انهيار الآمال العربية تجاه سياسة واشنطن!
فيليب سماكر (*)

ظهر الرئيس الأمريكي جورج بوش في رسم كاريكاتيري بإحدى الصحف المصريةوهو في إطار شاشة تلفزيون ويقول انني أعتقد بالفعل أن كوريا الشمالية هي أخطر تهديداً للسلام العالمي ولكن وزير دفاعي دونالد رامسفيلد قال لي ان العراق هو التهديد الأخطر وفي ركن الرسم الذي نشرته صحيفة مصرية أخرى ظهرت صورة لحمامة تحمل غصن الزيتون في منقارها وتطلق على نفسها الرصاص من مسدس معها هذه الرسوم الكاريكاتيرية تعكس الصورة السلبية للرئيس الأمريكي الذي كانت سمعته جيدة في العالم العربي عند انتخابه قبل عامين.
فقد وصل الرجل إلى السلطة مع تصاعد الأحاديث العربية عن فرص جديدة للسلام وأن الرئيس الأمريكي يقدر المصالح البترولية لبلاده في الشرق الأوسط ويقول المحللون العرب ان هذا الجو المتفائل تحول إلى نوع من الإحباط وربما التشكيك في هذا الرئيس.
يقول فؤاد مراد رئيس تحرير صحيفة «سوريا تايمز» الناطقة باللغة الإنجليزية ان المشهد الآن يبدو وكأن الرئيس الأمريكي يعرف جيدا حقيقة البترول الموجود تحت أرض المنطقة لكنه لا يفهم على الإطلاق معاناة الشعوب العربية.
ويضيف أننا نعتقد أن الصقور هم الذين يصيغون سياسة واشنطن وأن نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد يقنعون الرئيس بوش بأن استخدام القوة العسكرية يمكن أن يساعد أمريكا في السيطرة على المنطقة العربية ويضيف مراد بأن العرب كانوا يعرفون والد بوش الرئيس جورج بوش الأب وكانوا يعرفون أن لوالده أفكارا محافظة جدا وقدروا عمل وزير خارجيته في ذلك الوقت جيمس بيكر الذي نجح في تكوين تحالف دولي لإنهاء الغزو العراقي للكويت ثم تحدث فيما بعد عن خريطة طريق لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
ويقول جيمس زغبي وهو خبير في قياسات الرأي العام أمريكي من أصل عربي ان التراجع في شعبية الرئيس بوش في منطقة الشرق الأوسط يهدد بفقدان ثقة العرب في السياسات الأمريكية فعندما أطلق الرئيس بوش حملته الانتخابية للفوز بكرسي البيت الأبيض جسد الآمال العربية في بدء عصر جديد من السلام على حد قول زغبي الذي يقول في عام 2000 قمت بجولة في المغرب ومصر ولبنان والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وعندما كنت التقي برئيس أي من هذه الدول أو أحد كبار مساعديهم كانوا يقولون لي من فضلك قل لنا أن بوش سوف يفوز في الانتخابات فقد كان هؤلاء المسؤولون العرب يحترمون والده بوش الأب بصورة كبيرة وكانوا يعتقدون أن بوش الابن يفهم جيدا المصالح البترولية كما كان عدد كبير من العرب يضعون ثقتهم في بوش الابن لأنهم ببساطة لا يثقون في منافسه في تلك الانتخابات وهو آل جور المرشح لمنصب الرئيس وجوزيف ليبرمان المرشح معه لمنصب نائب الرئيس وهو أول يهودي يرشح نفسه لهذا المنصب وكانت أغلب الآمال العربية في الرئيس بوش المنتظر تقوم على أساس جهود السلام التي بذلتها إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون في مفاوضات كامب ديفيد بين السلطة الفلسطينية ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك.
وكانت هذه الجهود قد شهدت تحقيق تقدم غير مسبوق في إطار تسوية بعض القضايا الشائكة في الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية ويواصل زغبي حديثه فيقول ان الرؤية العربية الآن تكاد تجمع على أن بوش لا يفهم حقيقة منطقة الشرق الأوسط على الإطلاق وأصبحت تسمع قائد عربي بعد قائد يتحدث عن الكارثة التي تتجه إليها المنطقة نتيجة سياسات بوش وبصفة عامة فإن الدول العربية مجتمعة تتحدث عن رفض الحرب الأمريكية المنتظرة ضد العراق.
وقد طالب القرار الذي صدر الأسبوع الماضي عن اجتماع مجلس وزراءالخارجية العرب الدول العربية بعدم تقديم أي مساعدات أو تسهيلات لأي عمل عسكري يمكن أن يهدد أمن وسلامة ووحدة العراق.
وقد وافقت جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية الاثنين والعشرين ما عدا الكويت على البيان وقد بدأ الحديث في العالم العربي عن الحرب المنتظرة ضد العراق يعود مرة أخرى إلى التشكيك في نزاهة القيادة الأمريكية وباستثناء رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون فإن الرئيس الأمريكي جورج بوش يعد أهم هدف للغضب العربي في العالم.
يقول أسامة حمصي المحامي السوري البارز ان بوش هو أكبر تهديد للسلام العالمي تماما مثل صدام حسين و يضيف قائلا عندما وصل بوش إلى الرئاسة كنت أحبه لأنه يتحدث عن السلام الشامل في الشرق الأوسط ولكننا بعد أن رأينا تصرفاته على مدى أكثر من عامين لم نجد أنه حقق أي شيء.
لذلك فانا اعتقد أنه لا يريد سوى السيطرة على العالم والحقيقة أن الرؤية العربية لأمريكا ليست معادية دائما ففي سوريا شارك سرور شاراش المفتش في إحدى مدارس دمشق في مسيرة للسلام بمشاركة أكثر من 150 ألف دمشقي يقول السيد سرور انهم ليسوا ضد بوش بشكل شخصي فإذا ما كان الرئيس الأمريكي مع السلام فسيكونون معه ونحن نريد أن يلتزم بوش بنزع سلاح كل من صدام حسين وإسرائيل في وقت واحد.