احتفل المسلمون في أرجاء العالم بعيد الأضحى المبارك في ظروف عصيبة يمر بها العالمان العربي والإسلامي جراء التهديدات الأمريكية على العراق، والعدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني الأعزل، المتمثل بقتل المواطنين الأبرياء وهدم المنازل، واقتلاع الأشجار، ومواصلة الاعتقالات بين صفوف الفلسطينيين.
وفي هذا العيد، يشعر المواطن بالحزن والأسى لما يتهدد هذه الأمة من ويلات وعظائم الأمور جراء هذه الأوضاع السيئة، والتي تمر بها الأمة الإسلامية، من تفكك وخلافات، في حين نحن بحاجة إلى رص الصفوف والكلمة لمواجهة هذه التحديات الكبيرة، وليجعل الله دعاءنا وصلاتنا وحجنا مقبولاً ويهدي المسلمين إلى سواء السبيل.
ففي هذا العيد، علينا أن نذكر اخواننا المجاهدين في فلسطين الذين ضحوا وما زالوا يضحون من أجل دحر الاحتلال الصهيوني عن الأراضي الفلسطينية ووقف تدنيس المقدسات ورفع الظلم والمعاناة عن هؤلاء المجاهدين.
ففي هذا اليوم الذي نحتفل فيه بالعيد بعد أن أدى حجاج بيت الله الحرام حجهم المبرور على عرفات، وقضوا أياما حافلة بالتعبد في رحاب البيت العتيق مهللين مكبرين في أن يعيد الله هذه المناسبة على الأمة الإسلامية وهي بالخير واليمن والإقبال، فعن أنس رضي الله عنه أنه قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيه فقال: ما هذان اليومان قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية.. فقال صلى الله عليه وسلم أبدلكم الله بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر».
فهذان العيدان نهاية بفرحة لمرحلة ممارسة روحية سامية.. الأضحى بعد مجاهدة الحج والخشوع والإيمان والفطر بعد الصوم والتهجد والتعبد ليكون صومنا وصلاتنا ودعاؤنا مقبولاً.. فهذان العيدان هما نهاية موسم طاعة وبداية طاعة، وهو تعبير المسلم عن شكره لله عبر صلاة العيد.
فالعيد الحقيقي حينما يؤدي المؤمنون التكليف الحقيقي ويهجرون الذنوب ويصلون الرحم وأن يتزاوروا لتحقيق المحبة بين الأسر وإدخال الفرح والبهجة بين نفوس الكثيرين، باعتبار العيد يوم سعادة.. وفرح وحبور حيث قررته الشريعة السمحة..
وهذه الأعياد الروحية.. لم يألفها البعض فتراهم يجعلونها موعدا للهو واللعب الطائش والغفلة عن ذكر الله، أو زيارة المرضى في هذه الأيام المجيدة.. فهذا العيد بمعناه السماوي والحضاري يعني الترويح والتنفيس عن النفوس ومعرفة أحوال الناس وهموم الأمة، خاصة في فلسطين والعراق، وهو بمعناه الحقيقي العمل الجاد، للانتقال من الظلام إلى النور ومن الشقاء إلى السعادة ومن الضنك إلى الهناء، ومن التفكك إلى الاتحاد ومن التخلف إلى التعاطف، ومن الإساءة إلى الإحسان، فهذا هو العيد الحقيقي للإنسان المسلم، فإذا ما افتقدنا هذه المقومات الأساسية، فإن عيدنا سيكون هزيلاً وعقيماً، لأننا في هذا اليوم، نرجو ونضرع أن تمس رحمة الله وعطفه وحنانه كل طفل يتيم وكل أرملة عجوز وكل إنسان، حتى نخفف من الأحزان، لنكون أمة واحدة في أفراحنا وأتراحنا، بحيث تشمل البسمة كل المواطنين، وأن نسهم في الاهتمام بالأقارب والفقراء، لأنها مجاملة أحرى بنا نحن المسلمين لتحقيقها تدبرا بمعاني هذا العيد السعيد، الذي نضرع إلى الله العلي القدير أن يعيد هذه المناسبة وقد انقشعت الغمة عن الأمتين العربية والإسلامية بتجنيب العراق الضربة الأمريكية التي تتهدده، وأن نشهد تحرير المقدسات الإسلامية من براثن الصهيونية ورفع معاناة المسلمين في جميع أصقاع العالم.
وكل عام وأنتم بخير!
|