Wednesday 19th february,2003 11101العدد الاربعاء 18 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مع اقتراب نذر الحرب : مع اقتراب نذر الحرب :
كارثة إنسانية تحدق بالشعب العراقي

  * واشنطن - براد نيكربوكر (*) :
في الوقت الذي اصبحت فيه الولايات المتحدة قاب قوسين او ادنى من القيام بعمل عسكري في العراق، تبدو هناك صعوبة بالغة في تحديد الاثار الانسانية المحتملة لهذه العملية، وكيفية الاستعداد لمواجهتها،ان تقدير الخسائر العسكرية والمدنية يتضمن كثيرا من المتغيرات بالصورة التي يصعب معها تحديدها بدقة من بينها : الانواع الجديدة من الاسلحة الامريكية التي سيتم استخدامها، ومصداقية اجهزة المخابرات العسكرية للتحالف، وما اذا كان العراق سوف يقاوم غزوا يهدف للاطاحة بصدام حسين ام لا، وكيفية حدوث ذلك، وحالة البنية الاساسية المدنية العراقية، وعمليات التضليل الاعلامي، والدعاية من الجانبين.
شبح فيتنام
ان الجيش الامريكي يلتزم الحذر الشديد بشأن تقدير خسائر العدو البشرية، في الوقت الذي يريد فيه تجنب وقوع سيناريو يعيد الى الاذهان ما حدث في فيتنام، عندما اتسمت التقديرات لخسائر العدو بالمبالغة بغرض المباهاة والتفاخر.
يقول الجنرال تومي فرانكس قائد القوات الامريكية في الشرق الاوسط وجنوب آسيا«اننا لانحصي الجثث» وتقول ادار الرئيس بوش ان العراق لديه سجل واضح في كيفية تلفيق ارقام الخسائر البشرية، ووضع السيناريوهات - حتى وضع شعبه على طريق الضرر والاذى.
ورغم الشكوك، فان تقديرات واضعي خطط الامم المتحدة تشير الى ان مايصل الى نصف مليون شخص«قد يحتاجون الى العلاج نتيجة للاصابات المباشرة او غيرالمباشرة» الناجمة عن الحرب، وفي تقرير صدر مؤخرا بعنوان «السيناريوهات البشرية المحتملة» حذر واضعو خطط الامم المتحدة ايضا من «انتشار الامراض بشكل وبائي».
فرار ومجاعة
ووفقا لمسودة التقرير فان الوضع الغذائي لنحو ثلاثة ملايين شخص«سوف يكون صعبا» وان 6 ،3 ملايين شخص سوف يحتاجون الى ملاجئ طارئة، وان 900 الف عراقي سوف يفرون الى الدول المجاورة - اضافة الى تشريد مليونين اخرين في الداخل، ورغم اقتراب عدد سكان العراق من عدد سكان افغانستان (26 مليون نسمة) الا ان الخبراء يقولون ان الشعب العراقى ربما يعاني من مصاعب الحرب بدرجة اكبر .
ونظرا لان عددا كبيرا من سكان العراق يتركزون في المناطق الحضرية، مما يجعلهم اقل اعتيادا على الحياة في ظل ظروف قاسية، فانه على الرغم من احتمالات توافر خدمات الشرب والصرف الصحي والطاقة الحديثة لهم، الا ان هذه الخدمات تعاني بالفعل من حالة سيئة في مختلف انحاء البلاد، حيث يتدفق نحو نصف مليون طن من مياه الصرف الصحي الى مصادر المياه يوميا وفقا لما ذكرته مجموعة المساعدات الدولية (كير) في الوقت الذي تنقطع فيه الطاقة الكهربائية غالبا.
الحالة الغذائية
وذكر برنامج الغذاء العالمي ان 40% على الاقل من سكان العراق - وبعض المصادرالاخرى تضع هذه النسبة عند 60% - يعتمدون على الحصص التي تتولى توزيعها الحكومة، وتشمل المواد الاساسية مثل الدقيق والسكر والارز، لقد ارتفع عدد الاطفال الذين يعانون من سوء التغذية من 7 ،18% الى 30% منذ حرب الخليج .
وتقول مرجريت حسان مدير برنامج منظمة ( كير) الدولية في العراق انه بعد تعرض الشعب العراقي لحربين (الحرب العراقية الايرانية، وحرب الخليج ) وخضوعه لعقوبات الامم المتحدة، ومعاناته على مدى سنوات من سوء المعاملة في ظل نظام ديكتاتوري«لم يعد لديه حاليا الموارد الكافية لمواجهة ازمة جديدة».
وفي ضوء التوقعات الخاصة بحاجات الشعب العراقى عند اندلاع الحرب، تعكف منظمة (اوكسفام) الدولية، والمنظمات الدولية الاخرى، على تجنيد وحشدالموظفين والمعدات في المنطقة، في الوقت الذي تقوم فيه منظمات الامم المتحدة المهتمة بالطفولة واللاجئين والفئات الاخرى التي تحتاج الى المساعدات، بتخزين المواد الغذائية، وتكديس البطاطين، والمواد الاخرى في ايران والدول المجاورة الاخرى تحسبا لوقوع الحرب.يشعر جيرمى هوبس المدير التنفيذى لمنظمة«اوكسفام» بالقلق من احتمالات ان تستهدف الضربات الجوية - في حالة اندلاع حرب - محطات الطاقة العراقية، ويضيف قائلا «اذا حدث ذلك، سوف تنهار شبكات المياه والصرف الصحى العراقية، التي تعتمد على الكهرباء، والتي هي بحالة سيئة بالفعل، تاركة ملايين الاشخاص عرضة للامراض والاوبئة».
مزاعم أمريكية
ومن جانبها تلقي الادارة الامريكية بمعظم المسؤولية عن معاناة العراقيين على نظام صدام حسين، يقول البيت الابيض في تقرير اخير له بعنوان جهازالكذب : الدعاية والتشوية الاعلامي لصدام 1990- 2003«ان نظام صدام حسين لجأ الى وضع المدنيين بالقرب من مواقع المعدات، والمنشآت والقوات العسكرية، وهي اماكن مستهدفة في اي صراع مسلح ... في الوقت الذي يلقى فيه باللوم في حدوث الازمات الطبية والمجاعة - التي هي غالبا من صنعه - على الامم المتحدة اوالولايات المتحدة وحلفائها».وقد ارتفعت تقديرات الخسائر البشرية العسكرية العراقية (القتلى والمصابين) خلال حرب الخليج عام 1991 الى 100 الف حالة، الا ان بحثا اجرته وكالات حكومية وباحثون في القطاع الخاص ووسائل اعلام،انتهى الى التشكيك في هذه الارقام، وفي الوقت الذي فقدت فيه الوحدات العسكرية العراقية قسما كبيرامن قواتها مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب، الا ان الجدل لايزال دائرا حول هذا الموضوع، على اية حال فان معظم الخبراء يقولون انه ربما وصلت الخسائرالعراقية البشرية الى عدة آلاف.
شاهد ماشفش حاجة !!
لقد اصبحت التقارير العراقية عن وقوع الكثير من الوفيات المرتبطة بعقوبات الامم المتحدة بين المدنيين- خاصة وفيات الاطفال صغار السن - اصبحت امرا مشكوكا فيه، وبناء على الخبرة السابقة، فان الشك يساور بعض المراقبين بشأن تقديرات الولايات المتحدة ايضا، فقد شهدت شابة كويتية قبل الحرب امام الكونجرس، بانها شاهدت قوات الجيش العراقي تاخذ اطفالا في سن الرضاعة من حضاناتهم، وتتركهم بدون غذاء حتى الموت، وقد ثبت في النهاية ان هذه الشابة - لم تعمل في المستشفى، وان مؤسسة علاقات عامة في واشنطن، قامت بترتيب ادلائها بشهادتها لحشد التأييد السياسي للتدخل الامريكي.
وعلى ايه حال فانه من المحتمل ان تلتزم الولايات المتحدة - والحلفاءالذين تستطيع حشدهم - الحذر بشكل خاص لتجنب«الخسائر البشرية» للحرب، حيث لايريد المسؤولون الامريكيون تكرار اخطاء من قبيل الغارة الجوية على بغداد التي راح ضحيتها اكثر من 400 شخص،وقصف السفارة الصينية وقطار ركاب في بلجراد، والهجمات التي تعرض لها حفل زفاف، ومنشآت تابعة للجنة الدولية للصليب الاحمر في افغانستان .

(*) خدمة «كريستيان ساينس مونيتور - خاص بـ «الجزيرة»

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved