* المشاعر المقدسة حوار: محمد العيدروس
في قلب مشعر منى، يقع مبنى مركز القيادة والسيطرة الذي يتولى ادارة العمل الأمني بكافة انواعه لخدمة ضيوف الرحمن.
ويتولى قرابة ال100 ضابط و100 فرد المراقبة الدقيقة عبر الشبكات التلفزيونية لكل ما يمكن ان يتخيله الفرد وجميع ما يدور خلف الكواليس. وفي مركز القيادة يتم توجيه القطاعات الأمنية وتتخذ أهم القرارات واكثرها حساسية لخدمة مليوني حاج كل عام. «الجزيرة» زارت غرف مركز القيادة والسيطرة والتقت بالعميد/ عبدالعزيز بن سعيد قائد المركز.. ورصدت كيف تعمل 1039 كاميرا مراقبة حساسة يشرف عليها نخبة من أفضل ضباط القطاعات الأمنية مرور شرطة أمن جنائي مباحث عامة وغيرهم. إلى التفاصيل:
* أنتم تديرون أهم مركز أمني على مستوى الحج في المشاعر المقدسة.. ما هي المهام الأساسية لمركز القيادة والسيطرة هذا؟
نتمنى من المولى عز وجل ان يتمم ما تحقق من نجاح لخطط الحج التي يتم تنفيذها هذا العام، ويعود ضيوف الرحمن إلى ديارهم سالمين.
هذا المركز له اختصاصات متعددة واهمها: متابعة ما يدور على ارض الواقع في منطقة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة في منى ومزدلفة وعرفة بكل دقة ولحظة بلحظة على مدار الـ24 ساعة حيث يعمل المركز بصورة مستمرة منذ بداية المهمة حتى نهايتها.
نحن نسعى إلى تكوين رؤية واضحة امام متخذي القرار في كل ما يتعلق بتدبير أمور الحج، سواء فيما يتعلق بالجوانب الأمنية والمرورية أم ما يتعلق ببعض الخدمات التي يسهم مركز القيادة بشكل جيد في التعاون مع الأجهزة الخدماتية الأخرى المكلفة بمهمة الحج والمتعددة في مهامها واختصاصاتها سواء وزارة الحج أم أمانة العاصمة المقدسة ووزارة الصحة والهلال الأحمر والنقابة العامة للسيارات، والعديد من الجهات الأخرى المكلفة.
هذا المركز يحرص على المتابعة والرصد ويحرص على عنصر المبادرة وهذه من اهم واجباتنا التي كلفنا بها. ومن ثم المساهمة في تنفيذ الخطط بالصورة المحققة للاغراض التي اوجدت من آجلها ورصد ايجابياتها وسلبياتها.
والتنبيه ما أمكن على أي خلل في تنفيذ الخطط، كما اننا نضع القيادات دائماً على رؤية واضحة فيما يدور في ارض الميدان، ويهيئ لهم كل مايتعلق بالقرارات ويساهم في تمرير المعلومات والتنسيق المستمر بين فرق العمل المكلفة بالعمل في الحج.
وجميع الضباط العاملين في مركز القيادة والسيطرة يحرصون كل الحرص على أن يكون هناك سرعة في تفعيل الادوار وسرعة التنسيق لاتمام معالجة جميع الحالات على اختلاف انواعها.
كثير من المهام والاختصاصات التي قد يطول شرحها، ولكن هذه من أهم الخطوط العريضة لنا.
* حسناً.. هل مركز القيادة والسيطرة يتلقّى البلاغات ام ينحصر دوره في المراقبة ومن ثم التوجيه فقط؟؟
أرجو أن يكون للمركز من اسمه نصيب.
فمركز القيادة والسيطرة والتحكم لأمن الحج، يحمل في معناه اهدافه وواجباته.
فهو قيادة وسيطرة وتحكُّم.
لا نهدف للسيطرة كهدف، وانما لأجل ادارة العمل بالصورة المرضية والمحققة للآمال.
هذا المركز يباشر جميع ما يخطر على بالك من مهام في فترة الحج، سواء الأمنية أم التنسيقية أم المرورية... الخ.
نحن ننفذ كل شيء، ونسعى من خلال التشغيل لتحقيق الأهداف المرسومة له.
* ولكن سعادة العميد.. كيف تعالجون قضية التداخل والازدواجية في مهام اعمال الأجهزة الأمنية الأخرى؟
ما ذكرته، يدركه الأمن العام جيداً، ونعلم ان تداخل الاختصاصات مشكلة.
ولذلك عالجنا الوضع وليس لدينا أي تداخل في الاختصاصات.
على العكس.. نحن نعمل جميعاً كمنظومة عمل واحدة، تحت مسمى «الأمن العام».
ولكن لدينا تخصصات تمارس وهو مبدأ تفعيل التخصص وهذا تنظيم اداري مبني على نظريات علمية.
فاذا اردت ان تحقق الاهداف يجب ان يخصص تخصيص دقيق للمهام والواجبات لكل جهة وتحدَّد المسؤوليات حتى لا يكون هناك تداخل.
دورنا بالدرجة الأولى في الربط.. بين جميع هذه المنظومات وهذه التخصصات.. ويتحول المركز للمنسق الدائم لتفعيل ادوار الأمن العام بالتنسيق مع الدوائر والوزارات والمصالح المشاركة.
* افهم من حديثكم.. ان هناك ضباطاً من جميع القطاعات الأمنية لديكم هنا في المركز؟
هذا المركز يتم تشكيله في فترة المهمة.
وبصفتي قائداً لهذا المركز ولسنوات طويلة، فانني اعمل سنويا على الإحلال بصورة مستمرة.
في كل عام يتراوح من 30 إلى 25 وهذا يبني علي ما أجده من تقارير من المدراء المناوبين من المشاركين.. جميع العاملين في مركز القيادة يتم انتقاؤهم بعناية فائقة.
ولدينا أمر مفتوح من مدير الأمن العام بانتقاء من نريد من الضباط الاكفاء لادارة العمل.
باعتبار ان مواصفات العمل الأمنية لدينا في المركز، قد لا تتوافر في كل العاملين، ولكن المواصفات المقننة للمركز تختلف في شكلها ومضمونها.
اهمها قدرة الضابط على الاستنتاج والاستيعاب وسرعة البديهة وارتفاع نسبة الحس الأمني وان يجيد استخدام التقنيات الحديثة واجهزة الحاسوب.
ولذا.. نحن نعمل على تفعيل حسن الاختيار، لنقوم بمهامنا الأمنية والمرورية والتنسيقية ومهام الدفاع المدني وأمن الطرق وحرس الحدود ومهام المباحث العامة ومهام قوات الأمن الخاصة ومهام الأجهزة الحكومية المساندة.
وبالتالي نختار الضباط العاملين على شكل مجموعات عمل فنختار في مجال المرور من لهم سابق خبرة وهكذا في الأمن الجنائي ومراكز الشرطة.
ويساند ويساعد هؤلاء الضباط مندوبون من جميع المصالح والوزارات، ويساهم معنا في تنفيذ خططنا بالمركز ما يقارب الـ15 جهة حكومية مختلفة..
من شؤون الحرمين والمواصلات والتجارة والاتصالات والصحة والهلال الأحمر ومصلحة المياه ونقابة السيارات ووزارة المالية والعديد من الجهات ذات الاختصاص.
نحن نعمل جميعاً سويَّاً كمنظومة عمل واحدة، ويعمل الفريق على شكل 3 ورديات مناوبة.
* وماذا عن اعداد الضباط الذين يعملون في مركز القيادة والسيطرة والتحكم؟
نحن لا نركز على اعداد الضباط بقدر ما ننظر لكيفية الانتاج ومن هو الضابط المشارك.
اعدادنا تقارب الـ200 ضابط وفرد.
* دعني اسألك.. عميد عبدالعزيز.. ما هي ابرز الملاحظات التي رصدتموها خلال ايام الحج؟
نحمد الله.. فنحن اليوم في ايام التشريق.
وبتوفيق من الله لم يسجل في حج هذا العام، احداث تستحق ان توضح لاهميتها أو حساسيتها أو كبر حجمها، لم يحدث اطلاقا شيء، سوى ما حدث في يوم أمس الأول من وفاة 14 حاجا وحاجة بقضاء الله وقدره.
وأؤكد ان ما حدث ليس بسبب اخطاء في تنفيذ خطط أو اعمال تخريبية تمس بالأمن.
ما حدث سببه تزاحم وتدافع في احد الطرقات بسوق العرب في منى.. وكان لرجال الأمن دور متميز في استحواذ المشكلة والتقليل من الاصابات ومحاولة تفتيت هذه الجموع المتجهة لهذا الطريق.
* ولكن اين مركز القيادة والسيطرة.. من بداية المشكلة وهل انتم الذين وجهتهم الجهات المعنية لاتخاذ القرار؟
حتى اكون صادقاً معك.. نحن نتابع كل ما يدور في ارض الواقع. وفي أي موقع لدينا نقاط مراقبة وكاميرات ترصد ما يدور لغرفة العمليات.
ولكن ما حدث كان في وقت كان جميع التركيز يدور حول منطقة الجمرات. حيث لم نعهد في مثل هذه الساعة ان يكون هناك اختناق ثم يتفاقم الوضع.
ما حدث كان خطأ غير مقصود من قبل بعض الحجاج.. حيث عكسوا السير في طريق المشاة وتزامن ذلك مع وقوف احدى السيارات على جانبي الطريق، واصبحت الخلخلة في المسافة بين السيارة والجدار الحاجز لأحد المخيمات.
ثم بدأ نوع من المواجهة بين الحجاج وجهاً لوجه
... مجموعة كانت متجهة من الشرق إلى الغرب ومجموعة صغيرة متوجهة من الغرب إلى الشرق، لتحدث المشكلة في لحظات سريعة.
انت قد تكون قريبا من الكارثة بـ5 أمتار ولكنك لا تتوقع ماذا سيحدث بعد ذلك وهذه من تجربتنا والأمور كانت أسرع من «رمش العين».
وحتى لو كانت كاميرات المراقبة مسلطة على الموقع، قد لا تجد شيئاً بارزاً، فأنت ترى في حالة السقوط والتكوُّم ترى مجموعة من الناس ولكنك لا تعلم ماذا يدور في الداخل ما لم تكن بينهم.
اقول.. شبكات المراقبة كانت موجودة ولكن تركيزنا كان ينصب على الجمرات لاهمية الموقف.
نحن لا نغفل بقية المواقع.. ولكن هذا الموقع لم يكن محتملاً ان يكون به مثل هذه الأمور.
ولكن هذا قضاء الله، ونسأل الله ان يلهم اهلهم وذويهم الصبر والسلوان.
*من تجاربكم السابقة.. هل تعتقدون أن نسبة جرائم النشل قد انخفضت عنها في مواسم الحج السابقة؟ وهل مازالت تمثل هاجساً؟
أشاطرك القول.. لو قلت ان جرائم النشل كانت تشكل لنا فيما مضى هاجساً امنياً وارهاقاً امنيا في متابعة تلك الفئة التي تصطاد الاوقات التي تمكنهم من فعلتهم والمحافظة على عدم كشف هويتهم.
ولكن مع تطور التقنيات وتطور تأهيل رجال الامن، اصبح هناك نمواً في الجوانب الامنية.
وفي موسم الحج «تحديداً» اصبح لشبكات المراقبة التلفزيونية دوراً جيد واساسياً وفعالاً في متابعة مناطق الازدحام والاستدلال على من يقوم بهذا الامر.
المطمئن - عموما - ان جرائم النشل تتدنى موسماً بعد الآخر، وهذا يؤكد لنا حسن ادارة الجهات المختصة بمكافحة النشل ويدعونا لتطوير شبكات المراقبة سواء في الحرم او منطقة الجمرات.
علماً انها مسخر لها افضل التقنيات العالمية لمتابعة جميع ما يدور على ساحة هذه المواقع.
* هذا لا يعني انكم على اتصال مستمر بقيادة وزارة الداخلية وولاة الامر عموماً، وترفعون تقاريركم اولاً بأول؟
- المركز هو جزء من القيادة، وترتبط بقوات امن الحج.
ولكنه في حالة الظروف غير الطبيعية فهناك خطط معدة، وهناك قنوات اتصال مفتوحة.
ولقيادة المركز ان تنسق مع الجهات المختصة من اعلى مستوى، بما يحقق سرعة تمرير المعلومة وانجاز المهمة، واعطينا من الصلاحيات ما يأذن لنا بمثل هذه التصرفات ويحقق لنا سرعة التفعيل، لاننا نعمل في مركز القيادة والسيطرة ونحسب الزمن بالثانية وليس بالدقيقة ونحتاج لكل جزء من الثانية لكل مهمة.
* لنتحدث عن كاميرات المراقبة سعادة العميد كم عددها التي تغطي منطقة المشاعر المقدسة والحرم؟؟
- هي ليست وليدة اليوم عموماً نحن نسعى بما نجده من دعم على تطوير هذه الشبكة وتحسينها ويجب ان يعاد الفضل لاهله.. ونشيد بكل الاعتزاز بما يقدمه سمو مساعد وزير الداخلية للشئون الامنية من اهتمام واحتضان لهذا المركز وسموه منذ توليه مهام منصبه كان مستشعراً بالدور الذي يؤديه المركز.
ولذلك دعمه بكل ما يحقق تطويره، بمتابعة معالي مدير الامن العام، هذا المركز وفر له جميع التقنيات التي تساهم في متابعة المهمة ووضع القرار المناسب في المكان المناسب، واصبح احد اهم الصروح من نوعه عالمياً.
واعداد الكاميرات مجتمعة تبلغ 1039 كاميرا تغطي الحرم ومكة والمشاعر المقدسة، بما في ذلك الشبكة الخاصة بجسر الجمرات والشبكة الخاصة بمسجد نمرة.
مشاهد من مركز القيادة والسيطرة
* يتولى العمل وادارة شاشات المراقبة نخبة من أفضل ضباط القطاعات الأمنية.
ومن شروطهم الكفاءة والحس الأمني والاستنتاج ويعملون في مواقع تشبه ابراج المراقبة الجوية أو البحرية.
* تتناثر شاشات المراقبة التلفزيونية داخل المركز على شكل فضاء مفتوح مليء بالأجهزة اللاسلكية وغرف العمليات المفتوحة. وكل مجموعة ضباط يتولون شاشات معينة.
* يقول العميد عبدالعزيز بن سعيد وهو كفاءة امنية مقتدرة في الادارة.. ان لدى المركز اجهزة ترصد ما حدث قبل خمسة ايام بالصورة والاثبات ويمكن الرجوع اليها.
* نظم العمل داخل المركز بشكل مقنن.. فهناك شاشات خاصة للجمرات واخرى للطواف واخرى في عرفات واخرى في مزدلفة واخرى في منى واخرى في السعي.
* حينما يشك الضابط في أي حدث يتم تقريب الصورة وتحديده.
* يرفع المركز مع كل نهاية موسم تقريرا مفصلا للقيادة ولولاة الأمر بسلبيات وايجابيات ما حدث ليتم تلافيه في الحج القادم.
* جميع الرتب العسكرية تشاهدها في غرف المراقبة والجميع خلية نحل لا تهدأ بدءاً من العقيد إلى الملازم.
|