Tuesday 18th february,2003 11100العدد الثلاثاء 17 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لبيك اللهم لبيك لبيك اللهم لبيك
د. عبدالرحمن بن سليمان الدايل

احترت كثيراً عندما أردت الكتابة عن الحج فلا هو أقل من أن يكتب عنه ولا هو أصغر من أن يغفل، بل هو أكبر بكثير وان أردت الكتابة فهو فوق الكلام والنقد، وان لم أكتب عن الحج مع عظم شأنه فما الذي أكتب عنه إذن.. حيرة استشعرتها أمام هذه العبارة الكبيرة وقد وقفت أمامها مشدوهاً كغيرها من بقية الشعائر الدينية الإسلامية. فهل نتكلم عن الحج كأركان وعبادة وشروط وواجبات؟ هل نتكلم عن الحج كآداب وسلوك؟ هل نتكلم عن الحج كمظهر إسلامي فريد؟ هل؟ وهل؟ وأول ملمح في هذا الشعيرة هو تلبية النداء نداء الله تعالى للبشر {وّأّذٌَن فٌي النَا سٌ بٌالًحّجٌَ يّأًتٍوكّ رٌجّالاْ وّعّلّى" كٍلٌَ ضّامٌرُ يّأًتٌينّ مٌن كٍلٌَ فّجَُ عّمٌيقُ (27)} فالتلبية إقرار من البشر بالعبودية لله، وهي في ذات الوقت إقرار لله بالألوهية فهو وحده الإله الواحد المهيمن على الكون، فالتلبية للنداء استجابة وإقرار ولا جزاء لها إلا العفو والغفران، وكلما كانت الاستجابة صادقة كان الغفران أشمل فالحج تلبية لنداء الأعلى يترك الإنسان في سبيله المال والولد والبيت والأهل يترك كل شيء ويتجه إلى الله بتجرد من كل شيء... ويلبي.. يتجرد من ملابسه إلا ما يستر عورته.. ويلبي.. لا يهدف لشيء دنيوي ولا لمصلحة خاصة بل يلبي. وكل هدفه هو رضاء ربه، والمعنى اللغوي للتلبية ليس بعيداً عن المعنى الشرعي، فالحج معناه القصد، ولبيك معناها لزوماً لطاعتك، والمعنى الكلي هو اتجاهي إليك وقصدي وإقبالي على أمرك وحدك، الناس في الحج يرتدون لباساً موحداً أبيض مبسطاً للغاية وهو شبيه بكفن الموت وهو يختلف عنه لأن الحاج يرتديه طواعية وبكامل إرادته، غير الكفن إذ هو يلبسه رغماً عنه ولا إرادة له فيه والحجاج في هذا اللباس يتخلون عن فاخر الألبسة وتنوعها إذ هم أمام الله سواء فالموقف الروحي لا يدعو إلى الاهتمام بأعراض الدنيا، وكذلك حتى لا ينشغل الحاج عما هو فيه من خشوع وخضوع وصفاء ونقاء فيؤدي الفريضة وقلبه كله بل وجوارحه كلها متجهة إلى الله فيصبح داخله كخارجه وظاهره كباطنه.. قلبه أبيض لم يدنسه شيء كظاهره الثوب الأبيض رمزاً للطهر. ولا شك أن هذا الجمع الكبير (أكثر من مليون حاج) لهم متطلباتهم من ماء للغسل والوضوء ومن طعام ومن وسائل نقل واتصالات مع توفير الأمن والأمان كل هذا يدعونا للدهشة والتعجب، لله ما أروعها من منظومة متكاملة تتم في توافق وسلاسة ويسر فعناية الله تظللها، وجهود المسؤولين تدفعها، ودعوات المسلمين تحوطها إذ كيف تتحرك هذه الجموع في مواقيت محددة لأماكن محددة دون تقصير أو إبطاء؟ وتزداد دهشتنا إذا ما عرفنا أن قادة الجيوش في مختلف بلدان العالم المعنيين بتحريك الجيوش مبهورون بتحرك جموع الحجاج بهذا الانتظام في هذه الأماكن وهذه المواقيت المحددة وأن هذا يؤكد بلا شك سماوية هذا الدين، وإنسانية هؤلاء المسلمين، وعناية الله للمؤمنين، ورشد واعتدال أهل هذا الدين وليس كما يدعي الآخرون أن المسلمين أهل إرهاب وخراب بل هم أهل عمارة وبناء.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved