رغم محاولات التغافل الذي حاولت مستشارة الأمن القومي الأمريكي جونزليزا رايس بالإيحاء بعدم قدرة التظاهرات الشعبية التي شملت كل أصقاع العالم، والتي ضمت أكثر من عشرة ملايين متظاهر ضد الحرب التي تزمع أمريكا شنها على العراق وشملت أكثر من ستمائة مدينة منها أكثر من مئتين وخمسين مدينة أمريكية.
نقول.. رغم هذا التغافل والإيحاء، إلا أن التظاهرات التي لاتزال تتواصل لابد من أن تصيب رؤساء الدول والحكومات المتحالفة مع أمريكا والراغبة في الحرب، بالرعب والخوف من أن تطيح بها الجماهير التي أظهرت استطلاعات الرأي أن أكثرها ضد الحرب. وأكثر هؤلاء الزعماء «رعباً» هو أكثر الزعماء الغربيين قرباً وتحالفاً مع الرئيس بوش، ذلك هو رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي تؤكد كل الاستطلاعات وآراء الساسة البريطانيين بأنه إذا رافق بوش في شنه حرباً على العراق دون الحصول على تصريح واضح من مجلس الأمن، فإنه سيدفع ثمناً باهظاً بإنهاء حياته السياسية، والإطاحة بحكومته وإبعاد حزبه عن السلطة، وهي نتيجة يؤكدها حتى أعضاء حزب بلير ومنهم وزراء وأعضاء في مجلس العموم.
الحكومة الأخرى المهددة من قبل الناخبين إن هي عارضت رغبتهم وتحالفت مع واشنطن في شن الحرب كما هي عليه الآن، هي حكومة أزنار في إسبانيا، وقد عبرت وزيرة الخارجية عن مخاوف حقيقية بعد المظاهرات التي جرت في إسبانيا والتي ضمت حوالي خمسة ملايين متظاهر، بقولها إن الحكومة تصغي ب«الطبع» إلى صوت الشارع وأنها تفهم هذه التظاهرات تماماً ورأت أنَّ «أحداً لا يستطيع احتكار الشعور المصمم على معارضة الحرب».
أما في إيطاليا فقد شهدت روما العاصمة أكبر تظاهرة، كانت عبارة عن عدة مظاهرات مدمجة، حيث كانت شوارع روما تشهد في آن واحد مجموعة من التظاهرات جميعها ضد الحرب.. وهذا أيضاً ما أرعب برلسكوني وحكومته حيث كشف عدد من أعضائها معارضتهم لاندفاع رئيس الحكومة إلى معاضدة الرئيس الأمريكي والشعب يرفض الحرب.
أيضاً في أستراليا تكررت الصورة حيث شكلت المظاهرات في سدني أكبر المظاهرات من حيث الحجم والعزم الصادق في فرض الحرب.
هذه التظاهرات التي كان أكثرها وأكبرها في عواصم الدول التي صنفت على أنها حليفة لواشنطن في شنّ الحرب، إذا ما أضيفت لها مظاهرات باريس وبرلين وتركيا وعواصم الدول الآسيوية والإسلامية والعربية يكون بذلك قد تشكل إجماع عالمي لم يحصل منذ تظاهرات رفض الحرب الأمريكية في فيتنام، وهذا الرفض العالمي الذي تحاول جونزاليزا تغافله لا يمكن أن يمر مرور الكرام، فالأيام القادمة مرشحة لتنامي الرفض واندلاع مزيد من التظاهرات وإذا ركب الأمريكيون رأسهم وذهبوا إلى الحرب، فإن رؤوس رؤساء حكومات كثيرة ستطيح بها الشعوب انحيازاً للسلام وكرهاً للحرب.
|