العالم ضد الحرب

من مجلس الأمن إلى شوارع عواصم العالم جرى التعبير رسمياً وشعبياً عن رفض الحرب، فتقريرا مسؤولي المفتشين الدوليين في العراق والتظاهرات التي اشترك فيها الملايين لم تترك سوى أصوات خافتة تتحدث عن الحرب لكن هذه الأصوات ستتحين أي فرصة لتطغى على الساحة الدولية ومن ثم تفرض الحرب التي تريدها.
كانت جلسة الجمعة في مجلس الأمن الدولي مشهودة وتهاوت فيها مسوغات الاندفاع نحو الحرب بينما تأكدت وجاهة حجج التسوية السلمية بالاعتماد على تقريري مسؤولي التفتيش في العراق هانز بليكس ومحمد البرادعي وانتهاءً بالكلمات التي تناوب على إلقائها مندوبو الدول الأعضاء في المجلس.ومن وقائع جلسة الجمعة في مجلس الأمن وما جرى في عواصم العالم أمس من تظاهرات ضخمة اشترك فيها الملايين يتضح بما لا يدع مجالا للشك ان هناك رغبة دولية قوية تسندها الوقائع والحجج وليس مجرد المشاعر فقط لتفادي هذه الحرب ذات التكلفة الباهظة.
إن العالم يستشرف فترة جديدة ربما تكون مشجعة لو تم أخذ وقائع اليومين الماضيين في الاعتبار ومن ثم العمل على نزع فتيل هذا التوتر الذي يسيطر منذ شهور على الساحة الدولية بسبب طبول الحرب التي أصمت الآذان ومن صور البوارج والطائرات الحربية التي ترعب البشر من أقصى العالم الى أقصاه.
الفرصة المتاحة لتفادي الحرب يجب الافادة منها إلى أقصى مدى بحيث يتم تكريس وترسيخ آليات عمل مثل هذا التفاعل الانساني الرسمي والشعبي الذي بإمكانه فعلاً أن ينجز الكثير في سبيل إنقاذ البشرية من أخطار حرب تتهدد المنطقة.
ودون الاستغراق في التفاؤل فعلينا دائماً التذكير بأن هناك في واشنطن من أكد حتمية الحرب بقرار من مجلس الأمن أو بدونه، ونشير إلى تشكيك كبير المفتشين هانز بليكس في الأدلة التي كان سبق أن قدمها وزير الخارجية الأمريكي حول امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تلمح إلى إمكانية تجاوز الإرادة الدولية المتمثلة في مجلس الأمن.
الصورة الحالية لتضافر جهود قوى السلام بشقيها الرسمي والشعبي تعطي قدراً من الأمل في إمكانية التصدي لمشكلات دولية ومع ذلك فإن طبول الحرب سرعان ما تملأ بضجيجها أركان الكون تأكيداً لنفوذ منطق القوة الذي يكتسح كل شيء من الحقوق إلى المنطق الصحيح ليرسخ فقط صورته البشعة..