يقول الإمام الشافعي رأيك صواب يحتمل الخطأ ورأيي خطأ يحتمل الصواب، وفي مقولة الإمام الشافعي هذه عين الحكمة فلا يوجد شيء خطأ 100% ولا يوجد شيء صواب 100% فمسألة الصواب والخطأ خاضعة لقيود الزمان والمكان وخاضعة لقيود الزمان والمكان وخاضعة أيضا للظروف الاقتصادية والاجتماعية ولجميع المتغيرات خاصة النفسية. فما هو صوابٌ الآن قد يكون غداً خطأ، وما هو صواب في مكان قد يكون خطأ في مكان آخر لذا كان الحذر والحيطة في أي قرار أو حتى كلمة بل هناك من تمادى أكثر من هذا فذهبت بعض الفرق الإسلامية إلى التظاهر بأمر وإخفاء آخر أو التظاهر بشيء وإبطان أشياء ذلك خوفاً من الوقوع في الخطأ.. فما من شيء صواب إلا ويحتمل جزءاً من الخطأ وما من شيء خطأ إلا ويحتمل جزءاً من الصواب، وهذا ما يدعونا إلى عدم الإصرار على رأي والتشبث به وأنه لا حياة إلا به وإنما يدعونا إلى سماع رأي الآخرين فلا نصل في رأي إلى حد الاستماتة في سبيله، ولا نصل في رأي آخر إلى حد إهماله وعدم سماعه وإنما نتوسط في الأمر فلا مبالغة ولا تهوين وكما يقال لا تهويل ولا تهوي،ن وتكون الآراء المخالفة لنا داعمة لرأينا إذا راعيناها في أفكارنا وأطروحاتنا. وهذا التوسط أمر محمود إذ وصف القرآن الأمة الإسلامية به وحثهم عليه {وكّذّلٌكّ جّعّلًنّاكٍمً أٍمَّةْ وسّطْا لٌَتّكٍونٍوا شٍهّدّّاءّّ عّلّى النَّاسٌ} فهل بعد قول القرآن قول. فالله يعلم طبيعة النفس البشرية وما جبلت عليه، فالأمور الدنيوية تحتمل الخطأ والصواب، وتحتمل التغيير والاختلاف، ومن هنا نلمس حكمة الدين البالغة في الدعوة إلى التوسط أو الوسطية في الأشياء.. فالإنسان قد يشعر بالحزن أو الغيرة إذا شعر أنه أقل من إنسان آخر في المال والأولاد.. وقد يشعر بالسعادة إذا وجد أنه أفضل من آخر لا مال له ولا أولاد.. وكلا الشعورين ليس على صواب فلا الحزن صواب ولا السعادة صواب وإنما الصواب الاعتدال بين الشعورين والتوازن بينهما أي التوسط بينهما فالله قادر أن يقلب الموازين، إذن علينا بالتوسط في الأفكار والمشاعر فهو من الشكر أيضاً وهذا يضاف الى محاسنه الكثيرة.
|