ليس جديداً أن تستغل إسرائيل انشغال العالم بالاستعدادات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحلفائهما الذين أخذوا يتكاثرون بعد أن ضمنوا «الرشاوي» الأمريكية وتسلَّموا التعهدات الخطية بتقديم المليارات لقاء استعمال قواعدهم ومعسكراتهم ومشاركة قواتهم كضيوف شرف في الحرب القادمة.
ولأن العالم كل العالم منشغل بهذه الحملة فالإعلام منشغل يلهث وراء تحركات المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين وجنودهم، والإعلام العربي بالإضافة إلى انشغاله بالحرب وتسويد الصفحات اعتماداً على ما تبثه وكالات الأنباء الغربية، انشغل أيضا بمتابعة أخبار عقد القمة العربية، هل تنعقد القمة العربية... وهل تعقد في القاهرة بمبنى جامعة الدول العربية، أم في منتجع شرم الشيخ؟ ومتى تعقد القمة، هل سيتم ذلك في أول الشهر القادم أم في الأسبوع الأول منه أو في منتصف الشهر...؟؟؟ كل هذه الأسئلة التي تبحث عن إجابات تتغيَّر كل يوم كتغيُّر المواقف العربية.. أشغلت الإعلام العربي فنسي متابعة ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي التي استغلت انشغال العالم بالحرب القادمة والعرب بالقمة العربية وأخذت تنفذ مجازر يومية دون أي وجل أو خوف من الإعلام إذا كانت تخاف، ففي أيام قليلة نفذت مجازر في نابلس، وقبلها في جنوب غزة عند رفح، وأمس الأول في شمال غزة عند بيت حانون، والمجازر ستتواصل طالما الجميع مشغول بحرب بوش وصدام.. ومعركة العرب مع القمة العربية.
أكثر من ثلاثين شهيداً قضوا نحبهم برصاص الجزارين الإسرائيليين جلهم من الشباب، ويوم الأحد استشهد عشرة أغلبهم دون العشرين عاماً وجميعهم اغتالتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي إما لأنهم قذفوا دباباتهم بحجارة، أو لأنهم شاركوا في تشييع جنازة شهيد.
مجازر إسرائيل تتواصل وتتنقل في مدن وقرى الضفة الغربية وقطاع غزة، مرة في نابلس، وأخرى في رفح، ثم في بيت حانون، وبعدها في الخليل، إلى جنين، وفي كل مدينة يتساقط الشهداء وتهدم البيوت ويجبر الفلسطينيون على هجر منازلهم، حيث تمنع قوات الاحتلال عودة من يخرج من منزله لجلب غذاء لأطفاله الجياع فيظل الأطفال يتضوَّرن جوعاً، والآباء خارج المنازل، وإذا تجرأ وحاول العودة إلى منزله سقط شهيداً برصاصة قنَّاص إسرائيلي نزعت الرحمة من قلبه.. وشجعته حالة الصمت .. والسكوت المريب ممن يتهمون الفلسطينيين بالإرهاب في حين يمارس الإسرائيليون عليهم الإرهاب من كل الأصناف والعالم مشغول بحرب بوش لمكافحة الإرهاب؟
|