لا أحد يشك بأن أي عربي لا يريد تجنيب العراق الحرب القادمة التي تنوي شنّها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها والتي تتزايد أسهمها بسبب كسب المؤيدين للحرب نقاطاً عديدة وتضييع العراق ومؤيديه نقاطاً هامة تمثلت في عدم تقديم مبادرات هامة، إلا بعد أن تفقد قيمتها، وهو ما يجعلها بلا معنى ولا تأثير، كما أن الدول المؤيدة للخيار الدبلوماسي لم تجد دعماً ذا فائدة سواء من العراق، أم من الذين يؤيدون نظام بغداد.
وهنا وإذا كنا نتحدث عن الدول العربية التي تريد جميعها تغليب الخيار الدبلوماسي وإبعاد خيار الحرب، فإنه يجب التفريق بين هذه الدول التي يمكن تصنيفها إلى ثلاث مجموعات.
1 المجموعة الأولى تعمل بجد وبصورة حثيثة لتغليب الخيار الدبلوماسي، لتجنيب الشعب العراقي مآسي الحرب وتقسيم هذا البلد العربي إلى أربع كيانات، ولكن هذه الدول لا تربط دفاعها عن العراق، الشعب والوطن، ليس بالضرورة دفاعاً عن النظام الحالي في العراق، ولكن هذه الدول لا توافق على تغيير النظام من الخارج، بل تترك ذلك الأمر للعراقيين، رغم أنها تدفع إلى أن يغلب النظام مصلحة شعبه ووطنه على مصالح الحكم، ولتسوية هذه المسألة يمكن أن تتكفل المجموعة العربية الثانية بإقناع النظام بإجراء مصالحة وطنية حقيقية تشرك القوى العراقية الأخرى في الحكم، سواء كانت هذه القوى طائفية أو قومية أو حتى سياسية.
2 المجموعة الثانية: وهي تعمل من خلال إصدار البيانات، والمواقف السياسية لإحراج المجموعة الأولى، إلا أن دول المجموعة الثانية لا تميز بين النظام والشعب العراقي إذ ترى الدفاع عن النظام هو الدفاع عن الشعب.
وهذه الدول التي لا تخفي مواقفها هذا الطرح وإن لم تجاهر به، كان يمكن لها أن تلعب دوراً إيجابياً في حل الأزمة العراقية من خلال استثمار علاقاتها مع نظام بغداد واقناع قيادته بالقيام بمبادرات حقيقية وجادة لإبعاد الحرب تتمثل في الالتزام في تنفيذ ما وقعته من اتفاقيات ووافقت عليه من قرارات مجلس الأمن الدولي، وأن تعلن بصراحة عن جديتها في إجراء مصالحة وطنية دون عزل طرف عراقي بحجة التبعية والتعاون مع الأجنبي.
المجموعة الثالثة: وهي مجموعة ليس لها موقف وكأن الأمر لا يعنيها، فهي إما لا تريد إغضاب أمريكا.. وإما لا تجرؤ على تحديد موقفها من نظام بغداد.
وإذا استثنينا مواقف المجموعة العربية الثالثة وهي صغيرة فإنه يمكن البناء على موقفي المجموعتين، إذ بدلاً من الخلافات والتباين في المواقف كما ظهرت في اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ، يمكن توزيع الأدوار عربياً، حيث تستمر المجموعة الأولى في تصعيد جهودها لتعزيز الخيار الدبلوماسي وتعمل المجموعة الثانية لإقناع بغداد بالقيام بمبادرات إيجابية وحقيقية تتمثل في التنفيذ الأمين لقرارات مجلس الأمن الدولي وإجراء مصالحة وطنية حقيقية بضمانات عربية تعزز التحرك العربي لإنجاح الخيار الدبلوماسي.
|