بعد التحية
إن لم تخني ذاكرتي «الخمسينية» بحمد الله فقد كان أول من فجر موضوع تحويلات الاجانب - 60 مليار ريال سنوياً تقريباً - هو الاستاذ ابراهيم السعد الابراهيم - على صفحات مجلة تجارة الرياض - منذ سنوات عدة، وعقب ذلك عقدت ندوة خاصة بهذا الموضوع - رصدتها مجلة تجارة الرياض - على حوالي اربعة عشر صفحة، والحقيقة أنها كانت ندوة موسعة جمعت خمسة او ستة من رجال العلم والفكر والمال تناولوا موضوع هذه التحويلات «سبق ان نشرت تجارة الرياض هذه الندوة في عددها رقم 384 لسنة 1415هـ».
من بين الذين تناولوا هذا الموضوع سعادة الاستاذ عبدالرحمن بن علي الجريسي - في مقال طيب كريم - بعنوان :« اوعية استثمارية لتوطين اموال العمالة الاجنبية» نشرته تجارة الرياض في عددها الصادر عن شهر ربيع الثاني 1420هـ ذكر فيه ان حجم المبالغ التي تقوم العمالة الاجنبية بتحويلها الى خارج المملكة سنوياً يتراوح ما بين 50- 60 ملياراً من الريالات.
ومنذ فترة - وعلى صفحة الاقتصاد - فاجأنا الاخ عبدالله الحمود - رجل اعمال - بمقال شغل رُبع الصفحة بالتمام والكمال تحت عنوان ضخم يقول« رواتب العمالة الوافدة مائة وثلاثون ملياراً وثلاثمائة وخمسون مليون ريال يحول منها الى الخارج ثمانية وتسعون ملياراً سنوياً».
واذا كان الاستاذ الجريسي - رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض يقول في صدر مقاله:« ان الشخص سيصاب بالذهول عندما يعلم ان حجم المبالغ التي تقوم تلك العمالة بتحويلها الى خارج المملكة سنوياً حين يقرأ عنوان مقال الاستاذ الحمود حيث رفع المبلغ الى ثمانية وتسعين مليارا!!!
الاستاذ حمود يبدو انه بنى ارقامه على افتراضات لا على بيانات او احصائيات رسمية، ولهذا فان مثل هذه الأرقام تكون بعيدة عن الواقع بمراحل عدة انطلاقاً من القاعدة القائلة:« ان الدليل اذا تطرق اليه الاحتمال سقط به الاستدلال» والى الاخ الاستاذ عبدالله الحمود اقول:
1- تقول:« وقد تكون الدراسة التي اتت بهذه الاحصائية اعطت النسبة الأدنى في تقديرها، وقد تكون اعطت نسبة غير ذلك» فيكون افتراضك هنا على غير اساس يا اخي الفاضل.
2- تقول:« علينا في هذه الحالة ان نفترض جدلاً ان العمالة الوافدة لدينا وصل تعدادها الى سبعة ملايين».
واقول:« ايضا افتراضك هنا يوهن اي نتيجة ستتوصل اليها، فعلي اي اساس ستفترض ان العمالة قد وصل تعدادها الى سبعة ملايين؟
كان الاحرى بك ان تضع يدك بقوة على اي احصائية تستند اليها فيما تصبو اليه، وتحت يدي الآن مقالة قيمة حول موضوع السعودة يقول كاتبها «ان لدينا حوالي ستة ملايين اجنبي، وكلمة حوالي هذه تعني ان العدد يتراوح ما بين خمسة ملايين ونصف كحد ادنى الى اقل من ستة ملايين ونصف كحد اقصى، وهذا يعني ان هناك فارقاً عددياً بينك وبين كاتب المقال المذكور بحدود مليون ونصف، وهذا الفارق علي اي الفئات سيتم تصنيفه؟
- هل ستعتبره او بعضاً منه ضمن المرافقين؟
- ام هل ستعتبره او بعضاً منه ضمن فئة ال 75% العاملة؟
- ام هل ستعتبره او بعضاً منه ضمن فئة ال 5%؟-
- ام هل ستعتبره او بعضاً منه ضمن فئة ال 20%؟
وبالطبع لا يخفى على كل ذي لب وبصيرة ان ضرب رقم مليون ونصف في اي فئة - من فئات الدخل سيعطي ناتجا «ملياريا» وكلما تعددت وجهات النظر، واختلفت الآراء تضاربت النتائج دون شك.
اخي العزيز
ان تحديدك لنسب هذه الفئات - ايضاً - لم ينطلق عن أساس فأنت - مشكوراً - قسمت العدد الاجمالي - بعد استبعاد فئة المرافقين - الى ثلاث فئات وهذا محل اختلاف حتى وان كنت اعتمدت أقل النسب وادنى الدخول فهذا ايضاً يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ان الناتج ليس عادلاً، او على الاقل ليس حقيقياً.
اضافة الى ما اورده الكاتب الكريم من تحفظات في نهاية المقال اود ان اوضح له انه اعتمد في دراسته هذه متوسط اجر قدره الفاً واربعمائة ريال للفئة الاولى في حين ان هذه الفئة تشمل العمالة العادية وعمال النظافة والصيانة الذين يشكلون الشريحة العظمى من هذه الفئة وان رواتبهم التي يتقاضونها - فعلاً - تتأرجح بين الثلاثمائة والاربعمائة ريال - كما افادني بذلك كثير من الاخوة مهندسي ومشرفي النظافة والصيانة الذين اعرفهم اضافة الى وجود اعداد اخرى كثيرة لم يمض عليها خمس سنوات فحسب، بل مضى عليها اضعاف ذلك ومازالت رواتبهم مراوحة محلها في سكينة ووقار، لسان حالهم يقول:« لله الحمد والشكر، اللهم بارك فيما اعطيت».والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حمدين الشحات محمد
|