يحرص كثير من دول العالم على سن التشريعات والأنظمة الخاصة بحماية المستهلك من أخطار المنتجات الغذائية من أجل ضمان وسلامة المستهلك وفي المقابل تحرص الشركات والمؤسسات والمحلات التجارية الصغيرة والكبيرة منها على التقيد بالمواصفات والمعايير القياسية التي يجب توافرها في المنتجات الغذائية نظراً لخطورة أي مخالفة أو تهاون في هذا المجال وربما يكلف الشركة أو المحل التجاري عقوبات رادعة تفقد معها وجودها في السوق.
إن واقع حماية المستهلك في أسواقنا ومحلاتنا التجارية بحاجة إلى إعادة نظر جادة، فلا يكفي المرور على المحلات التجارية للتأكد من أن المعروض من البضائع ما انتهت صلاحيته وإن كان هذا العمل أحد المهام المهمة لحماية المستهلك ولكن لا بد أن يكون لإدارات حماية المستهلك دور أكبر في محاربة السلع الرديئة والتأكد من سلامة مكونات السلعة الغذائية ومعرفة مدى التزام المنتج بشروط السلامة من أجل جعل المستهلك يطمئن لسلامة ما يشتريه ويستهلكه والتأكد من أسعار السلع ومحاربة الغش والقيام بزيارات ميدانية لمواقع الانتاج كما في مزارع الخضار والفواكه للتأكد من نوعية المبيدات الحشرية والفطرية المستخدمة وهل المزارع ملتزم ومدرك لمخاطر هذه المبيدات والمدة التي تفصل ما بين رش الخضار والفواكه وتسويقها وغير ذلك من الأمور المهمة وكذلك مزارع الدواجن والأبقار وغيرها والتي هي الأخرى بحاجة ماسة إلى زيارات ميدانية مكثفة ودقيقة نظراً لكمية العقاقير والمضادات الحيوية المستخدمة في مزارع الدواجن وما قد تسببه من أمراض وتشوهات للمستهلك. إن الوعي لدى الكثير من المستهلكين بمخاطر المواد الغذائية الرديئة أو المغشوشة لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب مما جعل الكثير من التجار وأصحاب المحلات التجارية والمنتجين يستغلون ذلك ويمررون بضائعهم الرديئة أو تلك المنتهية الصلاحية أو المعالجة كيميائياً وهذا يعني خسارة مادية وصحية في وقت واحد!!، ولعل الدراسات الحديثة تشير إلى ارتفاع نسب المصابين بالأمراض المستعصية أو تلك الأمراض التي تنتقل عن طريق المواد الغذائية في دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة لغياب أو ضعف الجهات المعنية بحماية المستهلك من مخاطر تلوث المواد الغذائية، فقد أكدت دراسة صحية خليجية بأن 35% من أسباب أمراض السرطان في الخليج تعود للتلوث الغذائي وخصوصاً تلك الأغذية المستوردة أو تلك الأغذية الملوثة بمبيدات حشرية ومضادات حيوية أو المنتهية الصلاحية حتى وإن تبين للمستهلك سريان مفعول مدة الصلاحية على أغلفة المواد الغذائية نتيجة للتلاعب والتحايل والغش من قبل بعض المستوردين والمنتجين، ونتيجة لذلك تحدث تسممات غذائية متكررة، وقد أكدت الدراسة أيضاً أن العديد من الأغذية ملوثة بالرصاص والزئبق والزرنيخ وهي ما تسبب أضراراً كبيرة على الجهاز العصبي.
المواطن يلمس ضعف الدور الرقابي على السلع والمنتجات الغذائية وفي نفس الوقت يجهل الكثير من المعلومات حول المطلوب منه تجاه هذه القضية أو كيفية الرفع للجهات ذات العلاقة، ومما زاد من تفاقم هذه المشكلة غياب المراقبة والمتابعة من الجهارت ذات العلاقة على كيفية تخزين وتحضير الأطعمة وكذلك قيام العمالة الوافدة على إنتاج وتجهيز الصناعات الغذائية ومباشرة تحضير الأطعمة والتعامل معها في مواقع الانتاج والتوزيع والبيع دون توفر أدنى شروط العمل والتأهيل والسلامة الصحية لهذه العمالة. كما أن المطلوب أن تمنح الجهات ذات العلاقة بحماية المستهلك صلاحيات واسعة تتيح لها تنفيذ العقوبات الرادعة مع أهمية تحديث وإعادة هيكلة وأنظمة وقوانين هذه الإدارات مما يجعلها قادرة على القيام بمهامها على الوجه الأكمل وتحديد الدور الرقابي والاشرافي لهذه الجهات ورفع درجة التنسيق والتكامل فيما بينها وتغيير أسلوب عمل الإدارات أو الجهات المعنية بحماية المستهلك مما يشجع المواطن على التفاعل مع هذه الجهات لمصلحة الوطن والمواطن، ولعل الوقت حان لإنشاء هيئات مستقلة لحماية المستهلك تنتشر في كافة مناطق المملكة تعمل على حماية حقوق المستهلكين والموردين وخصوصاً أن المملكة تشهد توسعاً كبيراً في الأسواق والمحلات التجارية وأيضاً تعمل على توعية وتحديد المستهلكين من مخاطر الأمراض التي تنتقل من الأغذية الملوثة وذات الجودة المنخفضة والمغشوشة وهذا ما يجعل المواطن يتساءل: أين دور وسائل الإعلام المختلفة حول إبراز هذه القضية الهامة؟؟!
* مجلس الشورى.
|