* عمان الجزيرة خاص :
كشف رئيس الحكومة الإسرائيلية إريئيل شارون خلال لقائه مع رئيس حزب العمل عمرام متسناع عن لقاءات خاصة بينه وبين المسؤولين الفلسطينيين (محمود عباس أبو مازن ووزير المالية سلام فياض)، مشيراً إلى امكانية ظهور قيادة فلسطينية جديدة بديلة للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
وكان عمرام متسناع قد رفض دعوة شارون الانضمام إلى حكومة وحدة برئاسة شارون. وازاء هذا الرفض يحاول شارون البحث عن سبل جديدة لإغراء حزب العمل أو وضعه تحت الأمر الواقع واجباره على الانضمام إلى حكومة وحدة برئاسته. ومن أجل ذلك يستغل شارون صداقته وعلاقاته الحميمة مع شمعون بيرس، كما يستغل نقطة ضعف بيرس وشغفه في كرسي الوزارة، ويحاول استغلال ذلك كي يقوم بيرس باقناع عمرام متسناع وحزبه الانضمام إلى حكومة وحدة.
وكان شارون قد بدأ أمس يتحدث عن «خطة طوارىء قومية» لحل الصراع ولحل المشاكل الاقتصادية في إسرائيل، وقد سارع شمعون بيرس لتسويق هذه الخطة.
وتشتمل خطة آريئيل شارون على استبدال عرفات وايجاد قيادة فلسطينية جديدة، وقد لمّح شارون إلى علاقاته ولقاءاته الخاصة مع أبو مازن، وربما يعقد شارون الآمال على أبومازن ووزير المالية الفلسطيني فياض في هذه المهمة. كما تشتمل الخطة على انسحاب قوات الاحتلال إلى حدود الـ28 أيلول 2000، تجميد الاستيطان والعودة إلى طاولة المفاوضات، يسبقها إصلاحات جذرية في السلطة الفلسطينية.
كما تشتمل الخطة على جانب اقتصادي بهدف النهوض بالاقتصاد الإسرائيلي وانقاذه من أزمته.
وعلى هذه الخلفية بدأت قيادات داخل حزب العمل التلميح إلى امكانية الانضمام إلى حكومة شارون.
وقال شارون بهذا الصدد نحن في فترة انتظار: ننتظر حرب الخليج وفي هذه الاثناء نعد الأحابيل ونتخذ اساليب الحرب النفسية، والتضليل الاعلامي وصراع الظهور بصورة ملائمة ومدى المشاهدة الإعلامية العامة.
رجال شارون يدعون ان سلوك عمرام متسناع في اللقاء كان غريبا. ورجال متسناع يعتقدون بأن شارون تصرف بشكل غريب. ومهما يكن من امر فانه يمكن تشخيص الخطوط الاساسية للايام القادمة.
ووصف متسناع خطة شارون بأنها «شرك عسل متطور. شروطه المسبقة هي طرد صدام حسين من بغداد وعرفات من رام الله وتطبيق الاصلاحات في السلطة الفلسطينية». آريئيل شارون روى لي عن لقاءاته مع «فلسطينيين». وقد تباهى بزيارة ابومازن في مزرعة شكيميم. وكأن الأمر «يدور عن زيارة تاريخية» والأكثر اثارة للاهتمام: زيارات اكثر حداثة، اكثر واقعية، لوزير المالية الفلسطيني فياض في ذات المزرعة.وروى شارون بأن فياض يصل إليه إلى المزرعة وحده، سرا. «جاء ليأخذ مالا». شارون حاول ان يشرح لمتسناع بان هذا الأمر سيحصل على التو. عرفات في طريقه إلى الخارج، وفياض وابو مازن في طريقهما إلى الداخل. اما متسناع فلم يتأثر. انه يريد اخلاء مستوطنات نتساريم وكفار دروم.
ويتحدث مقربو شارون عن «خطة طوارئ» تتضمن سُكرة اسرائيلية: انسحاب الجيش الاسرائيلي إلى الخطوط ما قبل 28 ايلول 2000م، التجميد المطلق بما في ذلك الزيادة الطبيعية من المستوطنات، اخلاء مواقع استيطانية غير قانونية «اذا ما بقيت مثل هذه» فتح سوق العمل في اسرائيل واستئناف المفاوضات.
في المجال الاقتصادي، فان الخطة ستتضمن تغيير سلم الاولويات، تقليص كبير لابتزاز الاحزاب الصغيرة وتقليل المخصصات، اقامة صندوق طوارىء حكومي لصالح فرع التكنولوجيا العليا، على أمل رفع الاقتصاد بواسطته، مشروع خاص بفرع العقارات افراز سريع لاراضي دولة يشجع الصفقات ويوقظ الفرع ومعالجة خاصة للبنى التحتية تتضمن ادخال شركات هندسة وبنى تحتية امريكية إلى البلاد لحث النشاط. لكل هذا ستستخدم اموال الضمانات الامريكية والمساعدة الخاصة التي سيتم الحصول عليها، اذا ما تم ذلك، بعد الحرب.
وبحسب متسناع لقد طرح شارون خطة الكانتونات السبع كرؤيا سياسية للتسوية مع الفلسطينيين من طرفه. وقد ابلغ متسناع شارون بأنه في وقت الحرب مع العراق سيوافق على المشاركة في مداولات المجلس الوزاري اذا ما دعاه رئيس الوزراء مثلما فعل شمعون بيرس واسحق رابين اذ شاركا في جلسات المجلس الوزاري اثناء حرب الخليج رغم انهما لم يكونا في الحكومة.
وبعد اللقاء قال متسناع «شارون ليس مستعدا للكشف عن وجهه الحقيقي امام الجمهور الاسرائيلي الذي آمن بأنه في الولاية الثانية له ستكون مواقفه اكثر اعتدالا. وبقلق اقول انه لا يوجد في واقع الحال اي تغيير عن سياسة حكومة شارون الفاشلة في السنتين الاخيرتين. ان شارون يجعل من العمل اضحوكة».
وفي سياق اللقاء كرس شارون قسما واسعا للحديث عن مذهبه السياسي الذي يقوم على اساس خطته المعروفة لتقسيم الضفة الغربية الى سبع كانتونات «مقاطعات»، تتصل بينها بجسور وطرق وتشكل الدولة الفلسطينية. وشدد شارون في الحديث على الاهمية التاريخية للخليل للشعب اليهودي والاهمية الاستراتيجية لنتساريم في قطاع غزة على أمن الدولة العبرية والاشراف على ميناء غزة. كما علم ان شارون اشار إلى انه لن يوافق على حل كفار دروم لكونها رمزا للصمود في حرب الاستقلال الإسرائيلية على حد زعمه.
واوضح متسناع لشارون الى انه استنادا الى هذه المواقف فانه لايمكن الحديث عن الوحدة وادعى بأن الذنب في عدم اقامة حكومة الوحدة ملقاة على عاتقه. وابلغ متسناع كبار مسؤولي العمل باللقاء قائلا انه توجه في ختام اللقاء إلى شارون قائلا له: «اني متفاجىء جدا. ففي سياق الحملة الانتخابية سمحت لشعب اسرائيل بان يفهم بأنك معني بحكومة وحدة وستكون مستعدا لتنازلات أليمة. اما بعد ان سمعتك، فاني افهم بأن مواقفك لم تتغير». وبعد الحديث ادعى متسناع انه الآن واثق من ان شارون لم يتغير وان لا نية له ابدا في الوصول الى تسوية مع الفلسطينيين. وقال ان «ليس لخطته اي شريك في الطرف الآخر».
ويعمل متسناع، على تقديم موعد الانتخابات الداخلية في الحزب وإجرائها خلال أشهر، وذلك من أجل تعزيز مكانته في الحزب.
وقال متسناع «: لا أنوي ان أكون رئيساً بشكل جزئي. أريد أن أحظى بدعم أعضاء الحزب. فالمهام الملقاة على عاتقنا، بما في ذلك إعادة بناء الحزب وتقويته ليكون حزب معارضة قويا، يلزم أن يكون له رئيس ليقوده وليس رئيساً مع وقف التنفيذ».
وبموجب الدستور الخاص بحزب «العمل»، إذا قاد رئيس الحزب حزبه في الانتخابات وخسر أو أنه لم ينضم إلى حكومة تناوب، ففي هذه الحالة، يجب إجراء انتخابات جديدة لرئاسة الحزب خلال 14 شهراً من موعد الانتخابات. ومن ناحية التوقيت، فهو أنسب ما يكون بالنسبة لمتسناع لأن عدد المنتسبين الحالي سيبقى ساري المفعول، إضافة إلى 25 ألف عضو جديد انضموا إلى الحزب مع إعلان متسناع عن ترشيح نفسه لرئاسة حزب «العمل».
|