تشرفت بمشاهدة وحضور تكريم شخصية مهرجان «القرين» الثقافي الذي أُقيم مؤخراً بدولة الكويت، حيث جرت العادة في هذا المهرجان أن يتم اختيار شخصية عربية فكرية أو أدبية بحيث تنطبق عليها مجموعة من المعايير التي تأخذ ناصية الثقافة والفكر جل اهتمامها ووقتها، عبر مواقف ومحطات إبداعية متنوعة، وقد وقع الاختيار هذا العام على الأديب والشاعر الوزير «غازي القصيبي» الذي يملك العديد من صور الإبداع والتميز.
لقد دعته إدارة المهرجان إلى الكويت لتكريمه والاستماع إلى شيء من أدبه وفكره. حلق الوزير القصيبي في سماء الشعر فأبدع.. وأبحر في أعماق القصة والرواية فأذهل.. وخاض معارك الفكر والثقافة فانتصر.. وحمل راية الوطنية والدفاع عنها بكل شجاعة واقتدار، وإن تكريم الدكتور غازي القصيبي واختياره فارس الثقافة من قبل مهرجان القرين ووزير الإعلام الكويتي وتكريمه وسط حشد من السفراء والوزراء والإعلاميين والأدباء والشعراء وعشاق الأدب، في نظري لا يعد تكريماً لشخصية القصيبي وحسب.. وإنما هو تكريم لكل مواطن سعودي.
فالدكتور غازي لا يزال ومنذ اكثر من ربع قرن رائعا في مجال الابداع الثقافي والأدبي، والدبلوماسية، والعمل الاجتماعي والخيري، وخلق بصمات رائعة في تلك المجالات، والمتأمل في إنجازات القصيبي لا بد أن يدرك واسع موهبته وحضور شخصيته وتميُّزه، ولا شك أن اختيار هذه الشخصية التي تجمع في آن واحد: تقدير الشخصية وإنجازاته، وانعكاس ذلك بتشجيع الإبداع والتميز كان موفقاً.
كيف لا.. وقد أنجز - غير مواقفه - كتابة وتأليف وطباعة حوالي 62 كتاباً حتى الآن.. مما أثرى المكتبة العربية والذهنية العربية شعراً وأدبا بهذه النوعية الفريدة من الإصدارات.
في أعماله نجد أنه وهب نفسه وروحه لخدمة قضايا وطنه وأمته، فالوطن له تجليات في شعره تتجسد في الذكرى والانتصار، وللمكان أيضاً دلالات كثيرة عبر ما ردده من أسماء لأماكن سعودية وخليجية وعربية.
وتنتقل عاطفة القصيبي بحسب موقعها في المكان من قصيدة لأخرى ولغة غزل في وطنه المملكة العربية السعودية، ولغة ذكرى في مواقع عديدة ولغة القومية في شعره القومي.
لقد وقف الوزير القصيبي مدافعاً صلباً عن التشويه الذي علق بالمملكة بعد أحداث سبتمبر 2001م، وفند مزاعم وأكاذيب بعض وسائل الإعلام الغربية وكذلك اللوبي الصهيوني اللذين يسعيان دائماً إلى خلق خلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية والشعوب العربية والإسلامية.ووقف في وجه الطغاة الصهاينة وأشعل ناراً كريمة ومباركة عليهم وعلى من يساندهم في قصيدته «الشهداء» والتي عبرت عن إدانته لما يحدث في فلسطين من مجازر وجرائم حرب.
وقد أبدع كعادته في مهرجان الجنادرية مؤخراً وصفق له الجمهور بحماس عندما أنشد معزوفته السلمية وقال:
حمامة السلم حلمي أن أحطمها
وأن أعود بصقر يقنص الوجلا
لقد امتازت دواوين القصيبي بالتزامه بعمود الشعر القديم، كما سارت في مسار النهج الجديد للقصيدة الحديثة، لقد اصطاف في كل الاتجاهات الفنية التي تنقلك ما بين الواقعية والروحانية والرمزية، وفي أحيان عديدة جمع بين الاتجاهات اللغوية في ديوان واحد.. بل في قصيدة واحدة.
وللمرأة مكان واضح في شعر ونثر وأدب القصيبي، وقد تراءت في وجدانه بصور عدة، تلونت قضاياه التي شغلت ذهنه فكانت تعبر عن بيئات الشاعر المختلفة، إضافات إلى محاكاة التاريخ والسيرة النبوية الشريفة لتعود إلى دورها التي كفلتها لها الشريعة والسنة النبوية المطهرة.وهكذا يكون فارس الثقافة الدكتور غازي القصيبي الذي يبدع أينما تضعه، ويشدك حين يتحدث في كافة مجالات الحياة والأدب والسياسة والفكر والثقافة والشعر، فها هو يبارز بالكلمة.. ويهاجم بدون سلاح. وينتصر في كل المحافل.. فيحصد الجوائز دون منافس.. ولا يسعى لها.. بل تسعى إليه.تلكم صفات نتمنى أن تكون لصيقة لدى كل مفكر ومثفف سعودي يحمل راية وطنه ويدافع عن حقوقه وينتصر لأمته.. والله المستعان.
|