بدا أن الغلبة منذ الأسبوع الماضي من نصيب تيار الحرب بع
د أن هيمنت قوة التظاهرات المليونية على الساحة الدولية إلى الدرجة التي تراجعت معها الأصوات المؤيدة للحرب.
والآن ليس هناك مجرد حديث فقط عن الحرب بل إن الأمور تسير بانتظام نحوها، حيث الحشد العسكري بلغ مداه الأقصى المتمثل في وجود حوالي 250 ألف جندي مع كل معداتهم وآلياتهم المتطورة.
ومع كل ذلك فإن جهود السلام لا يبدو أنها تتراجع، وان كانت تعترف بأن الحرب أصبحت حقيقة واقعة، ولعل ما يمكن أن يدعم جهود السلام أكثر ما يجري من وقائع على أرض العراق، فبغداد مطالبة الآن بتدمير صواريخها من نوع «الصمود 2» وقد أصبحت مسألة الصواريخ اختباراً حقيقياً لنوايا العراق، وإذا امتثل العراق للأوامر بتدمير الصواريخ يستطيع أن يسجل نقطة لصالحه ولصالح الجهود التي تستهدف التسوية السلمية، خصوصاً وأن حجج السلام أقوى ألف مرة من دعاوى شن الحرب.
يؤيد التوجه للسلام أيضا ما تم الكشف عنه مؤخراً من أن كبير المفتشين الدوليين قال إن واشنطن قدمت إلى المفتشين معلومات غير صحيحة عن مواقع قالت إنها نووية داخل العراق.
ومع ذلك فإنه مهما كانت وجاهة الأدلة والقرائن المناهضة للحرب فإن ذلك وحده لا يكفي، فالأمور على الساحة الدولية لا تتم دائما وفقا للمنطق السليم، وإنما وفقاً لمنطق القوة، والقوة العظمى والمهيمنة الآن هي الولايات المتحدة التي تفضل الحرب، ولذا فإن الحرب باتت حتمية، وقد تتأجل لأسبوعين أو ثلاثة لإتاحة الوقت لاكتمال كافة الاستعدادات، فما زالت هناك مشاكل معلقة بشأن الجبهة الشمالية التي تمثلها تركيا.
وتطرح هذه الوقائع حول الهيمنة ومنطق القوة مشكلات كبيرة على واقع ومستقبل العالم، ولهذا فإن الحرب المرتقبة قد تشكل انعطافة كبرى في العلاقات الدولية إما لتكريس منطق القوة وإما أن يعود العالم إلى رشده ويسعى نحو قدر من المعقولية التي يمكن أن تعيد إليه توازنه وموضوعيته.
|