مشكلة التحكيم لدينا ليست جديدة، فالكل يشكو منها (البعض يشكو لذر الرماد في العيون رغم أنه مستفيد)، فهي قائمة منذ سنوات طويلة وما زالت وستبقى. ليس لأن الحكام بشر والأخطاء واردة.. فهذه مقولة حق يراد بها باطل، وهي شماعة يعلق عليها الحكام اخفاقاتهم وستار يتخفى وراءه الفاشلون والضعفاء من الحكام. فالشكوى من الحكام قائمة وستستمر لأننا لم نعالج المشكلة من جذورها ومن أساسها، فكل ما نفعله مجرد مسكنات لداء عضال ومزمن يجب التعامل مع منشئه إن كانت لدينا الإرادة نحو الحل.
فمشكلة التحكيم في بلادنا تتلخص ببساطة في غياب المقوم المتخصص والموضوعي والمؤهل لواقعه. فنحن ومنذ سنين طويلة ندور مع الحكام في حلقة مفرغة لذلك لا يمكن أن نخرج بأي نتيجة أو فائدة وسنجد أنفسنا وإياهم في النهاية «دايخين» لا نعرف من أين ابتدأنا ولا أين نقف.. ولا إلى أين نتجه!!!
ولو تتبعنا بدقة عمل لجنة الحكام الحالية أو السابقة أو التي قبلها وكل ما سلف من لجان لوجدنا أن أسلوب الإدارة واحد فيها جميعاً والفكر واحد.. ولا يتغير سوى الأسماء.. أي أن هناك فشلا متوارثا من اللجنة السلف للجنة الخلف. وأكثر ما يؤسف له أن هناك حكاما فاشلين وذوي تاريخ مليء بالرسوب والاخفاقات في السابق نجدهم اليوم قائمين على شؤون التحكيم سواء في الإدارة أو المراقبة والتقويم!! فكيف ننشد النجاح والتطور من الفاقدين لكل مقوماته ونحن نعرف أن فاقد الشيء لا يعطيه؟! كيف انتظر النجاح من مدير كان في يوم من الأيام طالباً فاشلاً؟!
وكيف انتظر النجاح والتطور من حكام يتبادلون المجاملة فيما بينهم والتستر على أخطاء بعضهم البعض. وذلك من خلال أسلوب المراقبة على المباريات بحيث أن الحكم (س) يراقب (ص) اليوم وغداً يحدث العكس.. وشد لي واقطع لك!
إن ساحتنا الكروية لم تعدم المواهب التحكيمية الجيدة التي نستبشر بظهورها بين حين وآخر ولكنها للأسف لا تلقى الرعاية ولا الإدارة السليمة إذ سرعان ما يتلقفها الحرس القديم ويغذيها بأفكاره ومفاهيمه المتخلفة لتدور في فلكه وتموت مواهبها في مهدها.
إن التحكيم لدينا لن يتطور إلا بعامل خارجي واقترح هنا تشكيل كادر تطوير فني يكون رئيسه وأعضاؤه من الحكام الدوليين السابقين من أصحاب الخبرة والتأهيل العالي من غير السعوديين ويكون هذا الكادر من إحدى الدول المتقدمة كروياً وتحكيمياً كانجلترا أو إيطاليا ويرتبط بسمو نائب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم رئيس لجنة تطوير التحكيم. ويتولى هذا الكادر مسؤولية اختيار الحكام الجدد منذ وضعهم أقدامهم على العتبات الأولى لسلك التحكيم وكذلك عقد الدورات والبرامج والاختبارات لهم والاشراف على تنفيذها وتكليف الحكام للمباريات ومراقبة أدائهم. وحبذا لو تمت الاستعانة ببعض الحكام العرب الدوليين المرموقين المعتزلين كناجي الجويني وجمال الغندور. كمحاضرين ومراقبين.
أما بقاء الوضع على ما هو عليه أو الاكتفاء بتغيير لجنة الحكام بأخرى اسمياً دون إحداث تغيير جذري ودون الاستعانة بالعنصر الأجنبي المتفوق في المراقبة والتقويم فإن بعض القائمين على شؤون فرقنا وأنديتنا لن يجنوا من الشكوى ضد التحكيم غير اليأس و«بحة الحلق»، فيما البعض الآخر يرقص طرباً من الانتصارات والبطولات غير المستحقة والتي يسبقها ذرف شيء من دموع التماسيح على الحيف والإجحاف التحكيمي الذي يلقاه فريقه.
|