عنوان مقالة هذا الأسبوع ترجمة لمضمون المقالة الافتتاحية لصحيفة النيويورك تايمز الصادرة يوم الثلاثاء 21/1/2003م، حيث ورد فيها ان الحافز الأساسي للاقتصاد الأمريكي خلال شهر يناير الماضي لم يكن بمبادرة أو قرار من واشنطن - مع الاحتفاظ بكل الاحترام المستحق للرئيس الأمريكي ولأعضاء الديمقراطيين في الكونجرس - وإنما نشأ من فيينا حينما قررت أوبك زيادة صادرات النفط بمقدار 5 ،1 مليون برميل يومياً، وذلك لتعويض النقص الحاصل في امدادات النفط في الأسواق العالمية بسبب اغلاق صناعة النفط في فنزويلا والتي تؤمن 13% من احتياجات السوق الأمريكية من النفط المستورد.
ولأجل أن تكون المقالة أكثر دقة وتعبيراً عن الواقع فإنه من المناسب اجراء تعديل بسيط في اسم المدينة التي نشأ منها العامل المؤثر في الاقتصاد الأمريكي لتكون الرياض بدلا من فيينا. ويوضح المقال أمرين وذلك من وجهة نظر الأمريكيين أولهما أنه مثلما تؤثر القرارات التي تتخذ داخل الولايات المتحدة الأمريكية في العديد من اقتصادات العالم فإن الاقتصاد الأمريكي يتأثر بما يحدث ويقرر خارج حدوده. وثانيهما أن إدراك الأمر الأول يدفع بعض متخذي القرار في الولايات المتحدة الأمريكية الى السعي الى جعل كل ما يؤثر في الأوضاع الداخلية الأمريكية ومصالحها تحت السيطرة والتحكم المحلي. بغض النظر عن مصالح الشعوب الأخرى.
وتأكيداً لهذا أوردت الصحيفة في نفس المقال انه بعيداً عن المكاسب المتحققة في الأجل الحال من قرار أوبك بزيادة انتاج النفط فإن القرار السعودي المتضمن استعداد السعودية لضمان تدفق النفط الخام الى الأسواق بالكميات التي تحتاجها في حال نشوب حرب مع العراق يبين مدى الترابط الحتمي بين مصالح كبار منتجي النفط ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية. خاصة وان السعودية والبلدان الأخرى المنتجة للنفط في الشرق الأوسط جاءت لانقاذ أمريكا من تبعات الأزمة السياسية في فنزويلا والمتمثلة في توقف الواردات من النفط الفنزويلي. وهذا ما يتنافى مع التصور السائد الذي يرى في فنزويلا مصدراً آمناً للنفط لأمريكا في حال حدوث اختلالات في امدادات النفط من الخليج العربي.
ومن المفترض ان يؤدي تنامي الوعي وانتشاره بهذه الحقائق الى السعي لاستقرار المنطقة واستيعاب الأزمات وحلها بالطرق التي تبقي على الوضع بعيداً عن الاضطرابات والهزات العنيفة، وإلا فالنتيجة الحتمية أن الجميع سيخسر ولن يكون هناك مستفيد - وأقرب شاهد على هذا ما هو حاصل في فنزويلا، وتوقعات المحللين الذين يتوقعون ان أسعار النفط كانت ستحلق بعيداً عن مستواها الحالي بسبب حالة عدم الاستقرار ووضوح الرؤية في العراق وفنزويلا لولا المبادرة السعودية.
(*) قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
جامعة الإمام محمد بن سعود
|