إن ما نلمسه اليوم بل وفي السّياسة الخارجيّة، ضدّ المسلمين والعرب، إنّما هي أقوال تخالفها الأعمال، فعندما يلاحظ على زعيم أو كاتب غربي، تطاولات على الإسلام، وافتراءات على دولة من الدّول العربية، وفي مقدّمتها المملكة العربية السّعودية ومصر، فإنّما ذلك نابع من مكنون الصّدور وتعبير عمّا يتداولونه في مخطّطاتهم، وأسرارهم ضدّ الإسلام وأهله..
* وقوله: {إنَّمّا المٍؤًمٌنٍونّ إخًوّةِ فّأّصًلٌحٍوا بّيًنّ أّخّوّيًكٍمً} *الحجرات: 10*
ذلك أن السياسة عند هؤلاء مبنية علي عدم الصدق وعلى المخادعة، كما قال شيخ الأزهر الإمام محمد عبده عندما نفي إلى فرنسا: قاتل اللّه ساس يسوس، وما وراءها من أكاذيب.
فالمسلمون يحثّهم دينهم على السياسة الصادقة، والتعامل الموثّق، وأولئك يريدون تحقيق مآربهم المبنيّة على الجور والتعدي، ويسلكون في هذا السبيل أيّ أسلوب يحقّق هدفهم المنشود.. كما نلمس هذا من دولة العدوان الغاصبة في فلسطين، وفيمن وراءها: تأييداً ودفعاً، ومساعدات: مادّيّة ومعنويّة.. فأصبحت عندهم كالطّفل المدلّل. فإنّ جميع المؤتمرات والتّوصيات والمعاهدات، قد جعلها قادة إسرائيل رماداً تذروه الريّاح، حيث استغلّ المسؤولون اليهود، الوضع الدوليّ، والتجمّعات الأمريكية في المنطقة: حشوداً وإعلاماً، لينفردوا بشعب فلسطين الفقير الأعزل.. ليقتلوا ويدمّروا، بلا حسيب ولا رقيب.
فأين الضمير العالمي؟ وأين هي حقوق الإنسان، التي يجسّمون: نقداً وتهويلاً؟ ما يصدر عن المملكة العربية السعودية من أحكام شرعية، جاءت عن اللّه وعن رسوله صلى اللّه عليه وسلم، معتبرين ذلك انتهاكاً لحقوق الإنسان، وأمّا أعمالهم وقتلهم الآبرياء، وهدم المنازل على الأطفال والنّساء، وتدمير المزارع بالجرّافات، ونهب الأرض، بإدّعاءات كاذبة، ومنع ما بعثته المملكة العربية السعودية، من إعانات غذائية، وأدوية ومساعدات إنسانية عن الشعب الفلسطيني المظلوم، والمقهور على أمره، فهو في نظرهم حقّ من حقوق اليهود..
بل ظهرت بدعة جديدة مع حوادث سبتمبر، منذ أكثر من عام، بخلع قميص عثمان، على كل ما يريدون تحقيقه وذلك تحت هذا الشعار: الإرهاب.
فأين هي منظمة حقوق الإنسان، وأين نظام هيئة الأمم المتحدة الذي قام على رفع الظّلم، وحماية الضّعيف من جور القويّ، وأين هي مواثيقه؟؟!!.
المملكة العربيّة السّعوديّة، بقيادة الملك عبدالعزيز -رحمه اللّه- من الدّول السبّاقة للانضمام لمجلس الأمن، ومن المشاركين في وضع مثياق الأمم المتّحدة، ودستورها الذي قدّمه الملك عبدالعزيز ضمن الدّساتير للأمم المنظمة لهذه الهيئة ليس من وضع البشر، الذين من سماتهم الظّلم والكذب، وليس داعياً للجور والظّلم والتّعدّي وامتهان كرامة الإنسان، كما هي طباع من أحسّ بنفسه قوة، ليعلو في الأرض، ولتتغلّب عليه نزعات الأثرة وحبّ الاستعلاء على الآخرين، وليس متميّزاً مع أصحاب «الفيتو» في الأخذ والعطاء بحسب الأهواء وحبّ التّسلّط. لكنّه دستور عن اللّه سبحانه، فيه العدل والكرامة، وفيه تحقيق الحقّ ورفع الظّلم، وفيه العصمة لمن اعتصم به، واعتمده منهجاً في حياته، وموجهاً لمسيرته مع نفسه ومع الآخرين: إنّه القرآن الكريم الذي قدّمه الملك عبدالعزيز - رحمه اللّه - معتزّاً به، وثابتاً على ما جاء فيه عقيدةً وعملاً.
إنّه حكم اللّه وليس حكم الجاهليّة، ويحقّق عدلاً بين البشر بالقناعة والعمل، وليس بالتّكتّل والسّياسة والتّحالف، يحثّ على العهد والمحافظة عليه، وينهى عن الغدر والخيانة، ويأمر بالرّأفة بالمستضعفين، ويبصّر بمصير الطّغاة الظّالمين.. ففيه عبرة لمن اعتبر، وفيه وعد بالنصر ويالفوز لمن اعتصم به، وثبت على أوامره عملاً، وابتعد عن نواهيه زجراً.
* فمن نصر اللّه: إقامة شرعه وعبادته كما أمر، ولا يجب أن تُرْهِبَ المسلمين أكاذيبُ الأعداء، ومحاولة بثّ الفرقة، ولا ما في أيديهم من قوة مادية، فإن اللّه أقوى فهو يدعونا لقوّة الإيمان وحقيقة التّطبيق، اللذين انتصر بهما أجدادنا، وفتحوا الدنيا لنشر دين اللّه، فتهاوت أمام جحافلهم وجموعهم، وهم يردّدون: اللّه أكبر، ولا إله إلا اللّه، امبراطوريات عديدة :{أّتّخًشّوًنّهٍمً فّاللّهٍ أّحّقٍَ أّن تّخًشّوًهٍ إن كٍنتٍم مٍَؤًمٌنٌينّ} *التوبة: 13*
من المعجزات:
من صدق مع اللّه وأخلص بقلبه وعمله حقّق اللّه فوق ما يتوقع: وفي قصة العلاء بن الحضرمي الصحابي الجليل عظة وعبرة لكل مسلم، بما منحه اللّه من معجزة: قال أنس بن مالك: جهّز عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه جيشاً واستعمل عليه العلاء بن الحضرمي، وكنت في غزاته، فأتينا مغازينا فوجدنا القوم قد بدروا بنا، فعفوا آثار الماء، والحرّ شديد، فجهدنا عَطَشَاً، نحن ودوابنا، وذلك يوم الجمعة، فلما مالت الشمس لغروبها، صلى بناء العلاء ركعتين، ثم مدّ يده الى السماء وما تُرى في السماء شيئاً، قال: فواللّه، ما حطّ يده حتى بعث اللّه ريحاً، وأنشأ سحاباً، وأفرغت حتى ملأت الغدر، وهي كلّ موضع صعب كثير الحجارة والشّقوق، والشّعاب.
فشربنا وسقينا واستقينا، قال: ثم أتينا عدوّنا، وقد جاوز خليجاً - وهو امتداد من الماء متوغل في اليابس - في البحر إلى جزيرة، فوقف العلاء على الخليج وقال: يا عليّ يا عظيم، يا حليم يا كريم، ثم قال: أجيزوا بسم اللّه، قال: فأجزنا، ما يبلّ الماء حوافر دوابنا، فلم نلبث إلا يسيراً، فأصبنا العدوّ عليه، فقتلنا وأسرنا وسبينا، ثم أتينا الخليج، فقال مثل مقالته، فأجزنا، ما يبلّ الماء حوافر دوابنا.
ثم ذكر موت العلاء ودفنهم إيّاه في أرض لا تقبل الموتى، ثم إنهم حفروا عليه، لينقلوه منها إلى غيرها، فلم يجدوه ثم، وإذا اللّحد يتلألأ نوراً، فأعادوا التّراب عليه، ثم ارتحلوا.
ثم سمى اللّه تعالى واقتحم بفرسه الماء، واقتحم الجيوش وراءه، ولما نظر اليهم الأعاجم يفعلون ذلك جعلوا يقولون: ديوان ديوان، أي مجانين مجانين، ثم ولَّوا مدبرين، فقتلهم المسلمون، وغنموا منهم مغانم كثيرة «ينظر أسد الغابة».
|