Saturday 15th february,2003 11097العدد السبت 14 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

جدل حول قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الأجنبي المصري جدل حول قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الأجنبي المصري
تملك العرب والأجانب لرؤوس أموال البنوك العامة بدون حد أقصى

* القاهرة - مكتب الجزيرة
- محمد العجمي:
يدور نقاش حاد بين خبراء المصارف والاقتصاد والحكومة حول مشروع قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الأجنبي والمزمع تقديمه الى مجلس الشعب المصري قريبا ويهدف القانون الى تشديد قبضة البنك المركزي ودعم استقلاليته وزيادة مشاركته في وضع وتنفيذ السياسات النقدية والرقابة على البنوك أسوة بما يجري في العالم المتقدم والدول ذات التجارب المماثله في التعثر المصرفي وما دفع الحكومة الى تقديم هذا المشروع يأتي نتيجة للخلل الذي أصاب الجهاز المصرفي في السنوات الأخيرة.
فقد تزايد مؤخرا مشكلة المتعثرين وفشلت سياسات الحكومة في وضع الحلول لها وهروب رجال العمال وقدرت ديونهم بنحو 20 مليار دولار في حين ان أصول ممتلاكاتهم في مصر 5 مليارات جنيه فقط وقدر عددهم 35 هاربا منهم 12 من كبار العملاء حصلوا على 10 مليارات جنيه .
الجزيرة ناقشت مشروع القانون الجديد في هذا التحقيق
أكد الخبراء ان القانون يشمل ايجابيات كثيرة حيث يسمح ياندماج البنوك ويعطي سرية أكثر للحسابات وعدم مطاردة العميل قضائيا كما يضع سياسة لضبط الائتمان ومنع التلاعب وأشاروا الى أنه ترك المجال مفتوحاً لتملك الأجانب لرؤوس أموال البنوك في اشارة واضحة لخصخصة بنوك القطاع العام وانتقدوا اقتصار البنك المركزي على تنفيذ السياسات النقدية دون المشاركة في وضعها وسيطرة الحكومة عليه .
يقول الدكتور محمد أبو العيون محافظ البنك المركزي المصري ان العلاقة بين البنك المركزي والبنوك علاقة تعاقدية لأن صلاحياته تشمل منح التراخيص للبنوك وأن رقابة البنك المركزي لا تعني ان يكون سيفا مسلطا على كل قرار يتخذ في البنوك مشيرا الى ان مشروع القانون الجديد يقوي دور البنك المركزي ويزيد من درجة الثقه في الجهاز المصرفي.
زيادة رؤوس الأموال
وأضاف ان مشروع القانون الجديد يتضمن عدم السير في اجراءات تحريك الدعوى الجنائية ضد العاملين بالبنوك الا باذن البنك المركزي لأن حماية العاملين بالجهاز المصرفي يعد أحد الأدوار الأساسية للبنك المركزي بجانب حماية البنوك ذاتها ويشمل زيادة الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك الى 500 مليون جنيه وزيادة رؤوس أموال فروع البنوك الأجنبية الى 50 مليون دولار ولا يتضمن القانون اية موانع لاندماج البنوك أو استحواذ البنوك الكبيرة على الصغيرة ويشير محافظ البنك المركزي الى ان مشروع القانون الجديد يتضمن قيام رئيس الجمهورية بتحديد الوزير المسئول عن بنوك القطاع العام ويتم تعيين رؤوساء وأعضاء مجالس الادارات بقرار من رئيس الوزراء ويحدد رئيس الوزراء مرتبات وبدلات ومكافآت رؤساء مجالس ادارات البنوك والثوابت والأعضاء المتخصصين غير العاملين بالبنك وبدلات حضور مجلس الادارة وحدد مشروع القانون 60 عاما سن التقاعد للعاملين في بنوك القطاع العام ونظم القانون تعيين ممثلي بنوك القطاع العام في البنوك والشركات المشتركة ويكون بقرار من مجلس ادارة البنك لدورة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة فقط واجاز القانون محاسبة أعضاء المجلس في حالة الاخلال بواجباتهم أو مخالفة تعليمات البنك الذي يمثلونه.
سرية الحسابات
ويتضمن القانون الجديد بابا كاملاً عن سرية الحسابات حيث ينص على اعتبار جميع العملاء وودائعهم واماناتهم وخزائنهم عند البنوك والمعاملات المتعلقة بها سرية ونصت مواد القانون على انه لا يجوز الاطلاع على الحسابات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة واشترط لذلك الحصول على اذن كتابي من صاحب الحساب والوديعة أو من احد ورثته أو الوكيل القانوني المختص ويسري الحظر على جميع الأشخاص والجهات بما فيها الجهات التي يخولها القانون سلطة الاطلاع أو الحصول على الأوراق أو البيانات المحظور افشاء سريتها طبقا لأحكام القانون ويستمر الحظر حتى في حالة انتهاء العلاقة بين العميل والبنك لأي سبب ومنع القانون النائب العام أو من يفوضه من المحامين العاملين الأول على الأقل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب جهه رسمية أو احد ذوى الشأن أن يطلب من محكمة استئناف القاهرة الأمر بالاطلاع أو الحصول على بيانات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو المعاملات إلا في حالتين تتضمن الحالة الأولى كشف الحقيقة في جناية أو جنحه واكدت الدلائل الجدية على وقوعها والحالة الثانية تشمل التقرير بما في الذمة بمناسبة حجز موقع لدى أحد البنوك الخاضعه لأحكام قانون البنوك وتفصل المحكمة بعد انعقادها في غرفة المشورة في الطلب بعد سماع أقوال النيابة العامة ويقوم النائب العام أو من يفوضه باخطار البنك وذوي الشأن بقرار المحكمة ومنح القانون النائب العام الحق باصدار الأمر مباشرة بالاطلاع أو الحصول على بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الامانات في حالة ما اذا اقتضى الأمر كشف الحقيقة في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات كما يتضمن القانون حظر اطلاع أي جهة على دفاتر وسجلات البنوك أو الحصول على بيانات عنها بدون اذن محافظ البنك المركزي كما حظر القانون على رؤساء وأعضاء مجالس ادرارت البنوك ومديريها والعاملين فيها الكشف عن أي معلومات عن عملاء البنوك أو حساباتهم في غير الحالات التي حددها القانون.
شركات الصرافة
بات واضحا من خلال القانون الجديد ان الحكومة المصرية لا تستطيع التراجع عن فكرة شركات الصرافة لأنها عنوان التحرر الاقتصادي خاصة بعد أن اتهمت بمسئوليتها عن ارتفاع سعر الدولار وتم اعتقال 16 من اصحابها لمدة سنة أو أكثر وقد أفرج عن عشرة منهم بمناسبة عيد الفطر كما انها ملتزمة بوجودها طبقا لتعليمات صندوق النقد الدولى غير ان القانون الجديد رفع رأسمال الشركات الى 20 مليون جنيه بدلاً من مليون في القانون القديم وتدفع بالكامل وهو ما رفضته الشعبة العامة للصرافه باتحاد الغرف التجارية ويقول محمد الأبيض رئيس الشعبة أن هذا نوع من التعجيز واجبار الشركات على الاندماج أو التصفيه .
محذرا من اختفاء شركات الصرافة فور صدور القانون الجديد بوضعه الحالي مشيرا الى ان السوق المصرفي سيدار خلال الفترة القادمة بواسطة تجار العمله كما كان سائدا قبل مزاولة شركات الصرافة لنشاطها خاصة وان شركات الصرافة احدى دعائم الاقتصاد واستمرار السوق.
وأوضح ان هروب المستثمرين العرب والأجانب من مصر يرجع الى عدم قدرتهم على تدبير العملة في الوقت الراهن كما أن الظروف والمتغيرات العالمية تفرض على الشركات زيادة رؤوس الأموال بدون شروط قانونية وطالب الحكومة بتوفير موارد جديدة للنقد الأجنبي بدلا من تعجيز شركات الصرافة وتحديد الحد الأدنى بمليوني جنيه فقط حتى تكون الزيارة وفقا لاستثمارات الشركة وفروعها.
خصخصة البنوك العامة
أكد مسئول باحد بنوك القطاع العام أن مشروع القانون الجديد نص على «يجوز لغير المصريين تملك رؤوس أموال البنوك دون التقيد بأى حد أقصى ينص عليه في أي قانون آخر» وهو ما يؤدي الى ترك الباب مفتوحاً لغير المصريين في تملك رؤوس أموال جميع البنوك بما فيها بنوك القطاع العام حيث كان القانون رقم 163 لسنة 1957 الخاص بالبنوك والائتمان ينص على عدم جواز زيادة نسبة ما يملكه غير المصريين من رؤوس أموال البنوك المشتركة والخاصة على 49% من رأس المال المصدر لأي بنك وهو ما يعني ان القانون الجديد يسمح بخصخصة البنوك العامة .
وأضاف أن مشروع القانون الجديد نص أيضا على «يتحدد سعر الصرف للجنيه المصري مقابل العملات الاجنبية بتفاعل قوى العرض والطلب في سوق النقد الأجنبي ويحدد رئيس مجلس الوزراء القواعد والأسس المتعلقة بتنظيم سوق الصرف الأجنبي بعد أخذ رأى البنك المركزي» وهو ما يتيح لراسم السياسات النقدية تعويم الجنيه المصري في أي وقت.
وأشار الى ان القانون القديم رقم 120 لسنة 1975 نص على ان مجلس ادارة البنك المركزي يتكون من نائبي المحافظ واثنين من رؤساء مجالس ادرات البنوك وممثل لكل من وزارات الاقتصاد والتجارة الخارجية والمالية والتخطيط والوزراء المختصين وأربعة من كبار المتخصصين في المسائل القانونية والمصرفية والتنفيذية والمالية واثنين من رجال قطاع الأعمال ورئيس هيئة سوق المال أما مشروع القانون الجديد فقد اضاف الى النص السابق رئيس الهيئة المصرية للرقابة على التأمين وزاد عدد المتخصصين من أربعة الى خمسة وحذف من نص القانون القديم رؤساء مجالس ادارات البنوك واثنين من رجال قطاع الاعمال وحدد ممثلي الوزرات المعنيه بالشئون الاقتصادية بثلاثه فقط .
وأضاف أن القانون 163 لسنة 1957 ينص بعدم جواز توظيفات البنك لدى العميل الواحد على 30% من القاعدة الرأسمالية للبنك مما دفع العملاء المقترضين الى تكوين شركات اسميه أو وهمية أو ورقية باسماء اولادهم وزوجاتهم للحصول على القروض مما أظهر تلاعباً بالجهاز المصرفي والحصول على قروض من بنوك متعددة مما دفع الحكومة في مشروعها القانون الجديد الى اضافة عبارة الى العميل ليصبح النص «العميل الواحد والاطراف المرتبطة به» ليقطع أي تلاعب بالجهاز المصرفي كما كان القانون القديم يعطي استثناء للجهاز الحكومي وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال من نسبة ال 30% وقد الغى القانون الجديد هذا الاستثناء مما يعفي البنوك من عدم التزامها بتمويل الشركات الخاسرة حتى لا يهدد بضياع أموالها خاصة ان معظمها تسحب على المكشوف وكانت معظم الشركات الحكومية قد تجاوزت النسبة بمراحل.
ايجابيات متعددة
الدكتورة سميحه قليوب أستاذ القانون التجاري بجامعة القاهرة ترى أن القانون أعطى ايجابيات متعددة وأنه اشتمل على بعض العيوب التي يجب العمل على تلاشيها قبل عرض القانون على مجلس الشعب للتصديق عليه.
سردت استاذة القانون التجاري الايجابيات في دفع البنوك داخل مصر الى الاندماج في كيانات عملاقة حتى تستطيع مواجهة التحديات العالمية وتقديم الخدمات المصرفية بأحدث تكنولوجيا عالمية ودخول قائمة البنوك الدولية ذات الرأسمال العملاق وذلك بطريقة غير مباشرة حيث جعل رأس مال البنك 500 مليون جنيه.
مما يدفع البنوك الى الاندماج كذلك اجبار القيادات التي تستولى على المناصب وترفض عملية الاندماج حتى لا تفقد مناصبها على الموافقة على الاندماج حتى تستطيع مواجه التحديات الخارجية بالاضافة الى تمويل المشروعات طويلة المدى والتي تحتاج الى رؤوس أموال ضخمة ومن مميزات القانون أيضا انه جمع بين أربع قوانين كانت منعزلة هي قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي وسرية الحسابات والتعامل بالنقد الأجنبي في قانون واحد فيحقق السهوله واليسر في الاجراءات القضائية وللعاملين المصرفيين والقانونيين والاقتصاديين الى جانب انه وضع سياسة لضبط الائتمان لمنع التلاعب والفوضى التي حدثت في السنوات الأخيرة وكانت السبب وراء هروب رجال الأعمال.
هيمنة الحكومة
كشفت الدكتورة سميحة قليوب عن هيمنة الحكومة على البنك المركزي من خلال مشروع القانون الجديد وتفريغه من اختصاصاته حيث نص على أن ينسق البنك مع الحكومة في تحديد اهداف السياسات النقدية وذلك من خلال مجلس من سبعة أعضاء يشكل بقرار من رئيس الجمهورية ويضم ثلاثة من الوزراء المعنيين بالشئون الاقتصادية ومحافظ البنك المركزي وثلاثة من الخبراء المشهود لهم بالكفاءة والخبرة وتحدد اللائحة التنفيذية اختصاصات هذا المجلس وبذلك تستطيع الحكومة فرض سياستها على البنك المركزي حيث يقف المحافظ وحيدا أمام ثلاثة وزراء وثلاثة خبراء يعينهم رئيس الحكومة مما يكون ولاؤهم لمن بيده المنح والمنع وهي الحكومة وهذا المجلس وضع أساسا لفرض سياسة الحكومة خاصة وأنه يوجد مجلس ادارة للبنك المركزي.
كما ان الوزير الذي يمثل البنك المركزي أمام مجلس الشعب يعينه رئيس الوزراء مما يكون بعيدا عن عمله بالموضوعات داخل البنك المركزي.
وتضيف انه كان يجب في القانون الجديد تعيين اربعة نواب لاختصاصهم بالأمور الأربعة التي تشمل البنك المركزي والجهاز المصرفي وسرية الحسابات والتعامل بالنقد الأجنبي الا ان مشروع القانون اكتفى بنائبين.
مكافحة الاضطرابات
تنتقد أستاذة القانون التجاري اقتصار وتحديد اختصاصات البنك المركزي في دور تنفيذ السياسات النقدية التي تضعها الحكومة وذلك في مشروع القانون الجديد كما الغى دوره في مكافحة الاضطرابات المالية في حين انه من المفروض انه يضع السياسات النقدية ويكون مسئول عنها فقد نص القانون 120 لسنة 1975 على ان مجلس ادارة البنك المركزي هو السلطة المسئولة عن تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والاشراف على تنفيذها واصدار القرارات بالنظم التي يراها كفيلة بتحقيق الأغراض المشار اليها بقانون البنوك وللمجلس اتخاذ في سبيل ذلك التدابير المناسبة لمكافحة الاضطرابات الاقتصادية أو المالية العامة والمحلية والاشتراك في اعداد الموازنة النقدية للدولة وتنفيذها في اطار السياسة العامة التي تضعها وزارة المالية بالاتفاق مع وزارات التجارة الخارجية والتعاون الاقتصادي والتجارة والتخطيط والتموين والبنك المركزي ولكن تجاهل المشروع الجديد هذا النص.
وتوضح أن المقصود من القانون الجديد هو تقوية واستقلالية الجهاز المصرفي بعد حدوث فوضى في السياسة الداخلية الى جانب تشديد الرقابة والتي كان ضعفها سبباً في الأزمات التي لحقت بالبنوك من تعثر وهروب رجال الأعمال.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved