Wednesday 19th february,2003 11101العدد الاربعاء 18 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تباين مواقف أبناء الإسلام تباين مواقف أبناء الإسلام

سعادة رئيس تحرير «الجزيرة» وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإني أرجو ألا أخرج عن الحقيقة إذا وصفت «الجزيرة» بأنها إحدى الصحف القليلة التي تتميز بالاعتدال والتوسط في طرحها وأبوابها وعناوين أخبارها ودعاياتها..الخ، وأعدُّ نفسي من قرائها الملازمين منذ القدم.. وغالباً ما أتصفح جميع صفحاتها وأقرأ ما يمكنني إلا أنني أُسَرُّ في يوم الجمعة حيث صفحات «آفاق إسلامية» التي لا أذكر أن فاتني شيء منها، وحيث إن اهتماماتي وتخصصي في هذا المجال لاحظت تباين مواقف أبناء الإسلام وتصوراتهم تجاه الربط بين مصادر الأمة الأساسية وبين ما يستجد من علوم وبحوث ودراسات كل لحظة.. ولذا أجد في آفاقكم الرحبة ما يملأ بعض الفراغات التي يعيشها ويعاني منها الشباب وطلاب العلم بخاصة من خلال الطرح المستجد في هذه الآفاق والتطور المبني على فقه الواقع وذلك عندما تثار في هذه الآفاق قضايا ومسائل متفرعة مع الباحثين والمهتمين.. وعلى الرغم من أن هناك حقائق محزنة في أوضاع الأمة الإسلامية.. إلا أن إثارة مثل هذه الحقائق والبحث في عوائقها ووسائل تطورها يجعلان الأمل لغد مشرق يحدو المتفائلين من أبناء الأمة.. ومن هذه الحقائق ما أثاره الأستاذ سلمان بن محمد العُمري في زاويته «رياض الفكر» في عدد الجمعة «11047» الثالث والعشرين من شوال للعام الثالث والعشرين بعد الأربعمائة والألف.. وكان عنوان المقال «البحث العلمي بين الدوائر الرسمية والمطلوب».. ولقد عرض الأخ سلمان مشكلة البحث العلمي في الدوائر الرسمية بدأه ببيان أهميته وأنه الوسيلة الأساسية لأي تقدم يراد.. وأنه لمن المؤسف جداً أن ميزانية البحث العلمي في الدول الإسلامية لا تقارن أو تذكر أمام ميزانيته في الدول المتقدمة التي كانت الدولة الإسلامية هي المتقدمة على الأمم منذ وقت ليس بالبعيد، وما جعلها في مؤخرة الركب إلا كما ذكر الأخ العُمري وذلك حينما أهملت ذلك الجانب وسادها الضعف حتى غلب عليها طابع التخلف واصطلح العالم على إطلاق العالم الثالث والدول النامية للدول الإسلامية في الغالب.
وإننا في هذه البلاد الطاهرة ندرك حرص الدولة وما تبذله في سبيل توفير الحوافز المادية والمعنوية الكافية للمشتغلين في البحث العلمي وتشجيع الكتاب والمؤلفين السعوديين وغيرهم وعلى الرغم من ذلك، وفي الوقت الذي تنفق فيه الدول المتقدمة ما بين «2» إلى «4» في المائة من اجمالي ناتجها القومي على عمليات توظيف البحث العلمي إلا أننا نرى غياباً للفهم الصحيح والموقف السليم الواجب حول أهمية البحوث العلمية وبخاصة الحكومية منها ذات العلاقة بالتوجيه والتوعية والخدمات المكتبية والثقافية والتوثيقية.
وأنا هنا أقف مع الأستاذ سلمان العُمري في أن ضيق الآفق عند بعض المؤسسات الرسمية مع انعدام التخطيط والتنسيق والتعاون بين مختلف هذه المؤسسات العلمية من شأنه ان يفتت الجهود ويبددها ويجعلها تتكرر في خطوط قصيرة متوازية في وقت نذكر فيه ان من اهم عوامل التقدم هي التحرك ضمن واطار واحد في تلبية البحث العلمي وتوظيفه وتشجيعه في مجاليه الانساني والتقني وما يربط بينهما.
نعم هناك مؤسسات تملك قاعدة مؤهلة وقادرة على أنها ينقصها المال اللازم للدعم بينما هناك أخرى تملك ما يفيض عن حاجتها الفعلية من أموال في حين أنها تفتقر إلى القوى البشرية القادرة، وهذا الجانب تتضح من خلاله أهمية التنسيق والتعاون وأثره على المجتمع الذي أشار إلىه سعادة الأستاذ العُمري ومما يدعو للمرارة أن بعض القياديين المتخصصين في مثل تلك المؤسسات التي يديرونها ذات العلاقة المباشرة بتخصصاتهم يرفضون كل جديد ومفيد للمؤسسة بحجج وتصرفات قد لا يستسيغها العقل أحياناً أو المنطق السوي ولا يؤيدها.
والحق أن تلكم المواقف وواقع البحوث العلمية اليوم من شأنها أن تصرف همم الباحثين المتخصصين واتجاهاتهم إلى النشاطات الإدارية والمالية؛ إذ إن الحياة العملية في البحث تحتاج إلى كثير من المجاهدة والصبر والنزاهة والموضوعية وليس كل الناس قادرين على ذلك، فإذا لم يول هؤلاء ما يستحقون من الرعاية والتكريم انصرفوا عن العلم والبحث، ومما يؤسف له أيضاً أن الكثير من الحوافز المادية والمعنوية التي تخصص للعلماء والباحثين في بعض القطاعات قد يشوبها كثير من عدم الموضوعية ونقض الحيدة بما يخرج عن غايتها الصحيحة. إن تعميق البحث العلمي في نفوس الباحثين والقائمين على الأجهزة الرسمية والمؤسسات بل كافة الأفراد يعد احدى أهم الوسائل المعنوية للنهوض.. ولو وقفنا لحظة تأملية لوجدنا ذلك منهجاً قرآنياً وضرورة إسلامية ومطلباً شرعياً وهو من منظور الإسلام يعد فرضاً كفائياً يأثم المجتمع بتركه وإهماله أو التقصير فيه.. ولذا نقول لهؤلاء: ترشيد التوظيف يجب ألا يطول توظيف البحث العلمي فذلكما أمران بينهما بون شاسع وعليه فلا بد من مراجعة خطط البحوث العلمية في العالم الإسلامي وتشجيع البحث العلمي بين أفراده ومؤسساته والتشجيع على التأليف والترجمة والنشر وإنشاء مراكز للبحوث العلمية المتخصصة ووضع البرامج الزمنية المحددة لترجمة الكتب العلمية والتقنية إلى اللغة العربية..
وأخيراً أشكر لصحيفة «الجزيرة» جهادها في نشر كل ما من شأنه أن يرقى بالبحث العلمي، وأثني كثيراً على الأخ الأستاذ سلمان العُمري في طرحه للمشكلات الكبرى في المجتمع وسعيه في فتح الأبواب لحلها وتبينها. وأسأل الله تعالى أن يقيّض لمقترحات الأستاذ سلمان ولما جاء في هذا التعقيب الآذان الصاغية والعقول المدركة والقلوب المخلصة والسواعد العاملة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

د. ناصر بن حمد القبيسي / قسم التقنية الإدارية في الكلية التقنية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved