ربما ينبغي على كل من بريطانيا والولايات المتحدة أن يقللا من مطالبهما إذاما أرادا إقناع مجلس الأمن بإعادة النظر في إصدار قرار جديد بشأن العراق.
وقد تحدث السير جريمي جرينستوك سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة عن تقديم لغة جديدة تكون في مجملها أقل عدائية من تلك التي سبقت لقاء مجلس الأمن السابق عندما صدر القرار 1441.
ومن المحتمل أن الاستراتيجية البريطانية الأمريكية سوف تعتمد على التهديدالذي جاء في نهاية فقرة القرار 1441.
والذي يقول: وقد حذر مجلس الأمن العراق مرارا وتكرارا بأنه سوف يواجه عواقب وخيمة ردا على انتهاكاته المتكررة لالتزاماته وقد صوت جميع أعضاء مجلس الأمن لصالح ذلك بالفعل وبغض النظر عن شكل العبارات التي تم تبنيها في النهاية فإن الولايات المتحدةوبريطانيا لا زالتا متأكدتين من أنهما سوف يلاقيان معارضة من أوروبا.
مما سيحيد بصقور الحكومة الأمريكية إلى انتقاد ذلك والمطالبة بالفيتو لاتخاذ إجراء مبكر ضد العراق.
لذلك فإنه من المناسب أن نتذكر سجل أمريكا نفسها في تقديمها للفيتو ضد القرارات الحساسة من الأمم المتحدة ضد إسرائيل وربما بإثارتنا هذا وفي ذلك الوقت بالذات سوف يعتبر حتما معادي للأمريكيين ومعادي للإسرائيليين ولكن الأمر ليس أي من ذلك فهناك تعارض قانوني طويل الأمد بين معاملة كل من إسرائيل والدول الأخرى في المنطقة وأكبر نقاط ضعف الولايات المتحدة بشأن قضية العراق هي أنها لا تعترف بتاريخها الطويل من المحاباة لإسرائيل.فقد قامت الولايات المتحدة في الثلاثين عاما الماضية بتقديم الفيتو ضد 34 قرارا كان يحاول انتقاد إسرائيل أو كبح جماحها.
وقد قدمت أمريكا الفيتو مؤخرا عندما كان هناك طلب بإعادة أراض احتلتها من الفلسطينيين ووقف بناءالمستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية.
كما حدثت حادثة أقل نسبيا في نوفمبر 1990 عندما أرادت الأمم المتحدة إرسال ثلاثة أعضاء من مجلس الأمن إلى مستعمرة ريتشون ليتزيون عندما قام مستوطن إسرائيلي مسلح بقتل سبعة عمال فلسطينيين وعندها استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضاربة بعرض الحائط رغبات الدول الأربعة عشرة الأخرى في مجلس الأمن لذا فقد أصبح لدى العرب قناعة على مدى ثلاثة عقود أنه يتم حشد الأوراق ضدهم ولكن الأهم من كل ذلك والذي قلما تفهمته الولايات المتحدة أن كل مشكلة للعرب مع إسرائيل تبدو مشكلة مصيرية وحتمية كما هو الحال بالنسبة لجورج بوش فيما يتعلق بنزع أسلحة صدام حسين.
والآن تطلب الولايات المتحدة من الدول الأعضاء في مجلس الأمن أن يصوتوا لصالح قرار جديد أو على الأقل المطالبة بتفسير عبارة «عواقب وخيمة» في القرار1441 على أنها تعني التدخل العسكري لذا ينبغي على الأوربيين أن يذكروا الولايات المتحدة بهذا السجل الفاضح والواضح للانحياز وأن يطالبوا بربط المناقشات حول العراق بالوضع بين إسرائيل والفلسطينيين. وربما كانت كل القرارات التي قامت الولايات المتحدة بوأدها على مر الثلاثين عاما الأخيرة غير ذات أهمية لأن العديد من تلك القضايا التي أثارتها تلك القرارات قد شملها قرار دعمته الولايات المتحدة نفسها في نوفمبر 1967 وهوالقرار الشهير رقم 242 والذي أكد على أن إسرائيل يجب عليها إعادة جميع الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 وهذا القرار لا يزال نافذا حتى الآن ولكن مرعلى الإسرائيليين الآن خمسة وثلاثون عاما من الخرق والانتهاك المادي للقرار242 هذا الخرق الذي ازداد فجورا بالبناء المستمر والمستوطنات في تلك الأراضي المحتلة وبالرغم من إنكار الإسرائيليين فإن الرسالة واضحة وهي أن إسرائيل ليست مستعدة لتبادل الأراضي التي احتلتها مقابل السلام وتظهر أنها تفضل أن تتورط في حرب قذرة مع الجماعات الإرهابية بدلا من التنازل عن شبر مربع للفلسطينيين وذلك العصيان الإسرائيلي للقرار 242 وما تلاه من قرارات مر بمساعدة الولايات المتحدة.
وقد وضح أن ذلك كان بمثابة قلاقل مزمنة في الشرق الأوسط. والإسرائيليون لن يتغيروا وكذلك الولايات المتحدة لن تفعل شيئا لإجبارهم على ذلك.
كما أن الدعم المادي والعسكري الأمريكي لإسرائيل قد ساعد على عدم الإذعان والامتثال لقرارات الأمم المتحدة أما الآن إذا ما قامت فرنسا أو روسيا بالتقليل من شأن قرارات مجلس الأمن ضد العراق إلى هذا الحد فلن نجد من رجال مثل دونالدرامسفيلد ودك تشيني سوى السخط والنقمة والغضب لذا فإن الأمريكيين يريدون مصلحتهم في الاتجاهين وهذا ليس غريبا على القوة الدولية العظمى الوحيدة المهيمنة.
ولكن أن تزعم أن نزع أسلحة صدام حسين يجب أن يحدث أولا لتأمين السلام في هذه المنطقة هو بمثابة إنكار للتهديد الدائم للسلام الذي يسببه العناد الإسرائيلي وهناك العديد من الاقتراحات الجيدة بشأن الإطاحة بصدام خاصة تلك المتعلقة بالإطاحة به عن طريق شعبه البالغ 23 مليون نسمة ولكن العرب لن يمارسوا مثل هذا الضغط حتى يواجه الغرب إسرائيل والإصرار على الإذعان لقرار 242. وصانعو القرار السياسي يعلمون تمام العلم أن ذلك صحيحا ولكنهم في المقابل يقولون ان ذلك أيضا غير واقعي فإسرائيل لديها أسلحة نووية ومن المعلوم للجميع أن أمريكا مجبرة على التدخل في الشرق الأوسط لتمنع أي تهديد للهيمنة الإسرائيلية على المنطقة كما أنه سيصبح أكثر خطورة أن تتصرف إسرائيل بنفسها بصورة علنية بدلا من التدخل الأمريكي وذلك أن تتحرك بقوتها العسكرية العظيمة التي هي عليها الآن.
وإذا ما كانت الولايات المتحدة رفيق إسرائيل ووكيلها في المنطقة. فلن تصبح بالطبع شرطيها الخاص أيضا لذا يجب أن ينتقل الدور إلى دول أخرى كما صرح جاك سترو وزير الخارجية البريطاني واقترب من الاعتراف بذلك في مناظرة جرت مؤخرا في البي بي سي حول العراق وقال ان القضية الإسرائيلية الفلسطينية يجب أن نعاملها بمزيد من الجهد بعد أي حرب محتملة ضد العراق وهذا الجهد ليس من المحتمل أن يأتي من الولايات المتحدة ربما بسبب اللوبي اليهودي في أمريكا والذي سوف يعارض أي تحرك ضد إسرائيل بالرغم من أننا نبالغ في بعض الأحيان في نفوذ ذلك اللوبي وأيضا بسبب أن الولايات المتحدة سوف تكون أضعف من أن تتحكم في الدولة التي تجد نفسها ملزمة ومتعهدة بحمايتها بصورة متفردة عن أي دولة أخرى في العالم وبالرغم من أن المناقشات في مجلس الأمن على مدار هذا الأسبوع سوف تقتصر على العراق فإن إسرائيل ينبغي أن يتم جلبها إلى الصورة والأوربيون في موقف يسمح لهم بالإصرار على إصدار قرار مرتبط وموازي يستطيع مخاطبة كل من العراق وإسرائيل ويكون لديه قوة متوازنة في أعين العالم وبهذه الطريقة فإن تغييرالنظام يمكن الحصول عليه في العراق بدون تداعيات خطيرة على العالم العربي الذي يخشى من ذلك بصورة كبيرة ولهم الحق في ذلك لذا فإن الإذعان مطلوب من إسرائيل بمثل القدر المطلوب من العراق.
(*) عن «الأوبزرفر» البريطانية خدمة الجزيرة الصحفية
|