Sunday 16th february,2003 11098العدد الأحد 15 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

والتقى ولي العهد بالمثقفين والتقى ولي العهد بالمثقفين

إن من أقوى الروابط الإنسانية التي تربط المجتمع بالقيادة والحاكم بالمحكوم والمواطن بالمسؤول هي رابطة العقيدة، هذه الرابطة التي توحد القلوب وتقوي أواصر المحبة وتجمع أفراد المجتمع على مبدأ الأخوة والتراحم.
إن هذه الرابطة مقارنة بروابط الدم واللون والجنس رابطة تظل هي الأبقى والأصلح والأس الذي لا ينهار.
وتبقى الروابط الاجتماعية الاخرى -على أهميتها- روابط ثانوية.
أقول هذا بعد ان اجتمع سمو ولي عهد هذه البلاد قبل أيام بثلة من مثقفي هذه البلاد كلٍّ من خلال موقعه ورسالته.
والتقى القائد ببنيه المثقفين. وكان لقاء حميما ارتقت فيه المشاعر الإنسانية إلى أعلى درجاتها، خصهم برعايته وحنانه وحدثهم حديث الوالد الذي يحمل بين جنبيه حباً عميقاً وشعوراً ومشاعر سامية من حنان الأبوة.
لقد ابدى هذا الوالد اهتماماً خاصاً بمطالب الأبناء وتفهم وضعهم وأدرك حرصهم وشكر لهم هذا الحس الوطني العميق، وأكبر فيهم الهمم وشد من أزرهم وحدثهم أن الحياة التي لا تسودها مبادئ الحق والعدل والمساواة إنما هي حياة لا روح فيها ولا نبض ولا سمو ولا رفعة.
إن حياة لا تذوب فيها الفوارق الاجتماعية وتنصهر كل ذراتها بصفاء العقيدة حياة لا خير فيها.
حدثهم عن رابطة العقيدة ووحي السماء الذي يربط بين أبناء هذا المجتمع، حيث لا تضارب ولا تخالف ولا تصادم ولا نزعات بل تفاعل عميق وتعبير صادق عن روح الوحدة وشعور الانتماء إلى هذا الوطن وإلى هذه الأمة التي أكرمها الله بحمل مشاعر الخير والهدى والحق والعدل إلى الإنسانية جمعاء {كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ }.
حدثهم عن نظام الشورى في الإسلام، تلك القاعدة العظيمة من قواعد التشريع في الإسلام {والَّذٌينّ إسًتّجّابٍوا لٌرّبٌَهٌمً وأّقّامٍوا الصَّلاةّ وأّمًرٍهٍمً شٍورّى" بّيًنّهٍمً ومٌمَّا رّزّقًنّاهٍمً يٍنفٌقٍونّ}.
وهذا هو القرآن يخاطب رسول الهدى بلغة آمرة: فاعف عنهم.. واستغفر لهم.. وشاورهم في الأمر.. وهكذا نرى أن الشورى واجبة في حق رسول الهدى، وهو من هو في كمال العقل وقوة الرؤية وحصافة الفكر، ويكفي أنه لا ينطق عن الهوى وأنه مؤيد بوحي ربه ومع هذا أمر أن يشاور المسلمين.
ولقد أكد في حديثه لأبنائه المثقفين أهمية الشورى وأنها حق يمارس، وشريعة تتبع، وغاية يؤكدها القرآن في كثير من آياته وإنها ليست شعارا يرفع، وإنما قانون يتبع، ويطبق في كثير من شؤون الحياة.
على أنه يجب علينا أن نضع الأمور في مواضعها فالشورى ليست للأكثرية أو ليست حقا يمارسه جميع أفراد المجتمع ومرد ذلك أن أفراد المجتمع - بحكمة الله- ليسوا في الرأي سواء ولا في العلم ولا في الفضل وإنما هناك فروق فردية بين أفراد المجتمع.
يقول الله تعالى:{وإن تٍطٌعً أّكًثّرّ مّن فٌي الأّرًضٌ يٍضٌلٍَوكّ عّن سّبٌيلٌ اللَّهٌ إن يّتَّبٌعٍونّ إلاَّ الظَّنَّ وإنً هٍمً إلاَّ يّخًرٍصٍونّ}.
فالشورى إذاً مطلب من مطالب الإسلام يؤكدها ويسعى لتحقيقها من خلال فئة زودهم الله بالرأي الصائب وعمق النظرة والقدرة على التحليل والاستنباط حيث يقول جل شأنه {وإذّا جّاءّهٍمً أّمًرِ مٌَنّ الأّمًنٌ أّوٌ الخّوًفٌ أّذّاعٍوا بٌهٌ ولّوً رّدٍَوهٍ إلّى الرَّسٍولٌ وإلّى" أٍوًلٌي الأّمًرٌ مٌنًهٍمً لّعّلٌمّهٍ الذٌينّ يّسًتّنبٌطٍونّهٍ مٌنًهٍمً }.
وضرب هذا الرجل أروع الأمثلة في الشورى تطبيقاً عملياً أمام ثلة من أبناء وطنه المثقفين حيث أتاح لهم الحوار واستمع إليهم باهتمام بالغ وقال رأيه ولم يفرضه وخرج الجميع وهم يؤمنون ان الإسلام دين الشورى وأنها واجب لا خيار فيه من حيث المبدأ ولكن تطبيقها وكيفيتها وتفعيلها متروك لأولي الأمر ولمفكري الأمة وذوي الرأي ولهم أن يضعوا أنظمتها وقوانينها وكيفية تطبيقها بما يتناسب وأحوال الأمة الاجتماعية وبما يلائم أحوالها وأوضاعها ويتوافق مع مصالحها.

محمد سالم السالم/الرياض / وزارة المعارف

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved