* دمشق - الجزيرة: عبد الكريم العفنان:
صورة السياسة الداخلية السورية تبدو طبيعية، رغم الاحتجاجات الشعبية حول موضوع العراق، أو احتمال تدخل أمريكي - بريطاني في المنطقة، ويبدو ان استحقاقات القيادة السورية تأخذ بعين الاعتبار ضرورة التعامل بشكل مستقل مع بعض الملفات، وخصوصا ملف الانتخابات التشريعية التي يبدو أن حملاتها تسير بشكل اعتيادي.رغم كافة الظروف الإقليمية أو الدولية، حيث تبدو دمشق اليوم مليئة بصور وشعارات المرشحين الذين اكتفوا برسائل دعائية، دون إصدار بيانات أو برامج خاصة بهم، لكن الصورة الانتخابية اليوم، والتي لا تختلف كثيرا من حيث أسماء المستقلين عن باقي الانتخابات السابقة، تحمل مؤشرا على ان السياسة الداخلية السورية تريد تحييد التوتر الإقليمي، وذلك لإنجاح انتخابات يعتبرها البعض مقدمة لمجمل التغيرات السورية خصوصا في الإطار الاقتصادي، لكن السؤال المطروح اليوم هو: هل صورة الانتخابات مختلفة عما شهدته سورية خلال العقد الأخير من القرن العشرين؟
مما لا شك فيه أن مجلس الشعب الجديد سيتحمل الكثير من أعباء التغيير.خصوصا بعد الانتقادات التي وجهت الى مجلس الشعب السابق بعد تولي الرئيس بشار الأسد لمهامه الدستورية، وفي هذا الإطار يمكن التركيز على نقطتين أساسيتين:الأولى: ان بقاء بعض الأسماء التقليدية، خصوصا في إطار المستقلين، يوحي بأن التركيب الأساسي للمجلس لن يتغير بصورة واضحة، فالمرشحون مازالوا يعتمدون على نشر صورهم، أو إنشاء قوائم تحت شعارات لا تملك برنامجا تنفيذيا واضحا، فعلى سبيل المثال قائمة «العلم والعمل» والتي ضمت عددا كبيرا من متمولي دمشق.حاولت خرق تقليد القوائم بإدخال مرشح للحزب السوري القومي الاجتماعي، ورغم عدم وضوح سبب مثل هذا الأمر، لكن الشيء الأساسي أن مثل هذه الإدخالات تشكل تنوعا من الآليات الجديدة التي يتبعها المرشحون. فمرشح الحزب القومي الذي يدخل على أساس مستقل يشكل تلوينا جديدا على مثل هذه القوائم.
الثاني: سعي الجبهة الوطنية التقدمية إلى تقديم تجربة في مجال التعامل مع الأحزاب خارج الجبهة. والمثال هنا أيضا من الحزب السوري القومي الاجتماعي، حيث ضمت قوائمها مرشحا مستقلا (من الحزب السوري القومي الاجتماعي) من منطقة الجزيرة، ومرشحة من المنطقة الوسطى.
عمليا فإن هذا الشكل من التلوين السياسي يؤشر على تجربة جديدة، لكنه وسط زحمة الأسماء المتكررة في كل دورة للانتخابات، يطرح سؤالا جديا حول ما يمكن ان يحدثه هذا التلوين على عمل المجلس. فالانتخابات التي لم يتبدل قانونها رغم كافة التوقعات، والتي قاطعتها بعض أحزاب المعارضة لأسباب متباينة، ستجسد في النهاية صورة لما سيكون عليه الوضع الداخلي السوري خلال السنوات القادمة.خصوصا أن الكتلة الأساسية للمجلس لم تتبدل، وإذا دخل الحزب القومي ببعض النواب، وعلى شكل مستقلين، فهل يؤثر هذا الأمر على الشكل الخاص للمجلس. خصوصا أن هؤلاء موجودون في مناطق خارج العاصمة، بينما مرشح الحزب القومي في دمشق والذي ظهر في قوائم «علم وعمل»، لم يطلق حتى الآن أية حملة انتخابية جادة تعبر عن وجهة نظر التيار الذي ينتمي إليه.
|