* نيويورك - ( الولايات المتحدة ) - واس :
أكدت المملكة العربية السعودية أول أمس ان مجلس الأمن الدولي يواجه حاليا امتحانا كبيرا في كيفية ممارسة مسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين لأنه يعد وكيلا عن كل أعضاء الأمم المتحدة ويمثل المجتمع الدولي بأسره، وشدد مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير فوزي شبكشى في كلمته أمام الجلسة العلنية لمجلس الأمن الدولي الخاصة لمناقشة الموضوع العراقي ان المملكة العربية السعودية تسعى الى تجنيب العراق والمنطقة الحرب وآثارها المدمرة وتطالب بأن يكون حل القضية العراقية عبر الأمم المتحدة وأن يهدف الحل الى تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة مع الحفاظ على سلامة العراق ووحدة أراضيه وتجنب تقسيمه في أي ظرف من الظروف.
وقال إن مجلس الأمن الدولي لا يمكنه الاستخفاف بالمعارضة الدولية للحرب ضد العراق ما دام هناك فرصة لتنفيذ مطالب الشرعية الدولية سلماً، ولذلك فانه من الأهم والملح للمجلس ان يبحث عن الحلول السلمية والعمل من اجل الاستقرار العالمي وهو الامر الذي لن يتحقق الا بحفظ أمن واستقرار الدول ووحدة أراضيها بما في ذلك أمن واستقرار العراق ووحدة أراضيه.
وأشار الى ان طبول الحرب تتعالى أصواتها حاليا كما ان التهديدات والانذارات ونذر الأهوال المروعة والدمار الشامل تكثفت في الافق القريب والبلاء العام يطرق الأبواب رغم كل النوايا الحسنة والجهود الصادقة التي تبذلها دول وشعوب محبة للسلام بحثا عن حل سلمي للقضية العراقية يبعد شبح الحرب ويجنب العراق وشعبه الشقيق ويلاتها ويقي المنطقة مخاطر كثيرة لا تحمد عقباها.
وأفاد ان تقريري رئيس فريق التفتيش الدولي هانز بليكس ورئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي اللذين استمع اليهما المجلس في الرابع عشر من الشهر الجاري وتصريحاتهما المختلفة كلها تعزز إمكانية الحل سلميا وتؤكد ضرورة إعطاء فرق التفتيش الدولية الوقت الكافي لإتمام مهمتها وتحقيق النتائج المنشودة تنفيذا لقرارات مجلس الأمن الدولي وآخرها القرار رقم 1441 للعام 2002م.
وقال السفير شبكشي ان الحرب هي أمر خطير واذا حلت مشكلة واحدة فانها ستأتي بمشاكل عديدة لها آثار مدمرة، ولذلك فانه أيا كان الهدف الأساسي منها فان نتائجها ستكون كارثية على كل المستويات الانسانية والاقتصادية والسياسية والقانونية والأخلاقية، وأضاف قائلا: إن السبب لتبرير الحرب ضد العراق هو الذي ينبغي ان يكون الاكثر تمسكا لمنعها بتكثيف الرقابة وزيادة التفتيش واستمرار الجهود السياسية والاتصالات الدبلوماسية مع التأكيد على ضرورة تعاون السلطات العراقية بشكل فعَّال مع المفتشين الدوليين وايضا التأكيد على مطالبة العراق باتخاذ الاجراءات وتوفير المعلومات اللازمة لانجاز المفتشين مهامهم وايضا مطالبته بحل مشكلة المفقودين والأسرى الكويتيين ورعايا الدول المحتجزين في العراق وإعادة كل الممتلكات الكويتية وفقا لما نصت عليه الشرعية الدولية كي يمكن معالجة القضية العراقية بشكل كامل ومن جميع الجوانب.
وأوضح ان احتمال وجود أسلحة ذات دمار شامل في العراق ادعى لاكمال المفتشين الدوليين مهامهم كي تدمر ولا تستعمل في أي مواجهة عسكرية وما تجره من أضرار جسيمة انسانيا وبيئيا.
وأكد مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة على ان الإصرار على الاستخدام المفتوح للقوة سيضعف من مصداقية الأمم المتحدة ويشكك في عدالة وقوة القانون الدولي ويعيد المجتمع الانساني الى حالة من الفوضى الخطيرة في وقت أصبحت مصادر القوة والتدمير متاحة للجميع وبات استخدامها ممكنا في غياب سلطة مركزية للمجتمع الدولي وعدم الالتزام بالقانون الدولي.
واشار الى انه حتى لو استنفدت كل الوسائل المتاحة لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وأقر مبدأ الحرب فلا بد من تحديد ماهية العمل العسكري وألا يكون هدفه معاقبة الشعب العراقي الشقيق الذي طالت معاناته واشتدت من حربين مدمرتين ولا يعلم إلا الله ماذا سيصيبه من حرب ثالثة.
وبين ان المملكة العربية السعودية مع كل مسعى لتدمير الأسلحة ذات التدمير الشامل سواء كانت في العراق أو في غيره من الدول لذلك فهي تطالب بأن يقترن المسعى الدولي لإزالة الاسلحة ذات الدمار الشامل في العراق بإزالة اسلحة الدمار الشامل في اسرائيل.
وقال السفير شبكشي ان اسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك مخزونا من الأسلحة النووية ومن الأسلحة المحظورة، كما انها الدولة الوحيدة في المنطقة التي ترفض الانضمام الى معاهدة حظر الانتشار النووي، وهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي ترفض اخضاع منشآتها النووية للرقابة الدولية.
وأضاف ان ما يبرره انصارها بأنها لم تستخدم السلاح النووي أو أي أسلحة أخرى ذات دمار شامل هي حجة مردودة وذريعة مرفوضة لأن اسرائيل تقوم فعلا بالتدمير الشامل في الأراضي الفلسطينية المحتلة من ازهاق للانفس وهدم للبيوت ودك للبنية الاقتصادية وحصار اقتصادي خانق وتخريب للمزارع وتجريف للحقول واقتلاع للاشجار وتصفية للناشطين السياسيين الفلسطينيين وتقييد لحرية التنقل والحركة وقفل المعابر وتوسع في المستوطنات وانتهاك لكل الحقوق الانسانية للشعب الفلسطيني ومخالفة الاعراف والقوانين الدولية والانسانية.
وأوضح ان اسرائيل توسعت في استخدام القوة المفرطة وهي التي تمتلك افتك الأسلحة وأشدها تدميرا بفضل المساعدات غير المحدودة التي تغدق عليها ويحرم منها الآخرون.
وقال.. وهي وان كانت ليست بحاجة الى استعمال الأسلحة ذات التدمير الشامل الا انها تهدد بها دول وشعوب المنطقة خاصة ان العبرة ليست بنوع السلاح المستعمل بقدر ما هي النتائج المتحققة من سياسة تدمير ممنهج وخطط مسبقة بهدف تصفية القضية الفلسطينية وبث اليأس في قلوب الفلسطينيين وإرهاب العرب والمسلمين.
وأشار الى انه يقال (ان من اهداف الحرب على العراق مكافحة الإرهاب) وقال.. الا ان مكافحة الارهاب لا تتم بتجاهل أهم أسبابه في المنطقة وهو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية منذ عام 1967م.
ورأى ان العنف والتطرف في المنطقة ليس سببا في عدم التوصل الى حل للقضية الفلسطينية بل بسبب عدم حل هذه القضية بالعدل والانصاف ووفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام.
وأكد السفير شبكشي ان ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين هما من اسباب التطرف والعنف في المنطقة ودافع لإثارة الكراهية وتباعد الدول لأن الظلم يولِّد التطرف والقهر وينتج عنه بالتالي الانفجار.
وقال إنه ليس هناك قهر أعظم من إهدار الكرامات وتسفيه المعتقدات وإهانة المقدسات خاصة اذا ما اخذنا في الاعتبار ان الاستعمار هو أشد أنواع الظلم ومهما طال ليله وحلك ظلامه فلا بد ان يعقبه صبح الحرية وتشع شمس العدالة.
وأفاد سفير المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة ان للأمن والسلم مفهوما شاملا لا يتجزأ كما ان الالتزام بالشرعية الدولية مسؤولية كل الأطراف ولا يمكن القبول بأي استثناءات تحت أي مزاعم غير مبررة أو ذرائع وهمية أو ممارسة للقوة وتكريس للأمر الواقع، وأضاف ان ما تطالب به المملكة العربية السعودية وتتطلع اليه هو التمسك بقوة الحق وليس اللجوء الى حق القوة.
|