* بغداد- د. حميد عبد الله:
مع تصاعد الرفض الدولي رسمياً وشعبياً للحرب الامريكية ضد العراق التي باتت قاب قوسين أو أدنى، تتصاعد نبرة التحدي في بغداد يعززها تحرك دبلوماسي مكثف وتعبئة شعبية شاملة تحسباً للقادم من المفاجآت.
ففي مدينة الرطبة القريبة من الحدود العراقية الأردنية والعراقية السورية استعرض عشرات الآلاف من مقاتلي حزب البعث وهم مدججون بالرشاشات وأسلحة مقاومة الدبابات (ار.بي.جي.سفن ) استعداداً لافشال أي إنزال تفكر به واشنطن في منطقة الصحراء الغربية، أو أي تقدم للقوات الأمريكية من الأراضي الأردنية خاصة وان العراق لايستبعد ان تختار الولايات المتحدة المناطق الواهنة أو التي لا تمسكها قوات عراقية وتحاول التغلغل من خلالها كما حدث في حرب الخليج الثانية.
وإلى جانب التعبئة العسكرية يواصل العراق تحشيد التأييد السياسي لقضيته من خلال استقبال عشرات الوفود الشعبية والحكومية التي تتوافد على بغداد وكان آخرها وفد اللجنة الروسية للتعاون الدولي والثقافي مع العراق التي ضمت اكثر من 38 شخصية إعلامية وفنية.
العراق ومن باب الاعتراف بالجميل لروسيا، وتعويضاً عن عقد الشركة الروسية في حقل مجنون الذي الغاه العراق في شهر كانون الاول (ديسمبر) من العام الماضي، فقد وقعت وزارة النفط العراقية اتفاقية مع عدد من الشركات الروسية حول تطوير ثلاثة حقول نفطية عراقية هي حقل ابن عمر بطاقة 450الف برميل يومياً وحقل الرافدين بطاقة 100 الف برميل وحقل الغراف بطاقة 100 الف برميل يومياً، وهناك مشاريع أخرى ستفوز بها الشركات الروسية في مجال الصناعات النفطية في العراق.. كما اوضح ذلك وزير النفط العراقي سمير النجم.
أما فرنسا التي تقود أقوى معارضة أطلسية ودولية ضد منهج واشنطن الرامي الى شن حرب على العراق، فان شركاتها تعيش حالة ترقب بانتظار اقتناص الفرص الاستثمارية في العراق، فهناك حوالي 60 شركة فرنسية لها وجود في العراق، وفي عام 2000 احتل العراق المرتبة 53 بين الدول التي تشتري من فرنسا والمرتبة 39 بين الدول التي تصدر لفرنسا وتتوقع الشركات الفرنسية ان تتلقى مكافأة مجزية من العراق تثميناً لموقف الاليزية المساند لبغداد.
في هذه الأجواء كشف وزير التجارة العراقي محمد مهدي صالح ان اجهزة الدولة العراقية قد اكملت وضع الخطة الاقتصادية للسنوات العشر القادمة مشيراً إلى أن الخطة رسمت على أساس ان سكان العراق سيبلغون في عام 2013اكثر من 37 مليون نسمة، مفترضاً ان الدولة ستواصل توزيع الحصص التموينية حتى ذلك التاريخ، وأشار صالح إلى أن اسطول السيارات المخصصة لنقل المواد الغذائية وايصالها للمواطنين بلغ الآن 3000 شاحنة بعد ان كان 500 شاحنة في عام 1990 مؤكداً ان العراق حقق اكتفاءً ذاتياً في الكثير من المنتجات الزراعية ومن بينها الفواكه والخضر وحقق وفرة في انتاج القطن والذرة والتمور والاسمنت اكثر من حاجته الاستهلاكية كاشفاً ان الحكومة العراقية بدأت منذ4 أشهر بشمول المنطقة الكردية في شمال العراق بالحصة الغذائية بتمويل ذاتي وليس من موارد مذكرة التفاهم مع الأمم المتحدة.
ما يلفت النظر في العراق هذه الايام ان أنشطة الدولة لم تفتر بل ان الخطة الاستثمارية للعام الحالي 2003 جاءت اكبر من مثيلاتها للاعوام الماضية، وقد شرعت وزارات الدولة بتنفيذ هذه الخطة غير آبهة بشبح الحرب وما تحمله هذه الحرب في ثناياها من قتل وتدمير.
المسؤولون العراقيون من جهتهم باتوا يحملون رؤى متطابقة لموضوع الحرب مستقاة من رؤية الرئيس صدام حسين الذي يؤكد في كل مناسبة ان امريكا سوف تفشل في العراق، وقد كرر هذه الحقيقة نائب رئيس الجمهورية الكردي طه محي الدين معروف الذي لم يدل بأي تصريح لوسائل الإعلام منذ توليه منصبه قبل ثلاثين عاماً حيث قال معروف : ان امريكا خسرت الحرب سياسياً، فمن اصل 200 دولة منضمة الى الأمم المتحدة والكلام لمعروف لم تؤيد الولايات المتحدة سوى بضع دول.أما الجامعات العراقية التي تستأنف الدراسة فيها يوم السبت القادم حيث تنتهي العطلة الربيعية فقد تحولت أروقتها الى ساحات لتدريب الطلبة والأساتذة فللكتاب وقت، وللسلاح وقت، هكذا تقول قوانين الحرب.
|