بعد أيام قليلة جداً تسقط من دوحة الزمان العتية ورقة جافة تحكي في سقوطها وجفافها قصة عام حزين!!
بعد ايام تطفىء رياح الحياة آخر مصباح خافت من أضواء عام يحتضر يصور عاما يوشك أن يختفي في سراديب الزمن بما فيه من بكاء.. وأنين.. وأسى.
بعد أيام.. تتحرك أحشاء الدنيا المسلمة بالمخاض لتقذف إلى الوجود بمولودها الجديد.. بعينيه الحالمتين على واقع أليم!!
وبذلك.. بهذه الحركة الازلية الدائبة تنطوى صفحة.. وينطفىء مصباح ويتألق ضوء.. لينتهي عام.. ويولد عام..!
فهل انفرد المرء المسلم بنفسه في تلك الليلة يموت فيها عام.. ويحيا آخر، ليراجع في تجرد وصمت «حساب الارباح والخسائر» وهو على جسر بين حياة مدبرة وأخرى مقبلة، ليرى على ضوء تجربته ماذا عمل لدينه.. ولوطنه..ولنفسه؟
ماذا ارتكب من أعمال تجرح ولو جرحا غير بليغ جوهر دينه، وعقيدته فيضع يده في عهد وثيق في يد خالقه ان يتنكب كل سبل الغواية والضلال.. أن يبدأ حياة تقية تصلح بها، أولاه وأخراه، تعبق أرجاؤها بشذى اليقين وطهر الايمان!!
بماذا أساء الى وطنه؟ هل ارتكب في حقه ما يوجب التوبة.. والندم/ ليقرر من كل أعماقه، ليصر بكل ما يملك من اصرار، أن يكون في عامه الجديدٍ، مثلاً في الوطنية، وقدوة في الاخلاص لها.. وحاديا من حداة ركبها، وان يتعهد بالرعاية كل نوازع الخير في اعماقه تجاه وطنه الغالي ومواطنيه الاخيار.
ولنفسه.. ماذا قدم لها من خير؟ وماذا صنع لآجلها من اسباب السعادة؟ هل نَمّى وجودها بالعلم؟ هل وسع آفاقها بالثقافة؟ هل هيأها لأن تكون قمينة بالخلود في سجل النفوس المؤمنة الفاضلة؟
إن كان قد عمل لها هذا أو شيئاً منه فليعمل على الحفاظ عليه، وتنميته ورعايته، وإن لم يكن على شيء من هذا، فإنه مسؤول أية مسؤولية عما فرط في حق نفسه، والتفريط في حق كريم من حقوقها، تفريط في رافد صالح من روافد الوطنية الصالحة! توجب عليه في تلك الليلة التي تخط فيها الدنيا أول كلمة من حياته عليها، أن يخطط لأخذ نفسه بما اخذ به الراشدون من الرجال نفوسهم: بناء مثقفاً، وتقى واعيا، واعدادا لمواطنية صالحة فذة.
غلاء المهور.. وتحية للرجل المصلح!
البناة من الرجال.. ليسوا من يعلون الدور، وشاهقات القصور.. وانما هم من يبنون الأجيال بإضاءة السبل المعتمة في متاهات الحياة.. بالرأي الصائب، والعقل الثاقب.. والاخلاص الكثير، قلت هذا وأنا أنصت الى محاضرة الشيخ الفاضل «عبدالعزيز المسند» منذ شهرين في نادي الهلال، عن غلاء المهور.. حيث تحدث فضيلته حديث الدين الصحيح السليم، والعقل الراجح الرشيد.. وأزال بالمحاضرة والاجابات على اسئلة الحاضرين ما يمكن ان يكون سببا في علاج مشكلة غلاء المهور وارتفاعها ارتفاعا امتنع معه الوصول الى ادراك الغاية الكريمة من الزواج.. والانحراف بها من رسالة اجتماعية سامية الى ما يشبه التجارة المجردة من كل مشاعر الإنسانية.
أليس ثمة من مآس سببها غلاء المهور؟
هل فهمنا رسالة الزواج الصحيحة.. لنقف عند أولى عتبات الاستفادة المادية، وهي تتلاشى في ضوء باهر من ألق الدين ورسالته الخالدة؟
ما أكثر حاجتنا إلى رجال كعبدالعزيز المسند.. يشخصون الادواء ويصفون الدواء لنشفي مجتمعنا المسلم من كل أدوائه.
|