* س: - كنت مع والديَّ واخواني ولدان وثلاث بنات. كان والدي يميل إلى إحدى الأخوات الوسطى لهدوئها وسرعة خدمتها إليه وكونها ملتزمة جادة كنت شريراً أوقل حاقداً فكذبت عليه بدهاء أنها سيئة وذات علاقة مشبوهة من خلال الهاتف فترصدها بدهاء وطول نفس فوجد إشارات بنى عليها أنها سيئة وهي والله بريئة لكن هذا الاتصال يكون لي ولأخي (ع) فيظن الوالد أن المتصل يتصل بها فكرهها وأساء معاملتها فارتحت كثيراً أنني كسبت الجولة ومع مرور الزمن تزوجنا وتوفي الوالد وعللت الخطأ بأنني مراهق «16 سنة» لكني كنت أقصد وأترصد وادرك جيداً ما أقوم به ومايترتب عليه عند الله تعالى.
هي الآن بعد أربعين عاماً لا تدري سبب ذلك والوالد كرهها على طول ومات غير راض عنها هذا ما تم وأنا سببه.
أنا قلق لأنني كذاب ولم يشفع لي علمي وفهمي بل صرت ساكتاً ماذا أفعل..؟
س.م.م.خ.. الرياض
* ج: - تستسمح الأخت الآن نعم الآن. وتبين لها بعد مقدمات لطيفة جيدة أنك فعلت وفعلت وتبرر هذا بطيش الشباب وأنك فعلاً قد حسدتها لابد من هذا.
أما الوالد رحمه الله فمثله كثير على كل مستوى استغفر له وادع له وتصدق عنه صل ذوي وده تعلق بالله سبحانه وتعالى تائباً وان كان قد مضى دهر على هذا لكن شرط التوبة هنا هو: رضى الأخت عليك وعفوها عنك. وهي لعلها لن تتأخر في هذا ولعلك تزيح غامضاً جثم عليها لا تدري سببه.
أما كونك: عالماً بما قمت وكونك كذلك فاهماً بإثمه فليس العلم والفهم رادين ومانعين صاحبهما عن الإثم ما لم يكن هناك: ورع وتقوى ووعي جاد عميق مستمر وليس أدل على ذلك من إبليس والذي آتاه الله آياته وليس أكثر من فرعون ونمرود، وليس أدل من قارون وعامر بن الطفيل، وعقبة بن معيط ومزدك وافلاطون فقد كانوا يعلمون ويفهمون لكنهم من أهل النار بل قد تجد عالماً ذائع الصيت قد ينكر عذاب القبر أوعذاب النار ويعتقد هذا بل قد تجد من يعتقد ويدعو إلى فلسفة مادية عن طريق قصة مثلاً أو شعر أو فكر أو رأي يعارض فيه الحجاب أو يعارض فيه الارث بين الرجل والمرأة أنها على النصف أو يتهم صحابياً ما أو يعارض حكم الله مع انه قد يصلي ويصوم ويتصدق ويصل رحمه ويحج. فالعلم والفهم ليسا دليلاً علي شيء أبداً أبداً ما لم يقترن هذا بتقوى وصلاح وكمال إيمان وعمل بيّن واضح وآثار حميدة.
فليس بالعلم وحده يحيا الإنسان المسلم وليس بالفهم وحده يحيا الإنسان المسلم كلا، بل العمل الموافق للصواب بنية خالصة صادقة في المتابعة انظر مثلاً عبدالرحمن بن ملجم وانظر ابن سبعين والحلاج وبشر المريسي والجهم بن صعوان لعلهم كانوا: من أشد الناس تردداً على بيوت الله المساجد لكن ثم ماذا.
فكونك تذكر أنك تعلم وتفهم ومع ذلك ارتكبت هذه الكبيرة بحق أختك الطاهرةالغاضلة، وبحق أبيك الفاضل خالي الذهن فهذا ليس علماً وليس ذاك فهماً لأنك سرت حثيثاً حثيثاً من خلال «شهوة وشبهه» فصار العلم والفهم لديك تعليلاً نفسياً أنك مسلم كامل الدين وبدأت في ذلك الوقت كما لو كنت «مجدداً» أو «موهوباً».
وماذا نفع إبليس معرفته مع حسده وغروره وكبره وقس عليه إذهب إلى أختك واطلب عفوها ومغفرتها لك سامحك الله.
|