الثبيتي :
تراه للوهلة الأولى تشفق عليه وتريد مساعدته ولكن عندما تقترب منه وتتحدث معه تكتشف أنك أمام رجل عركته الحياة، أعطته الكثير من الصبر ورفعة النفس، أعطته تحمل المتاعب في ظل الكسب الحلال لسد قوت يومه.
كنت أسير في الشارع الرئيسي بمحافظة الطائف، شارع «حسان بن ثابت» برفقة المصور وكنا منهمكين في الحديث عن موضوع يخص العمل الصحفي فإذا بذاك الرجل الذي ترى على هيئته كفاح السنين وبقايا الأيام في وجهه البشوش أوقفت المركبة بسرعة ونزلت ومعي المصور واقتربت منه وألقيت عليه السلام فرد بروح عالية وعندما شاهد المصور يجهز آلة التصوير سألني من أنتم؟ قلت له من صحيفة الجزيرة. فقال: ماذا تريدون مني؟. قلت له: أريد أن اتحدث معك عن قصة كفاحك خلف هذه العربة التي تدفعها. فقال: أنا حمدي بن عليان السفياني.
* كم عمرك؟.
- عمري تجاوز السبعين عاماً.
* هل أنت متزوج؟
- تزوجت أربعاً من النساء مات اثنتان منهن ولي من الأبناء والبنات سبعة.
* ما الذي جعلك تجوب الشوارع خلف هذه العربة؟
- لقد قست عليَّ الحياة حيث وقع لي حادث سير وكسرت يدي مما أفقدني العمل في الأعمال الشاقة فبدأت أبحث عن عمل فلم أجد ما يناسب قدراتي إلا هذه العربة التي بيني وبينها صداقة أكثر من عشرين عاماً.
* أليس لك دخل غير هذه العربة؟
- لا ليس لي دخل سوى الضمان الاجتماعي الذي يصرف لي.
وهل يكفي تلك الأفواه؟ لا، ولذلك رأيت من واجبي ان أعمل رغم ظروفي الصحية وعدم مد يدي الى الناس ومساءلتهم وهذا أفضل لي حيث اذهب الى حلقة الخضار وأشتري منها على قدر طاقتي المادية والبدنية ثم أقوم بوضعها على هذه العربة حيث تبدأ رحلة البحث عن لقمة العيش من بعد صلاة الفجر يومياً ولا أعود إلا بعد صلاة الظهر أو بعد صلاة العصر.
* كيف ترى العائد المادي؟
- الحمد لله أحصل على ما يبعدني عن مساءلة الناس.
* ألا تتعب من السير في هذه الشوارع طوال اليوم؟
- وهل لي سبيل آخر؟ إنني أقطع يومياً ما يزيد على 80كلم سيراً على الأقدام خوفاً من مساءلة الناس.
وأخيراً
إنها قصة كفاح لرجل لم يعرف اليأس رغم كبر سنه وظروفه الصحية استطاع بصبره وحكمته أن يتقي مساءلة الناس ويقطع يومياً ما يزيد على ثمانين كيلاً للبحث عن لقمة العيش من خلال بيع الخضار على عربته التي يجوب بها شوارع محافظة الطائف.
| 
