حيثما حلت رحال سلطان بن عبدالعزيز استبشر الكل، وأعني بالكل هنا كل كائن حي، من الانسان والطيور، وكل فصيلة من فصائل الحياة الفطرية وبيئاتها الطبيعية من غابات وواحات، وحرات وصحار.هذا الرجل منحه الله كما وافرا من الحب والقبول، فلم يكن هناك شيء إلا وله من حب سلطان نصيب، فترى الكل يبادل هذا الرجل بكميات هائلة من الحب الصادق، لأنه رجع صدى لحب صادق، من رجل صادق في حبه لوطنه ومواطنيه، اوجد سلطان بقدرة نفاذ حبه الى قلوب كل مواطنيه بيئات خصبة للحب الصادق في كل صقع، واكاد اجزم بأن له في كل شبر من ارض الوطن روضة معطرة تفوح بحب مواطنيه له فترتسم على محياهم اشراقات الفرح بلقائه.
زيارات سلطان الموسمية لكل اركان مملكتنا الواسعة هي مواسم فرح وسرور، وخير وعطاء ينتظرها كل المواطنين، تماماً كانتظارهم مواسم الحيا الذي منه تنبعث الحياة، قد لا اكون مبالغاً اذا قلت ان انبعاث الحياة في مناطق شاسعة من بلادنا ما كان لها ان ترى الحياة لولا جهود سلطان المشمولة بحبه المتدفق، وهنا اورد الحقائق، حتى لا اتهم بالمبالغة او طغيان العاطفة، وهي حقائق ملموسة حسياً و ذهنياً، فمن كان يصدق ان مدناً عامرة ستزدهر مخضرة في رمال الوديعة وشرورة والخرخير؟، من كان يصدق ان بلدة صغيرة مثل خميس مشيط ستصبح خامس اكبر مدينة في المملكة؟، بل من كان يصدق ان بلدة صغيرة مثل تبوك تتحول من مجرد مكان تاريخي شهد احدى غزوات النبي صلى الله عليه وسلم لتصبح منطقة كاملة من مناطق المملكة، وقد كانت الى عهد قريب لايزيد عدد سكانها على خمسة آلاف؟ من كان يصدق ان حفر الباطن التي لم تكن الا مجرد فلاة ترعى فيها الجمال والاغنام اوقات الربيع تتحول الى مدينة عصرية في خلال حوالي عقدين من الزمان؟
من كان يصدق ان العيينة ستعود اليها الحياة بعد ان توقف عندها التاريخ قبل اكثر من ثلاثمائة سنة؟، هذه مجرد نماذج او امثلة مما كان لسلطان الخير اليد الطولى والاولى بعد عناية الله وإرادته في وجود ما اشرت اليه اعلاه.
لم تكن ميزانية الدفاع تنفق على التسليح وتدريب الرجال درع الوطن وحماته فحسب، بل انفقت على بناء مدن بكل ما تعنيه الكلمة لمفهوم مدينة، بل مدن عصرية جميلة التخطيط، مكتملة المرافق من مستشفيات ومدارس، وطرق وحدائق، ومراكز فكرية وثقافية ورياضية يعود نفعها وتقدم خدماتها للجميع عسكريين وغير عسكريين، فكانت تمثل نواة وذروة سنام نماذج التنمية في بلادنا.
ان بعض الذين لايعرفون ما انجزته القوات السعودية المسلحة بقيادة سلطان من معجزات تنموية شملت الانسان في جميع مراحل حياته من الولادة الى ان يصبح فرداً عاملاً فاعلاً في مجتمعه، وما يجده من رعاية تعليمية وصحية واقتصادية لا يدركون ان ما انفق من ميزانيات على قواتنا المسلحة انما هو انفاق على تنمية شاملة، بدأت من نقطة الصفر في بناء مدن لم يكن لها وجود، وبناء بيئة حضارية لإنسان فاته ركب الحضارة قرونا طويلة، فبذلت الاموال مضاعفة من اجل تعويضه، وإلحاقه بقطار الحضارة السريع مع ايجاد الوسائل والطرق في المواءمة والتوازن بين ما قدمته له التنمية، وبين حفاظه على هويته الثقافية والحضارية، ولإيجاد مثل هذا التوازن في حد ذاته بذلت جهود في بنائه، ونجحت الجهود في خلق مواطن سعودي يعيش مع العصر بكل تقنياته، وفي الوقت نفسه يحافظ على هويته وثقافته الوطنية، ولقد اثبت الطيار السعودي، والمهندس السعودي، والفني السعودي، والاستراتيجي السعودي، من منسوبي القوات المسلحة وخريجي الاكاديميات العسكرية السعودية انهم في قدرة متوازنة مع نظرائهم في ارقى القوات المسلحة في العالم المتقدم، ولقد اثبتت حرب الخليج الثانية نماذج مشرفة ممن نتحدث عنهم من منسوبي قواتنا المسلحة الباسلة.
اذا كانت قواتنا المسلحة الباسلة هي الدرع الحامي والواقي بعد الله لحماية هذا الوطن، والحفاظ على وحدته وقوته وشموخه هذا الوطن القوي المتحد الشامخ الذي بناه ووحده، وأرسى قواعد اركانه القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بقوة سواعد آباء وأجداد ابناء قواتنا المسلحة فإن هذه القوات المسلحة نفسها هي التي شاركت مشاركة فاعلة ومشهودة بقيادة الامير سلطان بن عبدالعزيز على مدى يزيد على اربعة عقود من العمل المتواصل الدؤوب في بناء اكبر تنمية حضارية عرفها بلد من بلدان العالم الثالث، حيث قامت ببناء المدن والمصانع والجامعات والمستشفيات والطرق والمدن الصناعية. ان كل هذه المنجزات هي امانة في اعناق ابناء قواتنا المسلحة البواسل في الحفاظ عليها وحمايتها، كما ان من واجبهم الحفاظ على وحدة تراب هذا الوطن الذي توحد بدماء غالية وزكية هي دماء الآباء والاجداد.
لم تقتصر جهود الامير سلطان على التخطيط السليم، والطموح غير المحدود لبناء قواتنا المسلحة التي يعد الباني الحقيقي لها في عصر العلم والتقنية الحديثة، وبناء مدنها العسكرية في كل منطقة من مناطق المملكة، وبناء قواعدها الجوية والبحرية والبرية، وفي مملكة اشبه بالقارة من حيث مساحتها، وانما اسهم ايضاً بجهوده الذاتية في دعم التنمية المحلية التي شملت بناء الطرق، والمدارس والكليات والجامعات، والمدن المتخصصة، كما اسهم في التبرع لبناء المراكز الحضارية، مثل تبرعه السخي في بناء مركز حضاري في تبوك ونجران، ومساهمته في بناء مركز حضاري في خميس مشيط اثناء زيارته هذه الايام، ومساهمته حفظه الله في دعم مركز آل زلفة الثقافي والحضاري في قرية المراغة بمحافظة أحد رفيدة، ودعمه العام الماضي في بناء مركز الاميرة نورة بنت عبدالرحمن في مدينة عنيزة، ومساهمته في انشاء كلية للطب في مدينة الطائف. اما تبرعه في بناء اول جامعة اهلية في المملكة وهي جامعة الامير سلطان في مدينة الرياض فإنها خطوة رائدة لهذا الرجل العظيم في ايجاد جامعة عصرية تخفف العبء الملقى على كاهل جامعاتنا التي ضاقت بأعداد المتقدمين لها.
إذا كان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله قد قام بتوحيد هذه المملكة الواسعة الأرجاء، وفي ظروف صعبة استحق بكل جدارة ان يكون اول موحد عربي في التاريخ الحديث، وسجل التاريخ له هذه الريادة التي لم يسبقه اليها زعيم عربي، ولم تشهد امتنا لما قام به مثيلاً.
وإذا كان الملك فهد بن عبدالعزيز اول زعيم عربي مسلم يقوم بأكبر توسعة للحرمين الشريفين يعرفها التاريخ، واستحق بكل جدارة ان يطلق على نفسه خادم الحرمين الشريفين، وهو من لم يسبقه الى هذا اللقب ملك عربي، وسيسجل التاريخ له هذا العمل والانجاز العظيم.
فإن الأمير سلطان بن عبدالعزيز سيسجل له التاريخ انه أول وزير دفاع في العالم قاد اكبر حركة تنمية لم تشهد لها بلادنا مثيلا وستبقى مآثره غرة ناصعة في جبين تاريخ المملكة العربية السعودية تذكرها الاجيال القادمة جيلاً بعد جيل.
الأمير سلطان استحق الحصول بكل جدارة على الجوائز العالمية التي منحته اياها مؤسسات عالمية مشهورة كان آخرها مؤسسة الملك فيصل التي منحته جائزتها العالمية لهذا العام لخدمة الانسانية، وكذلك جائزة الشيخ راشد آل مكتوم التي منحته ايضاً جائزتها هذا العام لخدمة الانسانية.فلك من مواطنيك وأهلك في هذا الوطن كل مشاعر الحب الصادق، والدعاء الخالص لك، ولهذا الوطن ولقيادته التوفيق والسؤود، والنصر والتأييد.
(*)عضو مجلس الشورى
| 
