Thursday 20th february,2003 11102العدد الخميس 19 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في الاقتصاد في الاقتصاد
تكدس ملفات الأعمال
د. سامي الغمري

سواء أكان المواظف على مكتب ضخم أم على طاولة صغيرة فإن مفهوم المكتب لا يتغير فالمكتب كل مساحة مكانية تستخدم لإنجاز الأعمال اليومية مهما يكن حجم وشكل ونوع الملفات التي يتعامل معها ويقضي خلاله عدة ساعات لانجازها. هناك من يعتقد بأن المكتب الفارغ علامة على العقل الفارغ. هذه مغالطة كبيرة لأن معظم الناس ينتجون اكثر ويفكرون افضل عندما يعملون على مكاتب خالية تماما من الاوراق المتكدسة. صحيح ان المكتب الفوضوي المزدحم بالملفات واوراق المراجعين يوحي للوهلة الاولى بالانشغال المستمر، ولكن يجب ان لا ننخدع بالمظاهر، فهناك فرق كبير بين العمل والانجاز، وبين الانشغال والانتاجية في حين ان المكتب الذي تعمه الفوضى يؤكد جملة حقائق منها ان الموظف لا ينهي اعماله بسرعة ولا يسيطر على عمله بما يعانيه من حالة عدم التركيز في الوفاء بالتزاماته في المواعيد المحددة وعلى الرغم من الكفاءة الواضحة التي قد يعمل بها الموظف الجاد فلن يكون فعالاً ما دام مكتبه مكدساً بالأوراق لإحساسه الدائم بضغوط العمل الذي يجعله مشتت الذهن وهو يراقب الاعمال المتأخرة ملقاة امامه على المكتب. هذا التشتت المستمر هو من اهم اسباب الاحساس بالاجهاد الفكري والجسمي شاعراً بأنه قليل الانتاج على الرغم من كثرة الملفات التي تحط كل يوم على مكتبه او ترحل عنه.
ومع كثرة التراكم العملي تتحول الاوراق الى مطبات ثم الى جدران يصعب تخطيها تحول دون الوصول الى المطلوب انجازه بسرعة. ومن ثم تتحول سهولة الوصول الى صعوبة بالغة فيها يتحول الهدف المؤقت الى مشكلة مزمنة. ويرجع ذلك الى سلوكية الموظف نفسه، فالبعض يتعامل مع الملفات على اساس انه قد يحتاج لها يوماً ما فيما تستمر عملية الجمع الى ما لا نهاية ودون هدف منطقي لها. هذه الفئة من الموظفين يجمعون كل شيء ويصورون كل وثيقة ويحفظون كل ملف على امل ان يعودوا لها لاحقا ولكنهم ابدا لا يفعلون ولا يحزنون. وعندما تسألهم عن الهدف من ذلك يقولون: هذه الملفات والاوراق مهمة جدا وهم يتناسون انهم سيجدون كل يوم شيئا جديدا مضافا اليهم. هؤلاء مصابون بهاجس حب التملك وتأخذهم هواجسهم الى الاغراق في الجمع لذاته ودون اهداف محدودة ومتى ما اضيف شيء جديد الى مكتبهم فإنه يصبح في عداد المفقودين فالملف يحفظ في مكانه ابدا لا يقترب منه احد ولا تطوله يد.
ان ترتيب المكتب ونظافته مسألة نسبية وهي تتفاوت في اهميتها تبعاً لموقع الموظف نفسه في العمل ولطموحاته الشخصية. كما انها تعتمد بشكل جذري على من يرى مكتبه «الموظف» كل يوم ومن يتعامل معهم. هل هم الموظفون الزملاء فقط ام العملاء والضيوف ايضا؟ فإذا كان الموظف يهتم بصورته الشخصية امام مديره ويهتم بصورة مؤسسته امام العملاء والمنافسين اعطى اهتماماً اكبر لترتيب واناقة مكتبه والعكس صحيح. وقد اثبتت الابحاث انه كلما ارتقى الموظف في السلم الوظيفي كان مكتبه انظف واكثر ترتيباً، مصوراً للآخرين بأن مكتبه مؤشر ايجابي على استعداده المهاري والوظيفي لتقلد مناصب وظيفية ارفع باستمرار. وللموظف ان يقارن بين الحالتين بين مكتب نظيف وبين مكتب مكدس بالاوراق ليكون حكمه عادلاً وقراره بالانتماء لفئة المنظمين او فئة الفوضويين قاطعاً مانعاً.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved