رسالة مفتوحة إلى وزارة التخطيط الإحصاء بين الواقع والتخمين
عبدالله صالح محمد الحمود (*)

علم الإحصاء علم يرتبط ارتباطا وثيقاً بكافة مجالات الحياة، ولا يمكن لأي مخطط أو دارس أو باحث أن يقوم بأداء أي عمل بنجاح إلا من خلال معلومات دقيقة يكون للغة الأرقام فيها المرشد والداعم الأساس، والتي هي نتاج الإحصاء بمفهومه العلمي، وإذا ما آمنا بهذه القاعدة إيماناً نجزم من خلاله أنها الهدف الرئيس لإنجاح الأعمال والرقي بمقوماتنا، فلابد ان يكون مع هذا الإيمان الشروع نحو مسح إحصائي دقيق وبصفة دورية منتظمة لا يفترض أن يكون بين كل فترة إحصاء وأخرى زمن طويل، مع الاستفادة التامة من التقنيات العالية المتقدمة في هذا العصر، وتأتي مشاريع الإحصاء كأحد الأركان الرئيسية لمقومات أي بلد، من خلالها يمكن لأي بلد أن يرفع من مقدراته كافة، فبدون الإعداد العالي والتقني لعمليات الإحصاء الصحيحة وتسخيرها في كافة المجالات، وتوافرها بعد ذلك بين الجميع، لن يكون هناك أي بادرة ترجى لخدمة الأوطان مهما يكن الأمر، ونحن في بلادنا لانزال نطالب وزارة التخطيط بتفعيل دورها المنوط بها في ايجاد آليات تخطيط ذات نهج علمي وقويم، يتأتى من خلاله منافع مثمرة لرقي مقدرات البلاد، لكن المشكلة أننا لا نزال نبحث عن المعلومة الصحيحة ولانجدها في أغلب الأحيان، سواء عن العدد الإجمالي الفعلى للسكان من النوعين الوطني والأجنبي، حتى أصبحنا في هذا الاتجاه نحدد نسبا جزافية غير مستندة إلى نهج إحصائي ميداني، فنجد البعض يقول وأنا في أحد المساجد لاحظت أن أكثر المصلين لا يرتدون الزي السعودي، معللاً في ذلك أنه ربما عدد الأجانب يفوق عدد الوطنيين، وثان يذكر لنا أنه لاحظ أمراً كهذا في الأسواق التجارية، وآخر يقول أنه لاحظ ذلك الأمر أيضا في المراكز والحدائق الترفيهية، وحينما تحاول وقت هذا الطرح أن تجيب أن تناقش هؤلاء الأشخاص قائلا لهم اعتقادا أن المواطنين هم الأكثر أو أن قولهم هذا صحيح، لا تستطيع الجزم في ذلك لأنك أمام معلومة مجهولة حيال هذا الأمر، ربما يقول البعض أن هناك إحصائية سابقة للسكان والمساكن، ربما تجيب على هذه الأطروحات، والجواب أن بين كل إحصائية وأخرى عقد من الزمن، فكيف يصبح القياس على إحصائية أزلية، وإلى جانب ذلك تذكر لنا الوزارة أن نسبة البطالة بين السعوديين هي 1،8% ونحن نقول إن ذلك ليس صحيحا لأن هذه الإحصائية على حد قول الوزارة نتاج دراسة أو بحث تم في عام 1999م، فمعنى ذلك، ناتجة من خلال معلومات قديمة وأزلية، فمتى يا ترى تفيق هذه الوزارة من سباتها العميق، وتعيد هيكلة ونمطية أدائها لتفعل دورها بشكل دوري منتظم، بحيث يكون على الأقل بين كل فترة إحصاء وأخرى مدة لا تتجاوز الأربع سنوات، خصوصا وإننا نعيش حالة من النمو السكاني يقال إنه يصل إلى ما نسبته 8% سنوياًَ، والوزارة تعلم أن توجهات كهذه تؤثر إيجاباً في سبيل خدمة مصالحنا الاقتصادية والاجتماعية، فالى متى تسير بنا وزارة التخطيط التي طال صبرنا عليها، بقافلة إحصاء ذات نمط سلبي، والتي سوف تصل بنا بعد ذلك إلى تخطيط أشبه بالعشوائي والجزافي والذي مع ذلك لن ترى دراساتنا وبحوثنا العلمية النور لدخولها بعد ذلك في أنفاق الإحصاء المظلمة.