لبيت وبعض أفراد أسرتي دعوة كريمة من أقارب لنا في المجمعة من أسرة الشبانة.. ونحن أخوالهم.. الذين أغرونا بالحديث عن (الربيع) والخضرة النضرة.. ولكننا لم نجد ربيعاً يُذكر.. وإن اجتهدوا جزاهم الله خيراً في التنقل بنا يمنة ويسرة كجزء من التكريم الذي نشكرهم عليه. ونسأل الله ان يُغيث جميع أرجاء بلادنا بالسيل العميم ليخضرَّ كل عود، ويُزهر الأُمْلُود.
***
وكانت هذه الزيارة لمدينة المجمعة فرصة لزيارة بلدتنا (حرمه) موطن الآباء والأجداد.. المجاورة للمجمعة حيث رغب بعض الأولاد والأحفاد أن يروا مراتع صبانا ومسارح أحلامنا الطفولية هناك.
فذهبنا بهم إلى البلدة القديمة وأوقفنا سياراتنا التي أقلّتنا إليها في شارعها العام الرئيسي.. ودخلنا أزقتها وشوارعها التي غابت أو غُيّبت كثيراً من معالمها بتداعي سقوط حيطانها وانسداد طرقها (ببكائيات) تلك البيوت التي عمرت مئات السنين ثم هجرها أهلها وتخلُّوا عنها.. فماذا عسى أن تكون (مشاعر) هذه البيوت إن كانت لها مشاعر .
وأصبحت مع هذا الجمع (المكتشف) دليلهم إلى معرفة بيوت الأسر الرئيسية وأماكن أعيادهم ومجالسهم.. بدءاً ببيتنا الذي لايزال الجزء الأكبر منه باقياً. وكذلك بيوت الجيران والأقارب التي ما زال لها بقايا أطلال (تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد).
***
وطلبت من الذين دخلوا بيتنا أن يبحثوا عن أشياء كثيرة في البيت أعهدها فيه وهي من التراث الثمين أذكر أن آخر عهدي بها موجودة في بعض الغرف وفي مجلس الرجال الذي يسمى (القهوة). وأهمها في نظري (3 بنادق) ثنتان من فئة (أم أصبع) والثالة (مُقَمّع) و(عَجْراء) و(مِشعاب) وفي المجلس (النقِيرة) التي تدق فيها القهوة والهيل و(مرِوَدُها) ولكننا وجدنا (لصوص الآثار) قد سبقونا إليها.. ربما منذ سنوات عديدة.
وفي مجلس الرجال (القهوة) كتبت ذات زيارة قديمة أبياتاً شعرية على جداره ولكن لم يتمكنوا من رؤيتها لانحسار الجصّ وتساقطه من الجدران.
***
وحرصت أن يرى أبنائي وأحفادي غرف البيت العلوية و(الصفاف) جمع صفّة، وهي الغرف السفلية. كيف كانت في نظرنا قبل ستين عاماً كغرف (قصر الخورنق).. وإذا بها اليوم لا يكاد يصدق من يراها أنها كانت تضم أسرتين كبيرتين: والدي وأسرته، وأعمامي وأسرهم.. رحم الله الجميع بواسع رحمته علماً بأن بيتنا يعتبر من أكبر البيوت في البلدة. وحجمه فيما أظنُّ لا يتجاوز (500م).
***
وعند هذه المقارنة بين ماضينا وحاضرنا.. والتي يجب أن نحمد الله عليها في السَرَّاء والضَرَّاء تذكرت قول الشاعر:
والنفس راغبةٌ إذا رَغَّبْتَها
وإذا تردُّ إلى قليلٍ تقنع
|
***
وفي مساجد حرمه الخمسة وهي (السليمية) عند بوابتها الغربية و(عسيلة) في وسط البلدة ويسمَّى حي القويرة ومسجد (باب البر) عند بوابتها الشمالية. ومسجد (حُميّان) في شمالها كذلك. و(المسجد الجامع) ويقع في حي العقدة وهو جامع كبير.. له مئذنة شاهقة.. ويدلُّ كبره على أن عدد سكان حرمه القديمة كان كبيراً.. وقد نزح منهم الآلاف إلى الرياض، الطائف، وحفر الباطن، إضافة إلى من هم في أحيائها الجديدة.أما الآن فقد أصبحت البلدة القديمة خالية من السكان تماماً إلا قليلاً من العمالة الأجنبية.. وأصبحت حرمه في وقتنا الحاضر بلدتين: البلدة الشمالية، وسكانها هم الامتداد لأهالي حرمه.. والبلدة الشرقية تضم بعض السكان الجُدد عليها.
وبالمناسبة أحبُّ لفت نظر هيئة الآثار بأنه يجب عليها الحفاظ على آثار البلدة القديمة وأهمها (المساجد) بحيث تبقى شواهد على الرباط الوثيق بين الله وعباده. والربط بين الماضي والحاضر.
ويأتي الحديث عن السفر... في الأسبوع القادم إن شاء الله.
|