Sunday 23rd february,2003 11105العدد الأحد 22 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أسئلة الطفل المحرجة أسئلة الطفل المحرجة
د. أحمد الجبيلي

ينتقل الطفل من المراحل المعرفية الأولية للتعرف على الأشياء والمفاهيم البيئية في السنوات الأولى من العمر بطريقة«الما هذا» إلى أسلوب آخر ومنطلق معرفي آخر يحدد طبيعة الانتقال المعرفي الناتج من النضج والخبرة والتفاعل مع البيئة فيكون أسئلة أخرى عن «الكيفية» و«السببية»: أي لماذا وهذا المؤشر قد يثير غريزة التعرف عند الطفل للأشياء القريبة والبعيدة، المحسوسة وغير المحسوسة، فيحاول الاكتشاف وطلب العون من الأهل والأقربين فيما يصعب عليه وقد يكون ذلك الشيء المتعسر فهمه هو سؤال محرج للوالدين.
وطبيعة سؤال الطفل قد يأخذ الشكل البسيط الملموس وقد يأخذ النمط الأكثر تعقيداً من الواقع، وقد يسأل عن اللامحدود وهو الشيء الذي يعجز العلم عن إجابته أحياناً.
ولكن بشكل عام يجب أن يكون هناك إطار عام للآباء للإجابة عن اسئلة أطفالهم.
فهناك عدة اعتبارات مهمة تتلخص فيما يلي:
* تجنب الكذب والتهويل والمغالاة، وذلك لعدة اعتبارات أهمها بناء مفهوم خاطئ لدى الطفل أو تفكير غير منطقي وسليم، وكذلك قد يأتي وقت من الأوقات يكتشف فيه الطفل الحقيقة فيصدم بوالديه مما يؤثر في اكتساب القيم الوالدية سواء كانت قبلية أو بعدية.
* الاهتمام والإصغاء للطفل بلا استهزاء أو جعله يحس بتفاهة السؤال أو مدى الإحراج فيه، فسلوك الاهتمام والإصغاء والتواصل البصري يولد الثقة لدى الطفل بأن يقول ما يعتقده في جميع المواقف لوالديه، فيتكون التصور الأمثل عن شخصية الطفل ومعتقداته.
* الشرح بطريقة مبسطة تتناسب وقدرات الطفل مع الدعم بالأمثلة الحسية المشاهدة والمفهومة بالنسبة للطفل، فبهذه الطريقة تكون عملية التصور لديه أكثر وضوحاً فهذا لا يضطره إلى الذهاب إلى مصدر آخر لاستقاء المعلومة ذات الإشكال بالنسبة للطفل.
* عدم التهرب من السؤال أو كبت الطفل السائل، لأن الأم والأب بهذا التصرف لن يصبحا المرجعية للطفل عند الإشكال وسيحاول ايجاد مخرج آخر لحل إشكالية السؤال لديه، بل يجب في الغالب تعزيز طرق تلك الأسئلة والثناء عليها وأنها مهمة وذات طابع ذكي كذلك.
هذا هو الإطار العام والنسق الأمثل للتصور القبلي لما يجب أن يراعى للأطفال من المفترض أن يكون في ذهن كل الآباء والأمهات.. وهنا نورد أمثلة للأسئلة ذات الطبيعة المحرجة للوالدين بشكل عام ومنها:
أولاً: الغيبيات: ومنها:
أ/ الله: فقد يسأل الطفل عن الذات الإلهية وكيفية التكوين للذات الإلهية«تعالى الله علوا كبيرا»، وهذا السؤال وارد من أغلب الأطفال، وهنا يجب الشرح بطريقة مبسطة للطفل وبلا عمق قد يثير المزيد من التساؤلات التي بدورها قد تشوش على المعتقد الأساس، فيبدأ الأب أو الأم بالقول إن الله هو الخالق وهو خالق العالم وهو في السماء ولا يستطيع أحد أن يراه والخالق ليس كالمخلوق فهو لا يموت- فيتعلم الطفل أن له صفات خاصة لا تتأتي للبشر- ويعاد بعد ذلك على نقطة الصفة ذات الصيغة الاستفهامية للطفل ويوضح أنها صفة خاصة بالخالق كذلك سبحانه وتعالى.
ب/ الموت: فالموت بالنسبة للطفل هو حدث كما هو حال بقية الظواهر ولكن المظاهر المحيطة بهذا الحدث تطرح العديد من التساؤلات في ذهنه والاعتقاد العام لدى الطفل أن الإنسان لا يموت إلا بعد الهرم. وعند حدوث حالة وفاة لقريب أو صديق يجب شرح الحدث للطفل بطريقة مباشرة وببساطة ووضوح، وهو أن كل البشر سيموتون وسيذهبون إلى عالم آخر وهذه حقيقة فتبدو أمامه كحقيقة من الصغر بشكل واضح وبشفافية وبفهم واقعي فيتجلب الطفل الخوف والقلق المرضي لحقيقة الموت. ولا يجب القول إن الميت قد سافر أو انه سيعود يوماً ما لأن ذلك سيرتبط بذهن الطفل وهو مفهوم خاطئ، فالدراسات أثبتت أن الأطفال في سن الطفولة المبكرة يدركون مفهوم الموت بشفافية أكثر من الأطفال في المراحل المتأخرة من الطفولة ولا يتكون لديهم خوف أو قلق مرضي من خلال شرح مفهوم الموت الصحيح.
ثانياً: الأسئلة ذات العلاقة بالجنس:
وهي من أكثر الأسئلة إحراجا للوالدين ونجد الأب والأم أكثر ارتباكاً مع الأسئلة الجنسية المطروحة من الطفل ويلاحظ بطبيعة الحال الأطفال سلوك الارتباك لدى الوالدين وسلوك الهروب من الإجابة كذلك فيتولد ولع إضافي للمعرفة عند الطفل، ولكنه أي الطفل يدرك أن الجنس هو شيء خفي ويجب عليه تجنب الخوض في مثل هذه الأسئلة مع أهله ويحاول الحل بطريقته الخاصة إما بكبت الموضوع في عقله وشعوره أو سؤال لصديق أو لكبير آخر غير الوالدين.
ومن هنا كان لزاماً بأن يتفاعل الأباء والأمهات مع أطفالهم في مثل هذه الأسئلة وذلك بعدة أساليب منها: جعل الطفل يأخذ المجال كاملاً بطرح أسئلته وإشعاره أن هذه التساؤلات طبيعية ولا نحسسه بالرغبة في إقفال الموضوع لكي لا يتكون لديه عامل خوف أو قلق أو دهشة أو فضول إضافي فهو يستطيع أن يسأل متى ما شاء، ومن ثم يكون الرد بسيطاً وواضحاً ومفهوماً بلا خوض في التفاصيل فمثلا عند سؤال الطفل عن الحمل وكيفيته فيمكن الرد بأن الأم والأب قررا«بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى» أن يأتيا بطفل جديد كما أتيت أنت وأن هذا الطفل ينمو في البطن ويخرج من البطن إلى الدنيا ثم نرعاه صغيراً مثلك تماماً حتى يكبر، ومع السؤال الأكثر تفصيلا يتم الرد الصحيح بالعمومية المناسبة. والأمثلة في هذا المجال كثيرة.
ثالثاً: الخيال والاكتشافات والظواهر الكونية:
وكذلك الحال بالنسبة للظواهر كالشمس والقمر والليل والنهار والفصول السنوية والمفاهيم المكتشفة حديثاً كالأجهزة أو المصطلحات ذات الصعوبة في الشرح للطفل كالاستنساخ والهندسة الوراثية وكذلك الحال بالنسبة للخيال المكتسب وفي الغالب يأتي من الإعلام. فهنا يشرح للطفل بالتبسيط والسهولة وقد يكون من الأفضل استخدام الأشكال والرسوم وكذلك الاستدلال بالوحي والهدي النبوي والأهم من هذا وذاك الشرح دون كذب أو استهزاء.
هذا على وجه العموم عن أهم ما يدور من أسئلة تخالج الأطفال وقد تحرج الكبار والمجال في ذلك يطول والأمثلة والإرشاد الوالدي يطول أيضاً.
وأرجو من الله العلي القدير أن يحفظ فلذات أكبادنا ويمنحهم خيري الدنيا والآخرة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved