فوجئت أثناء مروري بغرفة ابني بوجود تشكيلة من الدفاتر على طاولته، فهذا دفتر باسم عبدالله، وذاك دفتر باسم صالح، وآخر باسم محمد. بادرته بالسؤال: ما هذه الدفاتر؟ فأجابني بالقول: انها تخص زملائي الذين يدرسون معي مقرر الرياضيات في الجامعة، لقد استعرتها منهم لأتعلم كيف أحل مسائل الرياضيات، ثم أردف قائلا: لا تنس يا والدي أن هؤلاء الطلاب هم أفضل الطلاب، وأريد أن أستفيد منهم. قلت له على الفور: جميل جداً أن تستفيد من خبرات زملائك، خصوصاً المتميزين منهم، ولكن يجب أن تعلم أن كل واحد من زملائك هؤلاء قد أمضى الساعات وهو يستحث عصارة جهده وتفكيره لكي يصل إلى حل المسألة الرياضية، أي بني يجب أن تدرك أن كل واحد من زملائك هؤلاء قد عاش لحظات من الإصرار والصراع مع كل مسألة رياضية قبل أن يلمع حلها في ذهنه. أي بني اعلم أن كل واحد من زملائك هؤلاء قد فكر بأسلوبه الخاص وبطريقته المميزة وعاش مخاضاً ذهنياً عسيراً قبل أن يضع الحل على الورق الذي بين يديك. أي بني ليس هناك طريق مختصر للنجاح، لن تتميز يا بني إذا كنت تكتفي بالقفز بين الآخرين لتنظر في ما أنتجته عقولهم. نظر إلي الابن باستغراب ليسألني بمكر: أين تعمل؟
|