Thursday 13th february,2003 11095العدد الخميس 12 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بصراحة بصراحة
رسالتنا الإنسانية
لبنى وجدي الطحلاوي

في هذه الأيام المباركة نقول للعالم أجمع نحن أمة تمتلك أسمى رسالة انسانية عرفتها البشرية كافة منذ أن بدأت الخليقة إلى أن تقوم الساعة، سواء اعترف لنا الغرب أم أبى وتنكر لذلك.. فهذا لن يغير من حقيقة الأمر في شيء والإسلام لم يكن دينا وعقيدة فحسب، الإسلام مدنية كاملة شاملة حافلة بالعلم والثقافة وأسمى تعاليم الأخلاق لم تكن مدنية السيف والحرب، كما يروج البعض من أعداء الإسلام.لقد دون المؤرخون في الشرق والغرب وحتى في أوروبا أن الإسلام مدنية ذات يقظة ونهضة ووثوب، وبدأت بظهور الإسلام ونمت وترعرعت في ظل فتوحه، واستكملت قوتها بعد أن شملت الشرق والغرب، وانتصر الإسلام العظيم منذ فجره الأول وامتد في الآفاق لأنه منسجم في غاياته ووسائله وأهدافه ولأنه أسلوب سام متوازن بين ما هو مادي وما هو معنوي أي بين متطلبات الروح والجسد فتميز بالمرونة والانفتاح اللذين يعتبران مبدأين حضاريين أساسيين كما تميز بسماحته وكبريائه، فلم ينغلق اجتماعياً ولم ينعزل ثقافياً عن بقية الشعوب والبيئات الأخرى ولذلك تنوعت ثقافات الشعوب الإسلامية لكن بالرغم من ذلك ظل المجتمع المسلم يتميز بالوحدة والتنوع، و«القران الكريم» لم يكن كتاب دين وحسب بل مرجعاً لأكثر من ثلاثمائة علم في الشرع، واللغة، والتاريخ، والأدب، والفيزياء، والفلسفة، والفلك.. وغيرها من العلوم، ومعظم تلك العلوم نشأ من القرآن الكريم واستنبط من نصوصه وشمل شريعة وقوانين وأنظمة سياسية واجتماعية «صالحة لكل زمان ومكان» تكفل للانسان حقوقه وتصون كرامته.
كتب الأستاذ الجامعي والكاتب الكبير الأمريكي «دريبر» في كتابه «النزاع بين العلم والدين» كانت المملكة الإسلامية العربية ملكاً واسعاً يفوق المملكة الرومانية بكثير، وكانت مملوءة بالمدارس والكليات وكان في كل طرف من أطراف هذه المملكة الإسلامية العربية مرصد لرصد الكواكب وكان الأمراء والملوك المسلمون يتنافسون في الأقاليم على رعاية العلم والعلماء ونتيجة لتشجيعهم للعلماء انتشر الذوق العلمي في المساحة الشاسعة التي بين سمرقند وبخاري وإلى فاس وقرطبة.
وكان المسلمون الأوائل يعلمون العلم والحكمة للناس وكانوا بمثابة مصابيح العالم التي انتشلتهم من الجهالة والبربرية، فأول مدرسة انشئت في أوروبا هي المدرسة التي أسسها «العرب المسلمون» في «سالرن» بإيطاليا، وأول مرصد أقيم في أوروبا هو ما أقامه المسلمون في أشبيلية بإسبانيا، وبالحركة العلمية العظمى «التي قام بها المسلمون» رقوا العلوم القديمة رقياً كبيراً جداً، وأوجدوا علوماً أخرى لم تكن معروفة قبلهم، لقد كان في الأندلس وحدها أكثر من سبعين مكتبة عامة وعدد لا يحصى من المكاتب الخاصة،وشملت مكتبة الخلفاء في الأندلس على ستمائة ألف مجلد.
وبذل المسلمون الأوائل جهداً كبيراً في نشر العلم والتعليم، فأنشئوا الدور العلمية، وترجموا الكتب الفلسفية إلى العربية ودعوا العلماء الذين لم يعتنقوا الإسلام ليستفيدوا من علومهم، وعنوا عناية فائقة بالآداب والعلوم والفنون بطريقة لم يسبق لها مثيل.
ويتحدث «دريبر» في كتابه عن براعة المسلمين في العلوم الرياضية وتفوقهم في الحساب وحساب المثلثات والهندسة والجبر والعلوم الفلكية، ويقول هؤلاء العلماء الفلكيون من العرب المسلمين اخترعوا آلات الأرصاد وحساب الأزمنة بالساعات مختلفة الأشكال وآلات قياس أبعاد الكواكب، وأول من اكتشف الجبر والميكانيكا والايدروستاتيك «علم موازنة السوائل» والكيمياء ومحاليلها الشهيرة، واستخدام الكيمياء في الطب، لأنهم أول من نشر علم تحضير الأدوية العلاجية وأول من اخترع الحقن تحت الجلد واستخراج المعادن، وليست أوروبا الحديثة بأعلى ذوقاً ولا أرقى مدنية، ولا ألطف رونقاً من عواصم الأندلس في عهد العرب المسلمين، بينما دون التاريخ لأوروبا في تلك الحقبة ما يسمى بالقرون المظلمة «The Dark Ages».
* كما قال تعالى {يّرًفّعٌ اللَّهٍ َالّذٌينّ آمّنٍوا مٌنكٍمً وّالَّذٌينّ أٍوتٍوا العٌلًمّ دّرّجّاتُ*11*} *المجادلة: 11*.
ونحن في هذه الأيام الفضيلة علينا أن نكثر من الدعاء لله عز وجل أن يحمي أمتنا وشعوبنا العربية والإسلامية من كل خطر ومن كل شر محدق بها، وأن ينصرنا على أعدائنا، ويفك أسرى المسلمين وكربهم فهو القادر على كل شيء وهو السميع المجيب، القائل {ادًعٍونٌي أّسًتّجٌبً لّكٍمً } ، وندعو كل مواطن شريف في هذه البلاد أن يكون العين الساهرة على أمن وسلامة هذا الوطن بأن يكون على أعلى درجات المسؤولية والالتزام بأخلاق وتعاليم الدين الإسلامي السمح، فتلك رسالة مقدسة وواجب وطني وهو أقل ما يمكن أن تقدمه في هذه الأيام المباركة لخدمة الإسلام والمسلمين، ولهذا الوطن الغالي الذي أعطى الجميع وبسخاء ولم يأخذ شيئاً.. وعلى رأسه رجال من خيرة الرجال، حافظوا على العهد وعلى كتاب الله وسنة نبيهم، واتخذوهما دستوراً ومنهجاً لهم انهم رجال خير أمة أخرجت للناس {يّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّيّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ} كما ذكر الله في محكم كتابه.
وقفة:
* يسعدني في هذه الأيام المباركة أن أشيد بتلك اللفتة الانسانية للغاية للجمعية السعودية الخيرية لرعاية مرضى السرطان بالمنطقة الشرقية «تحت التأسيس» وأخص بذلك رئيس مجلس إدارتها الأستاذ الفاضل عبدالله العلمي على تطوعه وأعضاء الجمعية بالتنسيق مع الراغبين من المواطنين، لزيارة مرضى السرطان، في مستشفيات المنطقة الشرقية خلال عيد الأضحى المبارك، لدعمهم ومساندتهم من النواحي المعنوية والنفسية والاجتماعية والصحية وغيرها.. والذي يكافح منذ وقت ليخرج هذه الجمعية الخيرية للنور، والمجتمع في أمس الحاجة لذلك، فسجل المملكة للأورام يسجل سنوياً حوالي سبعة آلاف حالة من السرطان، وما خفي كان أعظم، وأشكرهم على تواصلهم معي عبر البريد الالكتروني واطلاعي أولاً بأول على كل ما يجد لديهم من أمور هامة تتعلق بهذه الرسالة السامية.ونتمنى لهذه الجمعية الخيرية وأعضائها الخيرين أن يوفقوا في أداء تلك الرسالة الانسانية السامية، وأن يجزيهم الله خير الجزاء على ما يقدمونه من خير.
وكل الشكر والتقدير:
* للأخ الكريم سليمان بن فهد المطلق على ما نشره في صفحة «عزيزي الجزيرة» ليوم الأربعاء 5 فبراير 2003م تعليقاً على سلسلة مقالاتي «الأحداث بعيون عربية» التي نشرت بصفحة مقالات بجريدة «الجزيرة» يوم الخميس 23 يناير والجمعة 24 يناير والخميس 30 يناير 2003م، معتبرة ما ذكره وساماً أعتز به كثيراً لأنه من أبناء وطني الغالي، الشرفاء المخلصين لدينهم ووطنهم.

فاكس: 6066701-02
ص.ب:4584-جدة: 21421

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved