Monday 17th february,2003 11099العدد الأثنين 16 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دقات الثواني دقات الثواني
حقوق الإنسان المفترى عليها
د. عائض الردادي

قبل سقوط الاتحاد السوفيتي كان العالم الثالث يسيل لعابه لما ينادي به الغرب حول حقوق الإنسان وحرية التعبير، وكان يعتقد أن ذلك من أجل الإنسان في المعسكر الشرقي وفي العالم الثالث، لكن إنسان الشرق والعالم الثالث اكتشف بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وأحداث 11 من سبتمبر أن الدفاع عن حقوق الإنسان لم يكن من أجل الإنسان في العالم الثالث، بل من أجل مصالح إنسان العالم الغربي، وأنه لا يزيد عن ورقة سياسية، لمواجهة الاتحاد السوفيتي أو النظام السياسي الذي لا يرضى عنه الغرب في العالم الثالث.وما يؤكد هذا هو أن حقوق الإنسان تنتهك الآن على أرض من كان يرفع رايتها وبخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، ووصل العالم إلى شبه قناعة أن الإنسان الذي يراد تحقيق حقوقه هو إنسان الغرب، وأنه من أجل هذا الإنسان يباح خرق كل قوانين حقوق الإنسان، فكل دولة لا تكون جندياً من جنود العالم الجديد توجه لها تهمة خرق حقوق الإنسان، فيفرض عليها الحصار، وتمنع عنها المساعدات، ولم ينج من ذلك إلا من لجأ إلى استعراض قوته فأخاف الغرب ومن معه كما في حالتي الباكستان سابقاً وكوريا حالياً، مما يعطي نتيجة أنه لا يستطيع مواجهة هذا الاعتداء على إنسان العالم الثالث إلا من لديه قوة يدافع بها عن نفسه.
العالم الذي كان يرفع شعار حقوق الإنسان يخطف البشر الآن من كل أنحاء العالم بشتى الطرق مدعياً أن محاربة الإرهاب تبيح له ذلك، ثم إن هذا المخطوف يسجن في أقفاص دون أن يحاكم علناً كما كان يطالب به سابقاً، ودون أن يسمح له باختيار محام يدافع عنه، بل يسجن في جزر ليسلم سجانه من المطالبة بتطبيق القانون، واحتيالاً على القانون بالالتفاف عليه بأن القانون لأرض والسجين في أرض أخرى ما لم يحمل جنسية معينة فعند ذلك تقدَّر إنسانيته فيخضع للقانون ويُعدُّ له سجن خاص وله محاكمات ومحاماة.
وما زالت حقوق الإنسان يسكت عنها على أرض الغرب وتطبق خارجها مما جعل أبناء العالم يتساءلون هل ولد آدم هناك غيرهم فيما وراء البحار، والأشد من ذلك أن حقوق الإنسان في ثوبها الجديد امتدت للتدخل في عقائد البشر وعاداتهم، فكل ما لا يدخل تحت مظلة المسيحية واليهودية فهو خرق لحقوق الإنسان، ويتساءل أبناء العالم الثالث: لماذا يسكت عن إسرائيل وهي تملك أحدث وأخطر الأسلحة النووية؟ ولماذا لا تؤاخذ على قتل النساء والأطفال وهدم البيوت وتجريف المزارع والمطارات، أم أن مذبحة مخيم جنين تتفق مع حقوق الإنسان؟
إن حقوق الإنسان أصبحت ورقة سياسية حسب مصالح القوي المسيطر ثقافة وحضارة وإعلاماً وسلاحاً، فأين منظمات حقوق الإنسان والعفو الدولية عن ذلك؟ ولماذا خفت صوتها، بل اختفى؟ ولا يعني ذلك أن إنسان العالم الثالث يتمتع بكل حقوقه، ولكن المراد أن حقوق الإنسان مخترقة في كل العالم، فهل تبحث منظمات حقوق الإنسان هذه الخروقات في كل العالم، بعيداً عن التوظيف السياسي ومن أجل الإنسان لا السياسة والمصالح ولا العقائد والعادات؟.

للتواصل: ص. ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved