مع تصاعد الازمة العراقية حول الكشف عن الاسلحة الكيماوية والبيولوجية ومدى التزام العراق بالكشف عن الاسلحة أم لا، والولايات المتحدة لاتزال تصر على وجود الاسلحة لدى العراق وانه مازال يخفيها، وتسارع مؤشرات الحرب المرتقبة كان له أثره البالغ في سعر النفط مباشراً في أسواق النفط العالمية، حيث تتذبذب أسعار النفط ما بين الارتفاع والهبوط عند مستويات مرتفعة وليست هابطة، مقارنة بسعر النفط منذ ستة اشهر فقط والذي كان يراوح 23 دولاراً أمريكياً، واخر ما سجله سعر النفط هو 36 دولاراً امريكياً للبرميل الواحد بين العراق والقاعدة، وما جاء في خطاب زعيم القاعدة تعدّه الولايات المتحدة تأكيداً أكثر منه لنفي وجود علاقة بين الطرفين.
كذلك ارتفاع أسعار النفط لاسباب تتعلق بنقص النفط الفنزويلي أحد أهم المنتجين في منظمة «الاوبك» والذي يقدر النقص 2 مليون برميل«حصتها المقررة 82،2 برميل في يناير» يوميا نتيجة الاضراب الذي تم منذ أشهر ماضية، وبدأت تعود فنزويلا الآن تدريجياً وان كانت لم تصل لحصتها المقررة لها بالمنظمة حيث بدأت الانتاج والعودة التدريجية للسوق النفطية ولايزال أمامها كثير من الوقت للوصل الى كامل حصتها.
كذلك من أسباب الارتفاع الازمة العراقية والذي ينتج 49،2 مليون برميل، وهو انتاج يرتبط باتفاقيات «النفط مقابل الغذاء» حيث تذبذب الانتاج العراقي نتيجة الازمة الراهنة والتي أصبح العراق مقيداً بشكل كامل، يضاف إلى ذلك نقص الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الامريكي والذي تم وضعه لمواجهة الازمات، وأشار آخر التقارير الى أن هناك نقصاً بالمخزون الاحتياطي الامريكي بمقدار 9،3 ملايين برميل وسجل بذلك ادنى مستوى منذ 27 عاماً ليصل إلى 8،269 مليون برميل، وهذا النقص شكل ضغطاً على سعر النفط بالارتفاع في السوق النفطية وهي قابلة للزيادة مع زيادة مؤشرات الحرب ضد العراق.هذه التداعيات للازمة النفطية والارتباك «بالسوق النفطية» وعدم الاستقرار على مستوى العالم سواء من خلال الازمة العراقية ونقص الامداد المتوقع في حال الحرب، كان للمملكة تدخل مباشر بضخ النقص الناتج من هذه الازمة وخاصة الفنزويلية وما يمكن ان يتوقع حدوثه في حال نشوب الحرب ونزع أي تخوف، حيث تعدّ المملكة الدولة الوحيدة في المنظمة التي تملك قدرات إنتاجية إضافية عن حصتها المقررة «96،7 ملايين» تصل الى 3ملايين برميل، وقد تم ذلك بأن ضخت المملكة ما يوازي النقص الناتج من توقف فنزويلا وجزء من الانتاج العراقي المقرر لها وما يمكن أن يحدث مستقبلا. المملكة العربية السعودية قللت من أي مخاوف نقص نفطي ضمنت من خلاله مستويات أسعار متوازنة وجيدة للمستهلكين من خلال ضخ المزيد من النفط للحفاظ على مستويات الاسعار للنفط في السوق العالمية، وكما وصفتها احدى الصحف الامريكية بأن المملكة العربية السعودية أصبحت تمثل «البنك المركزي النفطي«وهذا حقيقي على الرغم مما كان يصور في الصحافة الامريكية عن ان المملكة تمارس ضغوطاً من خلال النفط، وذكرت بشكل متكرر الصحافة الامريكية بأن المملكة قد تستغل هذه الظروف ووقف الانتاج النفطي أو عدم ضخ المزيد من النفط وهو ما نفاه في حينه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل فعام 1973م ليس عام 2003م لعدة أسباب وضخمت الصحافة الامريكية عن قصد ومبالغ فيه عما يمكن أن تعمله المملكة من خلال قدراتها الانتاجية أو الاحتياطيات التي تملكها والتي تقدر ب 260 بليون برميل قابل للزيادة، بأن تمارس ضغوطا نفطية بشكل أو بآخر.حين نتذكر أن أحد المسؤولين الامريكيين«جيمس ووسلي مدير الاستخبارات المركزية الامريكية من الفترة 1993-1995م» صرح للصحافة الامريكية أشار الى أن المملكة تملك «قنبلة نووية » ويقصد بها النفط « هكذا» ويمكن ان تستخدمها بأي وقت وحين حصلت الازمة الراهنة من نقص امدادات من دول في المنظمة كما سبق الاشارة او ما يمكن ان يتوقع حدوثه خلال الحرب قامت المملكة ولوحدها وهي من يملك القدرة الانتاجية الاضافية بضخ المزيد من النفط للحفاظ على مستويات الاسعار، واظهرت المملكة مقدرتها في الازمات بأنها من يحافظ ويدفع الاسعار النفطية الاستقرار، وانها من يدعم استقرار الاقتصاديات في العالم وخاصة الصناعي، واظهر دور المملكة انه لا يمكن تجاهله بهذا الخصوص، على الرغم مما تقوم به الإدارة الامريكية من محاولة مستمرة لخفض الاهمية والقوة «النفطية» للمملكة ولكن لم يحدث هذا ولن يحدث وبلغة الارقام والحقائق لا بلغة العاطفة والتمنيات، وهو ان المملكة اكبر منتج وتملك اكبر احتياطي نفطي في العالم ولمدة قرن قادم بعكس كثير من الدول كروسيا التي تنتج ما يقارب 7 ملايين برميل لكن السؤال كم سيستمر هذا الانتاج ؟ وما هي طاقتها الانتاجية الاضافية ؟! وغيرها من الدول خارج المنظمة او داخل المنظمة عدا العراق. المملكة قامت بالدور المسؤول على مستوى العالم على الرغم من الحملات الاعلامية الامريكية التي لا تتوقف والتشويه له من خلال قوتها النفطية وما يمكن ان تقوم به المملكة، وعلى الرغم من ترويج كثير من المواقف عن المملكة وما يمكن ان تقوم به من خلال سلاحها النفطي كما تصوره الصحافة الامريكية، لكن حين جاء المحك الحقيقي وارتفاع اسعار النفط للاسباب السابق ذكرها تدخلت المملكة بكل قوتها النفطية وحافظت على مستويات الاسعار والتضخم العالمي من خلال المحافظة على الاسعار من دون ارتفاع اضافي غير مقبول كما يصوره الاعلام الامريكي والاوربي ومن منطلق مصالحها الوطنية بالدرجة الاولى.وسؤالي ماذا سيقول الاعلام الامريكي عن دور المملكة المسؤول الان في ظل هذه الظروف المتأزمة وما سيأتي وكبحها لارتفاع الاسعار وبالتالي التضخم والبطالة؟ فهل تم انصاف وتقدير دور المملكة بهذا الخصوص؟.
|