أتصدقون أني منذ عرفت هذا القلم وهو يشق طريقه عبر صفحات «الرأي» وجدته خير رفيق.. ابوح له وللورق في بداية كل سنة دراسية بمثل هذه الكلمات. كنت قبلاً أكتب.. وأمزق ما كتبت.. لا أدري لماذا يخالجني شعور بأن ما يجول في خاطري يجب أن يطلع عليه غيري.. وتجري الأيام وفيها الحياة كأنها بحر متلاطم الأمواج، فساعة يكون ركود وهناء، وساعة في تماوج وشقاء، ولازلت أذكر أحداث السنة الماضية بكل تفاصيلها.. حلوها ومرها.. بحلاوة الفرح ومرارة الحزن.. بتلك الصباحات الباردة الممطرة.. والأمسيات التي تبين بالأمل للقاء فجر جديد.
* أذكر مواقف تحترق لها الأفئدة.. وتلعب الوجدان بالحزن المتوشم بالسواد عندما طالعت ذلك الطفل اليتيم الذي هدمت الحرب الظالمة بيته ونهش الظلم أجساد أهله، وهتك الباغي عرضه.. صور تفجر من العيون دماً وفي الحلقوم غصة ومرارة.
* أم تبكي طفلها الذي خرج في الصباح.. يحمل حقيبة ودفاتر كتبت فيها أمنياته وكان يحلم بأن يكون رجلاً ليدافع عن وطنه... ويرفع لبنة لبنائه ولكن لم يعد.
* أذكر من السنة الماضية أفراح بيت حلت فيه السعادة لنجاح أبنائه ، ولزفاف بناته، لهناء زوجين عقيمين، وقد مرَّت الأعين بالولد.
* اجعلوا هذه السنة «سنة الأحلام والآمال» سطروا الآمال «تلو الآمال» قال الشاعر:
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لو لا فسحة الأمل
تذكروا هذا البيت كل صباح، جربوه عندما تضيق الحال ستدب في العروق روح جديدة، وشعور بأن الأبواب المقفلة قد كسرت.
* سنة مرَّت شعرنا في اليوم الواحد منها بكل العواطف حب وكره، خوف شجاعة، غلظة وحنان..
أتذكرون بداية السنة الدراسية في العام المنصرم إنها تتردد بكل تفاصيلها:
استعد الأولاد بالحقائب يحلم ابن الرابعة والخامسة بأن يحمل كراسة بين سطورها كلمات بخطة المتعرج وتحتها نجمة زرقاء أو حمراء.
* سنة مرت ودَّعنا فيها جزءاً من عمر وعمل.. عمر محسوب، وعمل مرصود لنا، أو علينا وكتب في سجل الصبر عمل سنة كاملة فالخير جزاؤه الثواب والشر جزاؤه العقاب استقبلوا أيام هذا العام بالأمل والسعادة والحلم.
|