Friday 14th february,2003 11096العدد الجمعة 13 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مدارات تسأل.. والشعراء يؤكدون مدارات تسأل.. والشعراء يؤكدون
الأدب الساخر موجود ولا نستطيع كتابة شهادة وفاته

* الطائف - هلال الثبيتي:
قال جحظة البرمكي:


دعاني صديق لي لأكل القطائف
فأمعنت فيها أمناً غير خائف
فقال، وقد أوجعت بالأكل قلبه
رويدك مهلاً فهي إحدى المتالف
فقلت له: ما أن سمعت بهالك
ينادى عليه يا قتيل القطائف

الأدب الساخر أو ما يسمى شعر الموقف كان في يوم من الأيام يحتل مكانة كبيرة في الوسط الشعبي واشتهر من خلاله العديد من الشعراء الذين كان لهم النجاح من خلال هذا الموروث، والأدب الساخر أو شعر الموقف يناقش من خلاله العديد من القضايا الاجتماعية التي ربما نكون اليوم في حاجة إلى مثل هذا الأدب. ولكن هذا الأدب اختفى قبل فترة من الزمن دون رجعه مدارات شعبية ومن خلال إيمانها بأهمية هذا الأدب الجميل طرحت بعض الاسئلة على بعض الشعراء عن أسباب اختفائه وما هو تعريقه ومتى كانت بدايته فتعالوا معنا إلى هذا الحوار مع هؤلاء الشعراء.
في البداية تحدث شاعر المصيف محمد سعيد الذويبي فقال: شعر السخرية موجود من العصر الجاهلي، أما شعر الموقف فهو أكثر من شعر السخرية شيوعاً ومتعدد الأغراض منه العام ومنه الخاص وكذلك الشعر الساخر. أما الشعر الساخر الذي يختص اسماً معين فإنه يؤثر على كونه ادبا. ماذا كان عاماً ولا يحدد شخصاً معيناً فإنه أدب راقي له أهدافه الجميلة وان كان في ظاهرها ساخرة.
وبين أن سبب اختفائه فإن الناس يستعرضون الأدب السيئ بصفة غير صحيحة ويؤلونه على اختلاف أذواقهم.
وهناك أمثلة على الأدب الساخر مثل قول الشاعر:


أنا حكمت الجراد وعندنا فالبيت أضويه
وسرح الذيب عنده حيى ألك ذ الذيب راعي
يرعى بها فالجبوب ويقهر الأول لتاليه
وليا فقد له جراده عندها رز النواعي

وتقول شاعرة ساخرة من اختها:


ماني بغاوية رجال الشجاعه
ودي بهم مير المناعير صلفين
ودي بواحد من طريف الجماعه
يرعى غنمنا والبهم والبعارين
واخربه مشدةً في كراعة
قال اخربي والناس ما هم بدارين

وأضاف قائلا شعر الموقف أكثر شيوعاً ومنذ القدم وهو شعر خاص لمواقف خاصة وشعر لمواقف عامة.
من المواقف العامة ما قاله احد الشعراء في الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد حيث قال:


التوافيق للشاعر شموس البدايا
والشعر في قواميس المشاعر رساله
فيض نبعاً بعيدا عن الردا والا سايا
باسم عبدالله اللي شرفتنا اخصاله
نظرته للمعالي واحسناته رهايا
العدل راس ماله والوقار ارتجاله

أما الشاعر «بعيد الهقاوي» عويد المطرفي فقال، اعتقد ان كلمة «الأدب» يدخل ضمنها أشياء كثيرة مثل الشعر والنثر وغيرها ولكن نحن الآن بصدد الشعر الساخر. وتقتصر على الشعر الشعبي وهو مدار حديثنا ونقاشنا والشعر الساخر هو ما يأتي بين الفكاهة والجدية في تصوير الأمور ومعالجة بعض السلبيات وهو اشبه ما يكون بالرسم «الكاريكاتوري» ولكن بكلمات شعرية معبرة.
وبين أن بدايات الشعر الساخر هي بداية قديمة جداً بقدم شعرنا الشعبي ويأتي ابرز شعرائه في الحقبة الماضية الشاعر حميدان الشويعر الذي اشتهر بسخريته اللاذعة.
وعن أسباب اختفائه قال: هو لم ينته نهائياً ولكنه لم يعد الاهتمام به كما كان سابقاً لعدة أسباب قد يأتي في أولها «قصص الرقيب» الذي غالباً لا يمرر مثل هذا الشعر اللاذع الذي يؤول غالباً الى عدة تأويلات من خلال وسائل الاعلام ولكن استطيع القول أن هناك شعراء يكتبون هذا الشعر ويحتفظون به وأنا شخصياً لدي نصوص من هذا النوع.
أما الشاعر محمد بن طمحي الذبياني فقال: أسعدني اهتمامكم بهذا الموروث الشعبي ومناقشة احتفاء الأدب الساخر في الآونة الأخيرة ولما لهذا الموروث من أهمية كبيرة في الأدب الشعبي بحكم أنه لم يكن وليد الأمس بل هو من تراثنا الشعبي ولابد من احياء موروثاتنا الشعبية والبحث العميق والمتواصل من أجل تأصيل تراثنا. وبداية الأدب الساخر «شعر المواقف» ظهر في الجزيرة العربية منذ العصر الجاهلي. وهو شعر منظوم القوافي في ذات موازين وأبيات تحوي في معناها الكثير من المدح المبالغ فيه لدرجة السخرية أو التهكم يوصف موقفاً أو خلافه.
وللعلم أن هذا الموروث لم يختف من ساحاتنا الشعبية ومازال نائماً حتى الآن وهناك أسباب أدت إلى عدم بروزه في الآونة الأخيرة منها:
(1) قلة تداوله في المحاورات أو في شعر النظم.
(2) الزمان والمكان.
(3) انتشار وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة وكذلك وجود الفضائيات والإنترنت.
(4) انصراف معظم الشعراء خاصة الشباب للقصائد الغزلية.
وهناك الكثير من الشعراء سواء في الوقت الحاضر أو الماضي تطرقوا إلى الأدب الساخر منهم الشاعر خلف أبوزيد الشمري وبندر بن سرور الذي أنشد قائلاً في جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله :


عبدالعزيز اللي يبذ المطاريف
مودع مباغيض القبائل ولا في
يمشي على دربه جموعاً مراديف
نونٍ تنثر ماه والجو صافي

وقال: لي في هذا الموروث بعض القصائد في وصف بعض المواقف:


الرجل إله بين الرجاجيل مجلاس
عيباً عليه اليا نزل من محله
ولا خير في رزقاً ورى ارخاية الراس
فقر الجيوب ولا معيشة مذله

الشاعر عامر الكناني قال: الشعر الساخر لايزال موجوداً بعكس ما يردد عن ذلك.
وهناك بعض المجلات الشعبية التي تهتم بالشعر الشعبي نجد أن هناك زوايا صغيرة جداً يكتب فيها بعض ممن يقرضون هذا اللون من الشعر بأسماء ساخرة أيضاياً مثل حتحون وسهيل اليماني وراعي الزود وراعي البعارين وغيرهم أسماء كلها تدل على هزلية الموضوع بقصد إضحاك الآخرين الا أنه هناك من يكتب بطريقة ساخرة قريبة من الجدية كثيراً مترفع بالكلمة واختيار المعنى الجميل للارتقاء بذوق القارئ والمستمع. ولو سمح لهم وأوجد لهم مساحات في المطبوعات لظهر للقارىء الكثير من الشعراء الذين يجيدون هذا اللون.
أما شعر الموقف الذي يخلط الكثير بينه وبين الشعر الساخر «الهزلي» فإنه يختلف اختلافاً كثيراً وليس هناك وجه مقارنة فالكثير من شعرنا الشعبي الموجود في الساحة هو شعر موقف سواء كان ذلك في شعر الغزل أو المدح أو العتاب أو الوصف وفي خروب الشعر الأخرى ماعدا القليل جداً الذي قد لا يرتقي الى شعر مثل ما يكون عادة للالغاز المطلوب حلها أو بعض المراسلات التي تتكلم عن أمور خاصة بين الناس أما ماعدا ذلك فإنني أرى وقد أصيب أو أخطئ أنه شعر موقف.
ومن جانبه أكد الشاعر/ عواض الشهيب أن الأدب الساخر هو عبارة عن عتب ولكن بدون جرح مشاعر الآخرين لأن شعر الموقف هو شعر راق له أهداف جميلة تناقش العديد من القضايا الاجتماعية.
وقال لو نظرنا الى تاريخ هذا الأدب لوجدنا أنه من العصور الجاهلية اشتهر فيه العديد من الشعراء ولكنه ازدهر في العصر العباسي.
أما على مستوى أغراض هذا الأدب فنجد أن شعراء الجزيرة العربية خاصة شعراء الشعبي لهم باع طويل في هذا المجال.
وبين ان هذا الموروث موجود في الوقت الحاضر ولكن بصورة أقل بكثير من الوقت السابق ولا نستطيع أن نحكم عليه بالاختفاء.
ويقول الشاعر/ عبدالله الطويرقي الادب الساخر هو أدب جريء ناقد يتميز بالمواجهة (يقول للأعور أعور بعينه) ليس فيه مجال للمجاملة ذو طابع كوميدي فوكاهي يستلزم القدرة العالية على التعبير والتوصل للمتلقين بالأضافة إلى الجرأة والأسلوب في الاداء وتوفركم هائل من الثروة اللغوية. يعتمد على الخروج عن القوالب والتقاليد الادبية المتعارف عليها بالاضافة إلى اهتمامه بجانب النكته وضرب الامثال والنقد اللاذع والسخرية السوداء الحادة التي تتصف بالتشاؤم والعواطف القائمة كالحقد والشماته والرغبة في الانتقام كذلك السخرية الناعمة التي تعتمد على اضحاك الناس. ومنه طريقه الردح والقدح والهجاء الجريري (الشاعر جرير).
وأضاف قائلاً من وجهة نظري وبناء على مفهوم الأدب الساخر فإنه صعب المراس لا يتيسر لكل من هب ودب يشبه في ذلك الكاريكاتير بين الفنون التشكيلية والكوميديا بين فنون الدراما المسرحية هل يجيدها كل فنان بالطبع لا فإنها تحتاج إلى قدرات غير عادية فالأدب الساخر صعب المراس في جانبه القصصي أو المقالي أو النثري أو الشعري.
وبين أن بداياته كانت في أواخر الدولة الأموية وبداية العصر العباسي.
وأكد أن من الأسباب التي أدت إلى اختفائه على سبيل المثال لا الحصر طبيعة المجتمع المتسلمه بالجدية والتشدد الأخلاقي وصرامة التقاليد بالاضافة إلى وجود حالة من الركود والخمول العقلي ورغم ذلك لا نستطيع أن نكتب شهادة وفاة للادب الساخر ونجزم بإختفائه بل أن هناك مستجدات تشجع هذا النوع من الأدب كالاعمدة الصحفية والمجلات الشعبية وهذا على سبيل المثال.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved