سبق أن أوردت هذه الزاوية في أكثر من مقال عن وجود غياب شبه كلي فيما يسمى بإستراتيجية التنسيق فيما بين الأجهزة الحكومة المعنية بتوفير وظائف للمواطنين، وبين المؤسسات التعليمية كافة، حيث يلاحظ أن الجهات الحكومية المختصة بشؤون العمل والعمال تسعى جاهدة إلى ايجاد الوظائف الملائمة لطالبي العمل مهما كانت مؤهلاتهم العلمية وتخصصاتهم الدراسية، حتى وإن كلف الأمر توظيف أعداد منهم في وظائف لا تتفق وتخصصهم الدراسي، لأن هناك مراحل تمر في الحياة يستسلم الإنسان إلى واقعها، لكن مقابل هذه المطالب وتلك التنازلات، يلاحظ أن هناك جهات مسؤولة عن التعليم لم تغير من أنماط مخرجاتها التعليمية حتى الآن، مما أحدث هوة واسعة بين الطرفين، الأمر الآخر الذي زاد من فجوة القضية تجاهه، هو أن هناك من يرفض البتة قبول وتعيين خريجي بعض المؤسسات التعليمية، خصوصاً الأهلية منها، فكان هناك نقد قدمته هذه الزاوية لوزارة الخدمة المدنية في عدم تصنيفها لشهادات التخرج لخريجي المعاهد الفنية الأهلية، حتى تغير الأمر الآن إلى قبول واعتماد بعض التخصصات لهذه المعاهد، إلى أن خرج على السطح رفض قطعي نعيشه الآن من لدن وزارة الصحة، برفضها قبول وتعيين خريجي المعاهد الصحية الأهلية، وتدعي وزارة الصحة أن من اسباب هذا الرفض هو ان بعض خريجي هذه المعاهد هم من حملة الثانوية العامة تخصص دراسات أدبية، وأن وزارة الصحة تعكف حالياً على دراسة لتقييم برامج هذه المعاهد بالتنسيق مع هيئة التخصصات الصحية، كما جاء في خبر صدر في جريدة الإقتصادية في عددها رقم 3374، مشيراً الخبر إلى أن الوزارة تود الوقوف على مدى صلاحية الخريجين لشغل وظائف فنية والعمل في المرافق الصحية المختلفة، السؤال المحير للجميع، هو ما هو هدف وزارة الصحة من هذا التوجه الذي ضيق الخناق على أبنائنا وبناتنا الخريجين من هذه المعاهد؟.. هل لأن الوزارة لا تشرف على هذه المعاهد، حيث إن الإشراف منوط بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، وإذا كان الأمر كذلك، لماذا لا يكون هناك تنسيق مسبق بين الجهتين الحكوميتين هاتين، قبل الشروع في إعطاء تراخيص لهذه المعاهد والتي تكلف إنشاؤها ملايين الريالات، وتضحية الخريجين هؤلاء بأموالهم وأوقاتهم في سبيل الحصول على مؤهل يساعدهم على ايجاد وظيفة ورزق كريم، هل يعني هذا ان هناك غيابا كلياً في التنسيق المطلوب بين تلك الجهات الحكومية، التي غالبيتهم أعضاء في مجلس التعليم العالي، ولهم مشاركات عديدة فيما بينهم من خلال لجان وتعاون مشترك، لماذا يكون المواطن ضحية عدم أو سوء التنسيق بين هذه الجهات، من يتحمل تفاقم مثل هذه المشاكل، ثم إلى متى تستمر وزارة الصحة في عدم التوسع في قبول الطلاب المتقدمين لدى معاهدها وكلياتها الصحية، ثم يأتي بها الأمر إلى حجب الثقة عن شهادات المعاهد الصحية الأهلية، إن ذلك نهج لا يمكن قبوله من لدن وزارة الصحة، التي لا تزال تعاني من محدودية أعداد العمالة الطبية لديها بدءاً من مساعد ممرض وإنتهاء بالطبيب مروراً بكافة الوظائف الطبية الأخرى، فهل سيستمر الوضع على ما هو عليه، أم لابد من تدخل جهات عليا لأنقاذ مثل هذه القضايا الوطنية الطافحة على السطح منذ أمد بعيد.
(*) الباحث في شؤون الموارد البشرية
للتواصل ناسوخ 2697771/01
ص.ب 10668 الرياض 11443
|