العدل كلٌ لايتجزأ، والظلم واحد أيّاً كان الطرف الذي يرتكبه والطرف الذي يتضرر منه، والأسلحة التي تهدد البشرية والتي اصطلح على تسميتها بأسلحة الدمار الشامل، لا تفرق بين إنسان وآخر، كما أن من يمتلك هذه الأسلحة لا يمكن تصنيفه على أنه نظام مسؤول يحسن استعمالها، ونظام آخر غير مسؤول يمكن أن يسلمها إلى جهات إرهابية، فالذي سعى إلى إنتاج هذه الأسلحة لم ينتجها للتباهي، أو للديكور، ولا حتى للاكتفاء بالتهديد والردع، إذ لا أحد يضمن أن يقتصر دور أسلحة الدمار الشامل على الردع خاصة إذا كان من يمتلكها متورطاً في خوض صراع عسكري كالكيان الإسرائيلي الذي يعلم الجميع بأن لديه ترسانة رهيبة من أسلحة الدمار الشامل سواء الأسلحة النووية التي تقول المصادر الغربية إنها تتساوى مع ما تمتلكه كلٌّ من بريطانيا وفرنسا والصين، إن لم يتجاوز ما يمتلكه من هذه الأسلحة هذه الدول منفردة.
وبالنسبة للأسلحة الأخرى من كيماوية وبيولوجية فإن المخزون الإسرائيلي لا أحد يتكلم عنه، وكانت معلومات سابقة قد ذكرت أنها تتجاوز كل ما تمتلكه الدول العربية بما فيها العراق.
والأخطر من كل ذلك هو تطوير الإسرائيليين لأسلحة نووية تكتيكية تعتمد على استعمال اليورانيوم المخفف، وهي أسلحة اصطلح العسكريون على تسميتها بأسلحة اليورانيوم المستنفذ وقد استعملتها قوات الحلف الأطلسي في كوسوفو، واستعملها الإسرائيليون في عدد من العمليات ضد الفلسطينيين وهو ما ذكره رجال السلطة الوطنية الفلسطينية استناداً إلى تقارير طبية فلسطينية ومحايدة.
وهكذا فإن الإسرائيليين ليسوا «منزهين» من الاستعمال غير المسؤول لأسلحة الدمار الشامل، وإذا كان صدام حسين قد استعمل الأسلحة الكيماوية ضد الأكراد فإن الإسرائيليين قد استعملوا أسلحة اليورانيوم المستنفذ ضد الفلسطينيين.. إذن لماذا لا تطالب الأسرة الدولية الكيان الإسرائيلي بالتخلص من هذه الأسلحة التي تهدد الشعوب؟
العرب لا يمانعون من تدمير أسلحة الدمار الشامل التي يتهمون العراق بامتلاكها ولكن أليس من حقهم أن يطالبوا المجتمع الدولي بأن يفتح ملف امتلاك الإسرائيليين لهذه الأسلحة أم أن العدل في نظر المهيمن على النظام الدولي الجديد مجزأ والتعامل مع العرب شيء.. ومع الإسرائيليين شيء آخر، وأنه يمكن ايقاع العقوبة على أي دولة عربية وغض النظر عما يفعله الإسرائيليون في تأكيد صارخ على ظلم التعامل بمعايير مختلفة مبنية على الدين والقومية!!
|