Saturday 15th february,2003 11097العدد السبت 14 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بيان باول أمام مجلس الأمن يؤكد حتمية الحرب بيان باول أمام مجلس الأمن يؤكد حتمية الحرب

  * بقلم بيتر جرير فاي بويرز هوارد لافرانشي (*)
بغض النظر عما قدمه بيان وزير الخارجية الأمريكية كولن باول أمام مجلس الأمن الدولي من أدلة ضد العراق فقد كشف عن شيء آخر أكثر أهمية وهو إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على الحرب، ولكن السؤال الموجه للبيت الأبيض مازال قائما وهو من الذي سيقف إلى جانب الولايات المتحدة عندما يحين وقت التحرك الفعلي ضد العراق؟
وقد كانت رسالة باول لنظرائه من وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن هي أن القطار قد بدأ يتحرك بالفعل ليغادر محطة القيام وأن الوقت قد حان لكي يقفز من يريد ليركبه، لذلك فإن أمريكا تنظر بغير ارتياح إلى الدعوات التي تطالب بمضاعفة جهود عمليات التفتيش عن الأسلحة في العراق.
ويبدو أن العملية الدبلوماسية بالنسبة للعراق لم يعد أمامها سوى أسبوع واحد على أكثر تقدير.
يقول روبرت بافلتزجراف خبير الشؤون الأمنية في كلية القانون والدبلوماسية بجامعة تافتس الأمريكية ان الولايات المتحدة سوف تتحرك مع حلفائها الموجودين لديها بالفعل، فأمريكا لا تستطيع أن تصل إلى القدر الكافي من الإقناع بقضية تحتوي على مثل هذه التفاصيل بدون أن تبدأ التحرك الفعلي نحو التدخل العسكري، لذلك فإن كافة تحركات الإدارة الأمريكية تؤكد على اعتزامها القيام بعمل عسكري ضد العراق، فقد أنفقت عشرات الملايين من الدولارت من أجل حشد القوات العسكرية في منطقة الخليج، علاوة على ذلك فمازالت هناك فرصة لكيلا يتم استخدام هذه القوات بأن يوافق الرئيس صدام على الرحيل عن العراق إلى أي جهة أخرى من العالم أو يتم الانقلاب عليه أو يقوم هو بانقلاب دراماتيكي بحيث يكشف عن كل ما لديه من أسرار عن برامج الأسلحة المحظورة للمفتشين الدوليين ويقوم بإجراء إصلاحات سياسية شاملة في البلاد.
ولكن الحقيقة أن الحرب أصبحت أقرب من مثل هذه الفرصة التي أتحدث عنها، فالتحول الملحوظ في موقف وزير الخارجية الأمريكي باول الذي كان يعد أحد أكبر المعارضين للحرب داخل الإدارة الأمريكية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الحرب قادمة، فقد انضم باول بالفعل إلى معسكر الصقور في إدارة بوش وهو ما يعني تلاشي معسكر السلام في هذه الإدارة.
يقول جون روبرت الضابط الأمريكي السابق والخبير الاستراتيجي حاليا في كلية كينيدي للإدارة العامة بجامعة هارفارد يقول لا شك أنهم يستعدون للحرب.
والحقيقة أن الإدارة الأمريكية لم تكن تتوقع أن تتخلى الدول المعارضة للحرب في مجلس الأمن عن هذه المعارضة وترفع أيديها بالموافقة على الموقف الأمريكي وتعترف بخطأ مواقفها السابقة بمجرد أن يلقي باول بيانه أمام المجلس وهو ما لم يحدث بالفعل، فقد كان رد فعل فرنسا وألمانيا وغيرهما من الدول التي تؤيد الحل الدبلوماسي هو أن كلام باول أكد الحاجة إلى مضاعفة جهود التفتيش في العراق وليس الحاجة إلى الحرب.
ولكن من وجهة النظر الأمريكية فإن خطاب باول أوضح أن عمليات التفتيش غير مجدية، والحقيقة أن الإدارة الأمريكية وأغلب الدول الأوروبية تنظر من منظور مختلف بالنسبة لجهود التفتيش، فمن وجهة نظر فرنسا وألمانيا وغيرهما من الدول المعارضة للموقف الأمريكي فإن المفتشين يحتاجون إلى المزيد من الإمكانيات حتى يتمكنوا من إنجاز مهمتهم، أما الإدارة الأمريكية فترى أن هذه الجهود مصيرها الفشل وأن هؤلاء المفتشين لن يحصلوا على أي معلومات غير تلك التي أرادت الحكومة العراقية تقديمها للعالم، وعندما سئل أحد المسؤولين الأمريكيين عن الاقتراح الفرنسي بمضاعفة عدد المفتشين الدوليين في العراق مرتين أو ثلاث مرات أو حتى إقامة لجنة دائمة من المفتشين في العراق رد هذا المسؤول بابتسامة ساخرة وقال إن الرئيس الأمريكي جورج بوش صرح بأن هذا الأمر يجب ألا يستغرق أكثر من أسابيع وليس شهورا وعلى مجلس الأمن الدولي أن يتعامل مع هذا الموقف، والحقيقة أن الأثر الحقيقي لعرض باول أمام مجلس الأمن قد يستغرق بعض الوقت حتى يتضح، فالتعليقات الفورية للدبلوماسيين الأعضاء في مجلس الأمن الدولي على هذا العرض كانت معدة من قبل أن يلقي باول بهذا البيان كما قال أنطوني كوردسمان خبير الشؤون الخليجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ويضيف ان أفضل طريقة للنظر إلى بيان باول هو اعتباره بمثابة البيان الافتتاحي لممثل الادعاء الذي يحدد في التهمة والأدلة عليها ولكن المحاكمة يجب أن تستمر خلال الأسبوعين أو الثلاثة القادمة في الأمم المتحدة.
من ناحيته أكد دبلوماسي بريطاني في الأمم المتحدة أن صدور قرار جديد من مجلس الأمن ينص صراحة على الحق في استخدام القوة أصبح امرا مؤكدا بعد أن يقدم المفتشون الدوليون تقريرهم الثاني عن عملهم في العراق في الرابع عشر من فبراير الحالي، كما أشار هذا الدبلوماسي إلى تأييده للموقف الأمريكي الذي يقول انه لا توجد حاجة قانونية لصدور مثل هذا القرار الثاني من أجل القيام بعمل عسكري، ولكنه قال ان صدور مثل هذا القرار «مهم جدا» من الناحية السياسية.
موافقة فرنسا
في الوقت نفسه يعتقد البيت الأبيض الأمريكي أن فرنسا سوف توافق لاحقا على العمل العسكري ولكن الرؤية ليست واضحة بما يكفي بالنسبة للموقف الألماني.
يقول ريك بارتون كبير المستشارين في مركز الدراسات الأمنية والدولية بواشنطن أن ألمانيا تشهد ظروفا سياسية داخلية صعبة جدا لذلك فقد لا تشارك في هذه الحرب المنتظرة، ولكن إذا لم يكن لبيان باول أي تأثير فقد كان له تأثيره على الكونجرس الأمريكي، فقد تحول موقف هؤلاء الذين كانوا ينتقدون مواقف الإدارة الأمريكية الداعي للحرب وأصبحوا يقولون ان الأمر الآن بات مسؤولية الرئيس العراقي صدام حسين لكي يثبت أنه لا توجد حاجة للحرب.
يقول عضو مجلس الشيوخ كارل ليفين إن الخطوة التالية التي يجب على العالم القيام بها هو الإصرار على السماح باستخدام طائرات التجسس الأمريكي «يو تو» في الأجواء العراقية لمساعدة المفتشين الدوليين في القيام بمهمتهم على سبيل المثال، بل إن هؤلاء الأعضاء في الكونجرس الذين كانوا يصرون على ضرورة التحرك من خلال الأمم المتحدة بدأوا يتحدثون عن حتمية الحرب، ويبدو أن جميع أعضاء الكونجرس قد أدركوا أن الحرب أصبحت حتمية.
يقول عضو مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين ان القمر لن يظهر في سماء العراق في بداية مارس القادم وهنا تزيد احتمالات الحرب.

(*) خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» خاص ب«الجزيرة»

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved