من المعلوم عند بعض الناس أن السلامة هي جزء من ثقافة الناس اليومية. أتذكّر عندما كنا نعمل مع الأمريكان تعلمنا رفع شعار «السلامة أولاً».. في البداية لم نتحسس أي دلالة في هذه الكلمة ولكن إصرار الأمريكان ومثابرتهم جعلانا نستيقظ على عالم جديد على وعينا في ثقافتنا السعودية بسبب الإرث القديم وركزنا على ثقافة الأمن على حساب السلامة. وأفضل مثال أطنان الحديد التي تطوق نوافذ بيوتنا. صحيح أنها تعيق الحرامي الهاوي ولكنها تكون أساس الكارثة لو شب حريق في المنزل.
أتذكر أننا جلسنا مرة في اجتماع نناقش قضية اختفاء بعض الأجهزة والأدوات من مبنى الإدارة الذي نعمل به.
تداولنا المشكلة وبالطبع من السهل القول إن بعض الزملاء الأفاضل أيديهم خفيفة عند نهاية الدوام أو عند سنوح الفرصة الطيبة يضع الجهاز في جيبه أو حقيبته اليدوية أو حتى في كيس معد لهذه المهمة ويغادر المبنى «لا من شاف ولا من دري».
في جردة آخر العام تبين أن الإدارة كانت تخسر أكثر من مائة ألف ريال سنوياً في صورة أجهزة ودباسات وخرامات وآلات حاسبة وأمام هذه الإحصائية المروعة استيقظت في داخلنا حساسية الأمن الرهيبة فاتخذنا قراراً بالإجماع بمنع خروج ودخول الموظفين من الأبواب الفرعية والاكتفاء بالمدخل الرئيسي الذي نصبنا أمامه اثنين من أشاوس رجال الأمن.
وبالفعل تدنت مستويات السرقة إلى درجة لا تستحق الذكر. وفي الوقت الذي كنا نحتفل فيه بنشوة النصر على الحرامية انضم إلى إدارتنا عدد من الزملاء الأمريكان وأول شيء لاحظوه ان كافة الأبواب الجانبية مغلولة بالسلاسل فطلبونا في اجتماع عاجل وذكرونا بأن أرواحنا أغلى بكثير من الأجهزة والدباسات والخرامات ثم قال كبير الفريق الأمريكي: صحيح أنكم غللتم يد الحرامي ولكن لا يعرف أحد ما الذي سوف يحدث لو شب حريق في المبنى كأنه قال: اصح يا نايم. تذكّرت هذا وأنا أتجول بأطفالي في أسواق الرياض والشرقية في ملاهي الأطفال فقد اعتدت في كل مرة أدخل فيها تجمعات ضخمة أن أدرس وسائل السلامة ومخارج الطوارئ بحيث أضع خطة إخلاء لأي طارئ.
في بعض الملاهي والاسواق لا أجد أي فرصة إلا أن أقول «الله يستر» فمثلاً في ملاهي الأطفال في مركز الفيصلية لم أشاهد أي إشارات أو أسهم تقود إلى مخارج الطوارئ أو أن هناك أصلاً مخارج طوارئ.
عجزت عن تخيل فرصة النجاة لو شب حريق أو حدث حادث يجعل الناس تتدافع.
لا أعرف ما هو دور الدفاع المدني والبلدية التي أعطت ترخيص إقامة ملاهي أطفال في قبو لا يتوفر فيه مخارج طوارئ.
أرجو أن نجعل من كارثة مدرسة البنات في مكة يوماً سنوياً نذكّر فيه أنفسنا بأهمية أرواحنا.
كل عام وأنتم بخير
فاكس 4702164
|