Wednesday 19th february,2003 11101العدد الاربعاء 18 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

البوارح البوارح
البشرية تنشد السلام
د.دلال بنت مخلد الحربي

من الواضح أن القضية التي تشغل أذهان الناس في جميع أنحاء العالم هي قضية الحرب على العراق التي تنوي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا شنها، ومن أجلها تجيش لها الجيوش وتحرك الأساطيل، ورغم ما يلاحظ من إعلان من قبل العراق بفتح كل أراضيه للمفتشين، وما يشاهد عملياً من تجول المفتشين في كل أنحاء العراق وتفتيشهم للمدارس والجامعات والمصانع والمساجد والمعامل والقصور الرئاسية... إلخ، وخروج لجنة التفتيش بمؤشر إيجابي يوحي بتعاون العراق ورغبته في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، إلا أن الإصرار الأمريكي على الحرب أشعل موجة من المعارضة على مستوى العالم، وهي معارضة هدفها بالدرجة الأولى وقف الحرب من منطلق أن أية حرب هي في الحقيقة تدمير لقوى الإنسان وتعكير لصفو السلام والأمن.
والمظاهرات الحاشدة التي خرجت من مئات المدن في مختلف العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.. التي بلغ من كبر حجم بعضها كما هو حال مظاهرة لندن التي تجاوز المتظاهرون فيها المليون، وفي برلين تظاهر أكثر من مائة ألف متظاهر، وفي استراليا حوالي مائة وخمسين ألف متظاهر، وغير ذلك من مدن العالم، وهذه المظاهرات تدل دلالة واضحة على أن البشرية قد كلَّت وتعبت من هذه الحروب التي تسفك فيها دماء الناس بدون مبرر في أكثر الأحيان، إذ إن الضحية دائماً هم البسطاء من الناس في حين ينجو من تستهدفهم هذه الحرب.
وهذه المظاهرات المناوئة لخطط الحرب الأمريكية تكشف زيف الديمقراطيات الغربية، ففي حين تتحدث حكومات مؤيِّدة للحرب بأنها تقوم بذلك بوازع وطني فإن المظاهرات الضخمة تدل على عكس ذلك أي أن الحكومة تعمل ضد إرادة الشعب.
إن هذا التيار الجديد الذي ساد العالم كافة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى اليابان وشمل دولاً مسيحية ومسلمة وبوذية وهندوسية يوضح أن العالم قد شبع من الصراعات وشبع من النزاعات التي تؤدي إلى الحروب والكوارث.
إن السلام وتحقيق الأمن والاطمئنان للإنسان هو مطلب ملح وتنفيذه يكون بالإصغاء إلى صوت العقل وتحكيم الضمير، ولعلنا هنا نتذكر القضية الفلسطينية، هذه القضية الإنسانية التي أوشكت أن تدخل مرحلة النسيان بسبب تجاهل الغرب لأبعادها ودعمهم الأعمى لقوى الاحتلال الصهيوني في أعمالها التي لا تمت إلى إنسانية والتي تدل على وحشية وغطرسة يجعلنا نتمنى أن تكون هناك وقفات تأييد كبيرة على مستوى العالم لهذه القضية، وندرك جيداً أن وسائل الإعلام الغربية تغطي في أحيان كثيرة على الجرائم الإسرائيلية، وبالتالي فإن الواقع والحقائق لا تصل إلى الناس مما يجعلهم غير مدركين لقسوة الوضع في فلسطين وجبروت وطغيان المحتل الذي يمارس أبشع أنواع القتل والتعذيب. إن السلام العالمي مطلب ملح كما وضح من المظاهرات المنددة بالحرب ضد العراق، والناس في كل مكان ينشدونه ولن يترددوا في الوقوف ضد كل ما يقوِّضه ويهدده، وهو ما يعني أن القضية الفلسطينية العادلة ستلقى التأييد ذاته لو تمكَّن العرب من نقل واقعها نقلاً فاعلاً واستطاعوا توضيح حقائق الممارسات الإسرائيلية الوحشية.
وأخيراً فإن الأمل كبير في أن يتغلب منطق العقل ويكون السلام هو الخيار والبديل عن حرب مدمرة لا معنى لها ولا مبرر لقيامها.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved