Friday 28th february,2003 11110العدد الجمعة 27 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أبو الفوارس أبو الفوارس
منيرة صالح الدريعي

كانت أمه «زبيبة» الحبشية، فلم يعترف به أبوه «شداد» في أول الأمر، لأن أمه جارية ولكنه استطاع بشجاعته أن يجبره على الاعتراف به، حين احتاج إليه للدفاع عن قبيلته ضد ذبيان حيث قال:


سكتُّ فسر أعدائي السكوتُ
وظنّوني لأهلي قد نسيتُ
وكيف أنام عن سادات قومٍ
أنا في نعمة لهم ربيتُ
وإن دارت بهم خليل الأعادي
ونادوني أجبت متى دعيتُ

ومن أقوال عنترة: «لئن كنت قادراً على أن أمنع حرمكم، وأذود عن حريتكم فإني لأشد الناس عقوقاً لنفسي إذا كنت أحفظ عليكم كرامتكم وأهدر كرامتي».
وقصة حبه لعبلة بنت عمه «مالك» خالدة في التاريخ لما فيها من عفة ونضال وبطولة أسطورية:


هل غادر الشعراء من متردمِ؟
أم هل عرفت الدار بعد توهُّم
يا دار عبلة بالجواء تكلمِي
وعمي صباحاً دار عبلة واسلمِي

وقوله لأخيه شيبوب: «لست أشك في مودتك وحرصك على خيري، ولكن ما بال قلبي وعبلة ولو ذهبت لغيري لكان في ذلك قتلي، فليس لي إلا أن أركب الوعر وأن أقدم على كل خطر».
وتدور معلقته حول بكاء الأطلال والغزل العفيف والفخر الفردي، وعظة النفس كما هو معروف في بناء القصيدة العربية القديمة إذ قال حينما يفخر بنفسه:


خلقت من الحديد أشد قلباً
وقد بلي الحديد وما بليتُ
وفي الحرب العوان وُلدت طفلاً
ومن لبن المعمع قد سقيتُ
ولي بيتٌ علا فلكَ الثُّريّا
يخرُّ لعظم هيبتِه البيوتُ

أما قوله في الشجاعة والكرم:


هلا سألتِ الخيل يا ابنة مالكٍ
إن كنت جاهلة بما لم تعلمِي
يخبرْك من شهد الوقيعة أنني
أغشى الوغى وأعَفُّ عند المغنَمِ

كما قال أيضا في شجاعته ووصفه لخيله:


لما رأيتُ القوم أقبل جمعُهم
يتذامرون كررت غير مذمَّمِ
يدعون عنتر والرماح كأنها
أشطانُ بئر في لبان الأدهمِ
ما زلت أرميهم بثغرة نحرِهِ
ولبانه حتى تسربل بالدمِ
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
ولكان لو علم الكلام مكلِّمي

وقد كان العرب يعجبون بشعره لتدفقه وروعته، ويسمون معلقته «بالمذهبة» لجمالها وقد توفي عنترة قبل الإسلام، حيث ضربته الشمس، بعد أن ضعف وكبرت سنه، ولشهرته نسب إليه شعر كثير منحول وألفت عنه قصص شعبية، معظمها أساطير.
وقد قيل في قوته حينما خرج الى أرض الطرق يطلب النوق العصافير «مهراً لعبلة وهو أغلى المهور» كانت عند الملك النعمان حينما أدركته كتيبة من الفرسان أحاطوا به وبالنوق التي سامتها، وقد دارت معركة هائلة سقط عنترة فيها جريحاً وحمل الى الحيرة بين الحياة والموت إذ ألقي في سجن النعمان حتى التأمت جراحه.
وقد أظهر شجاعة لا مثل لها عند النعمان حينما قال معتداً بنفسه:
«وهل على امرئ من عار إذا أخذ أسيراً، وهل عليّ من عار إذا أحاط بي الألوف من جيشك فأثخنوني بالجراح حتى استطعت أن أشرّد من شرّدت وجدّلت من أبطالك من جدّلت، وطاعنت حتى لم يبق في يدي سنان ولا تحتي فرس ..!!
بعدها مات عنترة الفوارس مقتولاً في الحرب، ليس لجبن فيه، بل لكبر سنه وقلة حيلته ووهن في جسده حينما دخل المعركة وهو لا يقوى على امتطاء جواده سنة 615م على يد «الأسد الرهيص» حيان بن عمرة الطائي.
وهو يمثل بأخلاقه وشعره أنموذجاً للفارس النبيل، الذي استطاع بكفاحه أن يحصل على حريته.
* القصيم عنيزة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved