* مكة المكرمة - المدينة المنورة - واس:
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل فبتقوى الله تستجلب النعم وتدفع النقم وتصلح الاعمال والنفوس وتغفر الذنوب والخطايا.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس الأول في المسجد الحرام: «حجاج بيت الله العتيق ضيوف الرحمن، ها أنتم في آخر ايام التشريق قد احرمتم ولبيتم ووقفتم بعرفات الله وازدلفتم وبتم ورميتم الجمار وطفتم ببيت الله العتيق وسعيتم بين الصفا والمروة سائحين بين الشعائر والمشاعر متعرضين من المولى للنفحات والرحمات».
واضاف يقول: «الله اكبر، كم سكبت من عبرات و كم قضيت من حاجات واستجيبت دعوات وغفرت زلات، الا وان قضاء النسك لنعمة عظيمة تستحق الشكر لمسديها جل و علا فلله الحمد على ما اسبغ علينا من نعمه الظاهرة والباطنة ثم لتعلموا غفر الله لي ولكم أن حقيقة الحمد والشكر لله رب العالمين أن يطاع امره و تجتنب معاصيه مع الحرص على مداومة شكر النعم والخوف من حلول النقم يصاحب ذلك حياء العبد من ربه كلما تذكر احسانه والشكر يبدو على اللسان اعترافا وثناء وعلى القلب محبة وخضوعا وعلى الجوارح انقيادا وطاعة وهو واجب في كل حين وأن ويتأكد في هذه الايام فهي ايام الشكر والذكر {..واشًكٍرٍوا نٌعًمّتّ اللَّهٌ إن كٍنتٍمً إيَّاهٍ تّعًبٍدٍونّ }.
واردف يقول: الا وان اعظم أوامر الله التوحيد واعظم ما نهى عنه الشرك ولقد امتن الله علينا بالايجاد والامداد فكيف يشكر غيره وتصرف العباده لمن سواه وفي القرآن المجيد {يّا أّيٍَهّا النَّاسٍ إذًكٍرٍوا نٌعًمّة اللَّهٌ عّلّيًكٍمً هّلً مٌنً خّالٌقُ غّيًرٍ اللَّهٌ يّرًزٍقٍكٍم مٌَنّ السَّمّاءٌ والأّرًضٌ لا إلّهّ إلاَّ هٍوّ فّأّنَّى" تٍؤًفّكٍونّ} .
وبيّن أن الحج مدرسة واعظم دروسه التوحيد بل مقصده وثمرته تحقيق التوحيد لله سبحانه وإفراده بالعبادة فالتلبية كلها توحيد لله تعالى والتجرد من غير ملابس الاحرام يعني التجرد من كل شيء في القصد الا قصد الواحد الاحد واعمال الحج كلها توحيد {لٌيّشًهّدٍوا مّنّافٌعّ لّهٍمً ويّذًكٍرٍوا إسًمّ اللَّهٌ فٌي أّيَّامُ مَّعًلٍومّاتُ..} .
وواصل إمام وخطيب المسجد الحرام يقول «بل لقد اسست الكعبة على التوحيد{وإذً بّوَّأًنّا لإبًرّاهٌيمّ مّكّانّ البّيًتٌ أّن لاَّ تٍشًرٌكً بٌي شّيًئْا وطّهٌَرً بّيًتٌيّ لٌلطَّائٌفٌينّ والًقّائٌمٌينّ والرٍَكَّعٌ السٍَجٍودٌ} وفي الحج يجتمع الناس اجناس البشر على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ومقاماتهم في هيئة واحدة ونسك واحد ليعلنوا جميعا أن ذلك لمقصد اسمى وهو تحقيق العبادة واخلاصها لله الواحد الحق الذي تصمد اليه الخلايق وتتجه اليه في كل حالاتها والبراءة من الشرك والمشركين نداء ازلي صدح به القرآن في الحج ولايزال يتردد {وأّذّانِ مٌَنّ اللَّهٌ ورّسٍولٌهٌ إلّى النَّاسٌ يّوًمّ الحّجٌَ الأّكًبّرٌ أّنَّ اللَّهّ بّرٌيءِ مٌَنّ المٍشًرٌكٌينّ ورّسٍولٍهٍ..}.
وقال «أيها المسلمون حجاج بيت الله الحرام ما احوج الامة في مثل هذه المواقف الى مراجعة دينها وتفقد علاقتها بربها ومحاسبة نفسها ومعرفة الخلل لاصلاحه وخصوصا في مثل هذه الظروف التي تحيط بالأمة. لقد خلق الله الخلق لعبادته و حده وأسبغ عليهم نعمه ليصرفوا جميع انواع العباده اليه {ومّا خّلّقًتٍ الجٌنَّ والإنسّ إلاَّ لٌيّعًبٍدٍونٌ } وهذه هي قضية القضايا واصل الدين ولما ران على الناس الشرك وأطبق على الارض الجاهلية بعث الله من هذه البقاع الطاهرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بكلمة التوحيد «يا أيها الناس قولوا لا إله الا الله تفلحوا» هذه الكلمة وعلى قصرها لها مدلولها ومقتضياتها فاستجاب له من اجاب فاذا الغمة تنكشف عن هذه الامة واشرق نور التوحيد ورفرفت راية الايمان والسلام على ارجاء المعمورة».
(60) } وكرر القرآن الكريم أن اخلاص الدعاء له توحيد وان دعاء غيره شرك وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم {قٍلً إنَّمّا أّدًعٍو رّبٌَي ولا أٍشًرٌكٍ بٌهٌ أّحّدْا}
وأوضح الشيخ آل طالب انه بالرغم من صراحة الآيات فإنك تأسف لحال بعض جهال المسلمين الذين تدينوا بأنواع من البدع والضلالات وتعلقوا بالاحجار والبنايات وتوجهوا الى المقبورين في طلب الحاجات ودفع الكربات ويطلبون منهم ما لايطلب الا من الله.
وخاطب المسلمين قائلا: «إن من اهم ما يجب أن تهتم به هو أن تعرض تصوراتك واعمالك على القرآن لتبرا من كل تصور او عمل ينافي مقتضى شهادة التوحيد ويا ايها العلماء اذا عذر عوام المسلمين عند ربهم بسبب جهلهم وعدم من يبصرهم فما عذركم امام ربكم اذا قصرتم في بيان الحق وتهاونتم في حمل الناس على اهم اساس وهو التوحيد الا وان مرض الامة الذي اوهنها وداءها الذي أنهكها وسلط عليها أعداءها هو تفريطها في دينها وفي اصله وهو التوحيد و أن اخر هذه الامة لن يصلحه الا ما اصلح اولها وهو ما قاله عمرالفاروق رضي الله عنه: نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله واذا فرطت الامة في مصدر قوتها وتوجهت الى غير خالقها ضاعت عند ذلك بل اصبحت الموازين بشرية وصارت الغلبة للاقوى عدة وعتادا كما هو واقع اليوم والمتأمل في تاريخ هذه الامة يجد أن ميزان القوة ومعياره لم يكن أبدا هو بكثرة العدد والعدة بل لم يذكر التاريخ أن المسلمين كانوا اكثر عددا وعتادا من غيرهم في أي معركة انتصروا فيها الا في حنين ومع ذلك هزموا حين اعجبتهم كثرتهم ليذكرهم الله تعالى بالميزان الذي يجب أن يعدل المسلمون به كفتهم و يقيسوا به انفسهم الا وهو الايمان و لتمسك بهذا الدين واخلاص التوحيد لله سبحانه وبذل الحياة له اما العدة والعتاد فيكفي بذل المستطاع {وأّعٌدٍَوا لّهٍم مَّا إسًتّطّعًتٍم} والله تعالى يكفيكم {يّا أّيٍَهّا النَّبٌيٍَ حّسًبٍكّ اللَّهٍ ومّنٌ إتَّبّعّكّ مٌنّ المٍؤًمٌنٌينّ } .
خطبة المسجد النبوي
وفي المدينة المنورة قال امام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة إن الله تعالى غني عن العالمين غني عن عباداتهم وطاعاتهم لا تنفعه طاعة من اطاع ولا معصية من عصى {..ومّن يّشًكٍرً فّإنَّمّا يّشًكٍرٍ لٌنّفًسٌهٌ ومّن كّفّرّ فّإنَّ اللَّهّ غّنٌيَِ حّمٌيدِ} .
فالانسان لا ينفك عن وصف العبودية لانه كائن حي ذو حاجات ومطامع ولان له قلبا فاما أن يكن عبدا لله والا فهو عبد لغيره عبدا ذليلا لذلك المراد المحبوب اما المال واما الجاه اي انه إن لم يرض أن يكون عبدا لله استعبدته حاجاته ومطامعه واهواؤه وشهواته وطواغيت الجن والانس وما يزينون لبني آدم من معبودات ومن هذا يتضح أن العبودية لله تحررهم من كل عبودية اخرى شعروا بها او لم يشعروا بها رضوا او سخطوا.
فالقلب لايصلح ولا يفلح لا ينعم ولا يسر ولايلتذ ولا يطيب ولا يسكن ولايطمئن الا بعبادة ربه وحده والانابة اليه.
وبين فضيلته انه ولو حصل كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن اذفيه فقر ذاتى الى ربه بالفطرة من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة.
وقال إن هذا لا يتحقق له الا باعانة الله له فانه لا يقدر على تحصيل ذلك السرور والسكون الا الله فهو دائما مفتقر الى حقيقة {إيَّاكّ نّعًبٍدٍ وإيَّاكّ نّسًتّعٌينٍ} فانه لو اعين على حصوله كل ما يحبه ويطلبه ويشتهيه ويريده ولم تحصل له عبادة الله فلن يحصل الا على الالم والحسرة والعذاب ولن يخلص من الام الدنيا ونكد عيشها الا باخلاص الحب لله بحيث يكون الله هو غاية مراده ونهاية مقصوده وهو المحبوب له بالقصد الاول وكل ما سواه انما يحبه لاجله ولا يحب شيئا لذاته الا الله ومتى لم يحصل هذا لم يكن قد حقق حقيقة لا اله الا الله.
وكان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يقول «ومن اراد السعادة الابدية فليلزم عتبة العبودية» وقال بعضهم «لا طريق اقرب الى الله من العبودية» ان الله تعالى قد سهل العبادة ويسرها غاية التيسير وجعل للخير ابوابا ليلجها من للخير يقصد ويسير انظروا الى الصلاة التي هي آكد اركان الاسلام بعد التوحيد تجدوها قليلة الكلفة كثيرة الاجر فهي خمس في الفعل وخمسون في الميزان مفرقة في اوقات مناسبة حتى لا يحصل الملل واذا اقامها الانسان في جماعة كانت الصلاة مع الجماعة افضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وهذه النوافل التابعة للمكتوبات اثنتا عشرة ركعة من صلاهن بنى الله له بيتا في الجنة . واذا توضا الانسان فأسبغ الوضوء ثم قال اشهدان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت له ابواب الجنة الثمانية يدخل من ايها شاء وهذه الصدقات اذا كانت بنية خالصة ومن كسب طيب فان الله يقبلها بيمينه ويربيها لصاحبها حتى يكون ما يعادل التمرة مثل الجبل العظيم.
|