«ثق بالله ووقع» - بهذا أمر الملك عبد العزيز بن سعود كبير مستشاريه حين عرض عليه مشروع الاتفاق الذي قدمته ستاندر اويل اوف كاليفورنيا عام 1933م للحصول على امتياز للتنقيب عن النفط.
وقرئت الشروط امام المجلس المجتمع في حرارة اصيل شبه الجزيرة. وكان الثمن الذي قبله العاهل الذي أسس بحد السيف مملكة فسيحة وان تكن فقيرة، مبلغا سنويا مقداره 5000 جنيه ذهبي بالاضافة الى تسهيلات قروض رحب بها. وفي عام 1967م تلقى ابنه الملك فيصل 1 ،909 ملايين دولار من عائدات النفط للانفاق على بلده الذي يقرب تعداد سكانه من 7 ملايين نسمة.
وكان الانتقال بين المرحلتين صعبا بالطبع بالنسبة الى بلد محافظ كل المحافظة، ومجتمع ظل قرونا منعزلا عن التأثيرات الخارجية، وكانت الحملات التي افضت الى انتصار بيت سعود وتوحيد ما يعرف الآن بالمملكة العربية السعودية، كانت تضطرم بمشاعر دينية فياضة.
وحين اثرت هذه النزاعات في هوجاء الحرب العالمية الاولى ورحل الاتراك من شبه جزيرة العرب، تم اول اتصال فعلي بين الملك عبد العزيز وتيارات الحياة الدولية المتضاربة، فقد ادى هذا الى توليه سدانة مشاعر الاسلام المقدسة، واحتلاله منزلة رفيعة في العالم العربي والاسلامي.
ثروة النفط
وبالعثور على النفط بكميات تجارية عام 1938م تعين بذل جهود للتوفيق بين التليد والطريف، بين ميل طبيعي الى الانطواء على الذات ومسؤوليات نحو العالم الخارجي.
ففي منتصف الخمسينات واجهت البلاد أزمة مالية، وتضخما بعيدا عن السيطرة، واستنفادا كاملا لاحتياطي النقد الاجنبي، وهو امر لا يكاد يصدق في بلد لم يعرف الكماليات الفادحة الثمن عهدا طويلا، ومن هنا فلم يكن من الامور المستحبة القيام منذ 10 اعوام بدراسة تفصيلية للبلاد ومن المستحيل الالمام بهذا المدى الهائل من التطور.
وليس من قبيل المصادفة ولا التملق ان نقول إن التحسين المطرد بدأ حين اخذ نفوذ الملك فيصل يظهر في الحكومة العربية السعودية، فقد بدأ مجلس الوزراء برئاسته، عام 1958م يتمتع بسلطات تنفيذية كما تولى وزارة المالية وادخل اول ميزانية للبلاد، ومنذ ذلك الحين اصبح توجيه الانفاق العام اكثر حكمة واحسن تدبيراً.
وابلغ ما يذكر للملك فيصل انه سار بالمملكة العربية السعودية سيراً حثيثاً في الطريق الى نظام الحكم هذا، وواجهت الحكومة صعاباً مادية للمواصلات في بلد فسيح الارجاء بالاضافة الى الافتقار الى التدريب والخبراء، وهو امر لا مفر منه في بلد لم يلحق بالقرن العشرين الا أخيراً.
وتجري الآن مواجهة هذه المشاكل بشجاعة، ولا يملك المرء الا الاعجاب والتأثر بما يتحلى به كثيرون من كبار الحكام السعوديين من مقدرة شخصية وحماس واقدام وتواضع.
عملية البناء
وهم يقدرون حدود التخطيط والانفاق، ويعرفون ان تقليل الاعتماد على النفط الذي يكون 85% من الايراد السعودي، ويزيد على نصف الغلة الوطنية الاجمالية «وتقرب حاليا من 000 ،10 مليون ريال سعودي اي 200 ،2 مليون دولار» سيكون عملية بطيئة مضنية، لا تقل فيها التغيرات الاجتماعية والسيكولوجية اهمية عن استثمار رؤوس الاموال، وفي الوقت عينه تطالب الدولة بالاسهام بنصيب اكبر في صناعة نفطها وهو مطلب عادل ومفهوم.
ويشرف الملك فيصل شخصيا على توجيه شؤون حكومته بروح من الاخلاص والضمير الحي نالت من صحته ولا يألو جهدا في استئصال الفساد حيثما وجد كما أنه حافظ على وحدة المملكة واستقرارها كما خلفها أبوه الملك عبد العزيز، وكان هذا عاملا حيويا في المساعدة على التنمية الاقتصادية، وبفضله تتمتع المملكة العربية السعودية بكلمة مسموعة ومركز قوي في المنطقة وفيما جاوزها بفضل تراثها الروحي وثرائها الطائل.
وتعتبر المملكة العربية السعودية من ابعد الدول العربية عن اللين والتساهل حيال قضية فلسطين، ويشعر الملك فيصل شخصيا بأن عليه مسؤولية خاصة نحو القدس، وهي احدى العتبات الاسلامية المقدسة، وتمسك الحكومة السعودية بالمبادىء الاساسية لا يدع سبيلا الى المساومة مع اسرائيل. ولم تتأثر المملكة العربية السعودية كثيرا بأزمة الحرب في الشرق الاوسط، فلم يتعدَّ ذلك في العام الماضي هبوطا يسيرا في المصروفات العامة، وبعض الاعباء على الاقتصاد وبطئا قليلا في سرعة التنمية ولكن الزيادة الكبيرة في ايرادات النفط اعادت الاتجاه الصاعد في التنمية السريعة بفضل انتاج البلاد من النفط الذي يزيد الآن على بليون برميل سنويا.
إحصائيات المملكة العربية السعودية
المساحة: 927000 ميل مربع. السكان 7 ملايين نسمة «تقديراً» الغلة الوطنية الاجمالية : 917 مليون جنيه استرليني تقريبا.
التجارة الخارجية
الصادرات عام 1967م: 7 ،741 مليون جنيه. يناير - سبتمبر 1968: 5 ،608 ملايين جنيه. الصادرات الى المملكة المتحدة «1968»: 5 ،205 ملايين جنيه. الواردات من المملكة المتحدة «1968»: 7 ،46 مليون جنيه. عائدات النفط «عام 1967 بما في ذلك انتاج المنطقة المحايدة»: 8 ،372 مليون جنيه. انتاج النفط «عام 1968 بما في ذلك نصف انتاج المنطقة المحايدة»: 152 مليون طن يضرب x 50 لتحويل البراميل يوميا الى اطنان سنويا.
أسعار القطع
1 جنيه استرليني = 75 ،10 ريالات سعودية.
1 دولار أمريكي = 5 ،4 ريالات سعودية.
|