وزير الداخلية الفلسطيني هاني الحسن يبذل جهودا جريئة وصعبة للتهدئة، الا ان اسرائيل لا تساعده في مساعيه، وفرصه في النجاح لا تبدو جيدة.
وزير الداخلية الفلسطيني، هاني الحسن، موجود في مركز المباحثات الجارية بين اسرائيل والفلسطينيين لوقف اطلاق النار كما يسميها الناطقون بلسان رئيس الحكومة اريئيل شارون، هذه المحادثات غريبة جدا، الحسن هو عضو في المجلس الوزاري التابع للسلطة الفلسطينية بينما نعرف ان حكومة اسرائيل لا تكتفي بمقاطعة ياسر عرفات المسؤول عن وزير داخلية السلطة وانما تشمل في هذه المقاطعة أغلبية أجهزة السلطة التي تعتبر في نظرها ملوثة بالإرهاب، ومن الناحية الاخرى قامت اسرائيل باغلاق كل مكاتب الارتباط والتنسيق مع السلطة (باستثناء مكتب أريحا)، وفي هذا الوقت يقوم شارون وأتباعه بدعوة أبو العلاء وهاني الحسن لاجراء اللقاءات معهما ويجرون اتصالات مستمرة جارية مع وزارة المالية الفلسطينية ويخلون سبيل اموال السلطة التي تعود لها من الضرائب، حتى تمكن عرفات من دفع الرواتب.
أبو العلاء تهرب في نهاية الاسبوع من الرد على قضية لقائه مع شارون، وتوجه للعلاج الطبيعي عمان، ولكن الامر المثير أكثر هو ما يحدث مع هاني الحسن، فالحسن يبذل منذ ان عينه عرفات وزيرا للداخلية نشاطا حثيثا، ويجب القول انه يتحلى بالشجاعة ايضا، وبواسطة الاجهزة في غزة وما تبقى من اجهزة في الضفة يقوم الحسن ببذل جهوده للتهدئة، أي لايقاف العمليات وهو يتمتع بمكانة اعتبارية في اوساط الجمهور الفلسطيني وخصوصا في صفوف حركة فتح التي هو عضو في لجنتها المركزية، شقيقه خالد الحسن الذي توفي قبل عدة سنوات في المغرب كان واحدا من المؤسسين الخمسة للحركة في الكويت في عام 1959، وهو نفسه كان من أول من انضموا الى صفوفها (هما من عائلة لاجئة من حيفا التي كانت تملك مغارة النبي الياهو المقدسة في الكرمل).
هاني الحسن اشتهر في السابق في مواقفه المعارضة لعرفات ومعارضته الحازمة لاتفاق اوسلو وهناك من ينسبون قدرته الحالية على مواجهة منفذي العمليات الآن الى هذه المعارضة السابقة في غزة كان الحسن من وراء حملة ناجحة جدا قام بها أفراد الأمن الوقائي الذين نجحوا في الايام الاخيرة في القاء القبض على خلايا حاولت اطلاق الصواريخ والقاذفات على أهداف اسرائيلية، وفي عدة أحداث تصادم رجاله بصورة عنيفة مع عناصر حماس في غزة.
وفي الضفة يواجه الحسن مصائب أكبر، فقبل شهر أصيب الحسن بالذهول عندما تحملت كتائب شهداء الاقصى التابعة لفتح مسؤولية عملية المحطة المركزية في تل ابيب، الكتائب قامت بالعملية على خلفية لقاءات القاهرة التي كان الحسن مشاركا فيها والتي تهدف الى اقناع حماس والجهاد بالموافقة على ايقاف العمليات في داخل اسرائيل، وفي هذه الاثناء بالذات جاء رفاقه من فتح ونفذوا عملية في قلب اسرائيل ليضعونه في موقف محرج ومثير للسخرية.
بمبادرة من هاني الحسن صدر بيان يقول ان لا صلة بين كتائب شهداء الاقصى وعملية تل ابيب عائلات الانتحاريين ورفاقهم في نابلس وكلهم من نشطاء فتح غضبوا وشعروا بالاهانة، وفي نهاية الاسبوع الماضي نشر بيان صادر عن كتائب شهداء الاقصى وفيه تحذير للحسن بألاّ يتجرأ على زيارة نابلس، في يوم السبت صدر بيان مضاد صادر عن كتائب شهداء الاقصى ايضا ومفاده ان بيان التهديد كان مزيفا.
فما هي الحقيقة؟ صحفيون فلسطينيون يقولون ان البيانين صحيحان، نشطاء كتائب الاقصى منقسمون الى معسكرين: واحد من خصوم الحسن الذين يطالبون بمواصلة العمليات، والثاني يؤيده ويطالب بايقاف العمليات وما يسميه أبو مازن «عسكرة الانتفاضة» التي تلحق حسب رأي الكثيرين ضرراً كبيراً في القضية الفلسطينية، وعلى كل الاحوال لم يكن من الممكن ايجاد هاني الحسن في موقع سكنه في رام الله وفي غزة في يوم السبت، فقد كان في نابلس لاسباب منها البرهنة على انه لا يخاف التهديدات.
المقربون منه يقولون انه يطلب من رفاقه في قيادة السلطة ان يقدموا له يد العون - وانه يقول للاسرائيليين الذين التقاهم انه لا يستطيع القيام بأمور كثيرة من دون التنسيق الأمني وفرصه في النجاح لا تبدو جيدة بصورة استثنائية.
(*) محلل خبير للشؤون الفلسطينية
|