تحقيق: وسيلة محمود الحلبي
جاء العيد وبكل البهجة والسرور واستقبله المسلمون كافة في مشارق الأرض ومغاربها الجميع يبتهل فيه إلى الله عز وجل ويدعوه بالمغفرة والرحمة، الجميع يحتفل بمظاهر العيد.. ومهما اختلفت هذه المظاهر من عام لآخر أو من مكان إلى آخر إلا أنها تظل تحتل مكانة خاصة في نفوس الناس.. وللعيد أيام زمان نكهة خاصة وتبقى ذكرياته جميلة خاصة إذا سمعها الأحفاد من الأجداد فماذا يقول كبار السن عن مظاهر العيد سابقاً.
* التقينا في البدء الجد أبو عبدالله (72) عاماً فقال: كنا نبدأ الاستعداد للعيد قبل موعده بأسبوع حيث تقوم الأم وبناتها بحملة تنظيف شاملة وتستعد النساء للعيد بخياطة ملابس أفراد الأسرة بينما يقوم الرجال بجلب كل ما يحتاجه المنزل من خضراوات وحلويات استعداداً لاستقبال المهنئين بالعيد من الأهل والأقارب والجيران.. أما النساء والفتيات وبعض الرجال والصبيان فإنهم يقومون بوضع الحناء غير أن حنة الرجال تختلف عن حنة النساء فالرجل يكتفي بصبغ كفيه وقدميه فقط أما النساء والبنات فيتبعن أسلوب النقش على اليدين والرجلين.
ويرى الجد أبو عبدالله أن العيد زمان كان يتميز بالألفة والمحبة بين الناس وكان لا يشغلهم شيء سوى الزراعة والرعي حيث كانوا يجتمعون كل يوم من أيام العيد عند شخص ويتبادلون القصص والأشعار ويلعبون بعض الألعاب التي انقرضت الآن.
* أما الجدة أم خالد العتيبي (69) عاماً فتقول: كانت المرأة تحرص على نظافة بيتها بينما يحرص الرجال على نظافة الحي الذي يسكنونه وتتضافر الجهود بين الجميع على نظافة الحي طوال العام.
ثم يقوم النساء بطبخ الرز مع اللحم خاصة في العيد وكان الاستيقاظ للعيد يتم في الماضي مبكراً في الساعات الأولى لصباح العيد حيث يذهب الرجال والشباب إلى مصلى العيد مرتدين الملابس الجديدة التقليدية. وكان لباس الرجال يتألف آنذاك من الدشداشة (الثوب) والغترة والعقال والبشت لمن يرغب في ذلك وأكثرها انتشاراً العقال الأسود المصنوع من الصوف وكانت البشوت تصنع من الوبر ويطرز جوانبه بالزري.. وبعد العودة من صلاة العيد يبدأ الرجال بزيارة البيوت وتبدأ الاحتفالات للرجال حيث العروض الشعبية.. أما الاطفال فيزورون الأقارب والجيران طلباً للعيدية وأكل الحلويات.
* أما الجدة أم محمد الغامدي (67) عاماً فتقول: أصحو قبل صلاة الفجر وأوقظ الأولاد ووالدهم فيغتسلون ويذهبون لصلاة العيد وبعد أن يعودوا إلى المنزل أكون قد جهزت القهوة وبعد ذلك يبدأ ذبح الأضحية ثم نتناول طعام الإفطار من الكبدة ونقوم بعده بتوزيع اللحم على الأقارب والجيران المحتاجين.. ثم يلبس الأولاد ملابس العيد ويذهبون إلى زيارة الأقارب والجيران لتناول الحلوى أما الرجال فيذهبون إلى بيوت العائلة للسلام عليهم.
* بينما يقول الجد أبو أيمن نور (65) عاماً: أهم بند في العيد هو قيامنا بعملية الصلح بين الأطراف المتخاصمة حتى يأتي علينا والجميع في جو بهيج وقلوب صافية طاهرة.
وفي صباح العيد نذهب لصلاة العيد ثم نبدأ النحر وبعد ذلك نوزع الأضحية وتقوم أم العيال بصنع الإفطار من اللحم والكبد ثم نذهب لتبادل الزيارات..
أما الآن.. فالغالبية ينامون بعد الصلاة ويؤجلون الزيارات إلى المساء أو إلى ثاني أيام العيد حيث اكتفى هذا الجيل من الشباب بالمعايدة بالهاتف وبرسائل الجوال وغيرها مما سبب بعض القطيعة بين أفراد الأسرة الواحدة وهذا في اعتقادي يعد من مساوئ الطفرة التكنولوجية.
فيا ليت أيام زمان تعود ويختفي الجوال والإنترنت التي أخذت شبابنا وجعلتهم في وحدة ليس بعدها وحدة..
* وتقول الجدة أم عبيد الحارثي (72)عاماً..
«سقا الله أيام زمان يا بنتي».. كان الجميع يداً واحدة والصحن يكفي 10 والرغيف يكفي أربعة أما الآن فالجميع تجدهم على المطاعم والزوجات هجرن المطبخ والشغالات هم سيدات البيوت والشباب إما نائم وإما في المقاهي والبنات على الهاتف والتلفزيون والإنترنت.
«وين يا بنتي. أيام زمان كانت حلوة وكلها خير وبركة وكان للعيد مذاق خاص أما اليوم فيوم العيد كباقي أيام السنة.
الحج والأضحية فقط يذكراننا به. الله يهدي الأولاد إلى الصواب يارب العالمين.
* وقفة: ها هو العيد وهذا هو حال بعض أجدادنا وجداتنا فلنستغل هذا العيد المبارك لنرسم البهجة والسرور في قلوبهم... ولنعيد لهم بهجة أيام زمان.. إنهم أحق من يريدون الحنان والمحبة.. فلنصافحهم بقلوبنا... ونعايدهم.
وكل عام والجميع بخير.
|